جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 12:55 مـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

سليمان التمياط يكتب : «المفتاح المكسور» الطفولة مفتاح التغيير في حياة الشعوب

سليمان التمياط
سليمان التمياط

عدم تحقيق النتائج المبتغاة لمجتمعاتنا ناتج عن عدم إدخال المؤشرات الصحيحة للحياة النافعة في العقل الباطن للطفل .لنفترض أن عقل الطفل مثل الأرض الممنوحة للزراعة فمن البديهيات أن أول من يضع البذور هي الأم .

حين نقول العبارة السابقة { مع عدم إغفال دور البيئة المحيطة المؤثرة في عالم التربية بعد أن تحورت و تطورت في الزمن الحاضر وأصبحت الحارة و المدرسة مكوناتها الشهيرة والأبرز في هذا التأثير } فكأننا بذلك نشير بأصابع الإتهام نحو الأم !؟ بينما الواقع الذي كان منذ مايضاهي القرنين من الزمن يقول العكس وهو أن الأم شملتها المؤثرات مثلها مثل غيرها كونها هي الأخرى كانت طفلاً تتلقى المدخلات بكل تنوعها ليؤدي بالتالي إلى سؤال ضخم : من أو ماهو الذي غير المدخلات الصالحة لبناء مجتمع جميل من خلال الطفل كلبنة قوية إلى أن وصلت مجتمعاتنا لما هي عليه بين أمم الأرض .

ولكن ماعلاقة الأم بذلك وماعلاقة العقل الباطن بالأم ؟ الأم هي أقرب الناس للطفل والمقصود بالقرب هنا ليس القرب الدموي فقط بل القرب النفسمكاني ؛ أي أنه يكون محاطاً بها اغلب وقته فهو يتلقى منها أغلب مدخلات عقله الباطن الذي سيؤثر في مستقبل نظرته للحياة ككل ويشكل شخصيته بمحتوياتها إن سلباً أو إيجاباً .

هي التي يتسلم الطفل منها مرتكزات عقله الباطن في أبسط وأدق تفاصيله والتي تترسخ في ذهنه الطفولي إلى شيخوخته . بكل تأكيد كانت هناك عوامل كثيرة اثرت على الأم في الشرق الأوسط مثل تعاقب السيطرات الخارجية عليه وأثرت تأثيراً سياسياً في تلك الحقبة قاد إلى تأثير إجتماعي وهذه التغييرات بالتالي أثرت على نمط حياة تلك المجتمعات بشكل عام وعلى دور الأم في الإنشاء بالذات .

الحياد عن هذا الجانب ( السياسي ) مستساغ لإنه سيبعدنا عن الحديث عن الأم ودورها في التغيير ويدخلنا في تشعبات تأخذ بِنَا بما لانستطيع معه منع التوسع غير المفيد . فلنقترب أكثر وأعمق ؛ تعمق في داخلك وعدد الأشياء التي اكتسبتها من امك بشكل مباشر او غير مباشر لعل ذلك يقودك للإقتراب من ما أعنيه ؛ إن كان هناك عدد لابأس به من المكتسبات الممدوحة ذلك مؤشر لنجاح المدخلات الأولية . نحن نتاج عقلنا الباطن على المدى القريب والطويل بكل حالاته إن سوءً ف سوء وإن حُسناً ف حسن وعقلنا الباطن نتاج من يغذيه وهي الأم إذاً نحن نتاج أمهاتنا بشكل أو بآخر .

لاذنب للأمهات في ذلك فهن في يومٍ من الأيام تأثر عقلهن الباطن بمن سبقهن وكان حولهن ومن حولهن تأثر بمن سبقه وهكذا ؛ فهي أيضاً في نهاية المطاف كائن يتأثر و يؤثر . فهناك في يومٍ من الأيام من شوه مدخلات عقول الأمهات الأوائل لتتناسل كل هذه المخرجات المشوهه في أجيالنا عبر السنين ( المئتي سنة الماضية ) مُشَّكِلةً سلسلةً آمل أن تفك حلقاتها ويعاد تركيبها في اسرع وأقرب وقت بالشكل الحقيقي المراد .

كيف لأم ليس لها القدرة على إتخاذ قرارً ما في أصغر المواقف ناهيك عن المواقف الكبيرة أن تزرع تلك القدرة على إتخاذ قرار في إبنها ؟! قطعاً لن يكتسب هذه الموهبة من فراغ .. إلا إذا وهبه الله وهذا استثناء لايحدث كثيراً .

ذلك مثال وجزء من بعض الأمور التي إفتقدتها الأمهات في وقتٍ من الأوقات وليس للحصر . ننتقل للجهة المقابلة من الموضوع ؛ ماذا تفعل الأم الفنلندية ، الدانمركية أو الكورية الجنوبية على سبيل المثال مقارنةً بأي أم عربية في الشرق الأوسط ؟ مالوسيلة او الطريقة التي تؤديها الأم هناك لأطفالها ونجحت في ذلك ؟ وكيف نجحت !؟ ومالظروف التي أنجحت ذلك ؟ ومن صنعها لها ؟ ماهي المعطيات التي يتقبلها طفل كلٍ منهما ويخزنها عقله الباطن ليكمل دورة الحياة المبتغاة ليصبح بعد ذلك إنساناً جيداً يفيد ويستفيد بينما الطفل العربي أقل جودةً في إنسانيته أو لنقل في حياته حين يكبر ؟ الأم ليست مدرسة كما قال بيت الشعر المعروف عن حافظ ابراهيم رحمه الله ولا يجب أن تكون كذلك وهذه أول وأهم نقاط الخلاف المفترض الإنتباه لها لإن تغيير تلك النظرة جزء من تصحيح الحال ومبتدأ التغيير للأحسن .

الأم هي الكون لطفلها ولمن حولها أيضاً والكون أشمل وأرحب وأجمل من أن يكون مدرسة ومن جدران المدارس .