جريدة الديار
الثلاثاء 16 أبريل 2024 12:36 مـ 7 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«راندا محمود» تكتب :الرحلة (٢) أدوات خلافتك الحلقة الثانية

راندا محمود
راندا محمود

القرآن الكريم والقصص القرآنى المذكورة به كما وضحت فى المقالة السابقة يحمل رموزا مشفرة فهو لم يخاطب فئة او فصيل أو جماعة بعينها لكن يخاطب كل الأوعية وكلا على قدر وعيه ، فهو فى الحقيقة يروى قصتنا من الأولين إلى الآخرين ، ويشرح وعينا الذى نمر به عبر رحلتنا الداخلية "الإسراء"، فالقرآن لن يتحدث عن ماضى بل هو آنى. الوعى الروحى هو عملية إدراك ما هو أبعد من المادة هو نور السموات والأرض أى البصيرة ، وفى الحقيقة هذا الوعى غير مرتبط بفئة عمرية محددة. وفى رحلة الوعى السماوى "الروحى" لابد أن تدرك هدفك وسبب هبوطبك هنا فى الأرض ، وأن تعرف نفسك وتدرك ماهيتها فإما أن تبق إنسانا بشريا آدميا أو تتطور روحيا لترتق وتعود لكينونتك الإلهية ،وهذا يتطلب منك التخلى عن أية أفكار مسبقة مكتسبة من الموروث فالخيار لك. وصف اللسان القرآني الإنسان بعدة صفات "جهولا ، ظلوما، عجولا، ضعيفا، قتورا " ، هذة الصفات أتت مع بدء التكليف وظهور الإنسان وحمله الأمانة ، وهى صفات الإنسان العادى إلى أن يتم بناء آدم البشرى حتى يرتقى ويصعد وتسجد له نفسه " إبليسه" والسجود معناه هو التخلى عن إرادته مقابل إرادة عليا. كانت بداية خلافة آدم فى الأرض هى تفعيل الأسماء فيه، فقد حدث جدال بين الله وملائكته بعد تسوية آدم ونفخ الروح فيه ، وهذا الجدال ليس على خلق آدم ولكن حدث إعتراضاً على خلافة آدم فى الأرض أى خلافتك أنت. الخليفة تعنى الإختلاف والإختلاف فى جوهره هو التسابق أو التصارع بين طرفين لإثبات الأحقية فى الفوز، طرف قام بتسفيه نفسه وهبوطها وتأخرها وطرف آخر قام بتفعيل علم الأسماء بداخله فتقدم ، ومن ينجو ويصعد هو المختار الذى إختار أن يبلغ الأسباب ويستوف الميزان ، فالخليفة تعنى تغيير المسار بداخلك من أجل التهيئة والتسوية. والآية الكريمة التى تؤكد مسيرتك كخليفة الله فى الأرض " سبحان الذى أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" ، أسرى إسراء أى الإنتقال من حالة إلى أخرى ، وليلا تعنى الظلام وتعنى فقدان النور "الوعى " ، و ليلا تأكيدا أن الرحلة قلبية ولا مجال للحواس المادية ، أما المسجد الحرام هو العقل اللاواعى " الباطن " المثقل بالبرمجة وهو أيضا مكان تفعيل التخلى عن إرادتك مقابل إرادة أعلى ، أما المسجد الاقصى هو العقل الواعى الذى تخلص من الموروث وهو كل ما إنفصل عنك وتم إقصاءه ، سميع بصير هما أدواتك فى الرحلة لتلقى العلم والمعرفة لفهم وإدراك رسائل الكون لك. فى الحقيقة جميعنا خاضعون لقانون الهبوط والصعود وتتوقف عملية السمو الروحى وفقاً لقدرتك على قراءة رسائل الكون، فبداخلك بذرة ربانية وعندما يحين دورك كخليفة الله يتم تفعيل الروح فيك التى نفخها الله فيك من روحه لتسمو. هبوط آدم كان بسبب دخوله عالم النسيان " إنسان ناسى" لنسيانه العهد مع الله، وليصعد مرة أخرى عليه ان يتذكر أسماء الله فيه ليخرج من دائرة النسيان، فليس صحيح كما ذكرت الأساطير أن حواء هي سبب الخطيئة وغواية آدم ليأكل من الشجرة ، فحواء هى النفس وتحوى الثنائية " النور والنار ". " ولا تقربا هذة الشجرة فتكونا من الظالمين " الشجرة هى "المادة" ، فسحر المادة ووهمها يضع غشاوة على البصيرة ويحجب الرؤية القلبية فتفقد اتصالك، وترمز أيضا الشجرة للعقل اللاواعى، وعندما تتحد النفس مع آدم سيصبح العقل واعى. فوهم المادة " الشجرة " يجعلك ترى كل شئ بعكس حقيقته، فمثلا ترى الحديث عن الوعى الروحى غباء وأن الحب كره، والجمال قبح ، والكرم طمع، والعطاء بخل، والطيبة خبث، حقيقتك داخلك ما أن تخلصت من وهم الشجرة عدت إليها وصعدت.. يتبع.