جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 08:51 صـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
نائب محافظ البحيرة تشارك عبر تقنية الفيديو كونفرانس بورشة عمل تحضيرية للمراجعات الوطنية والمحلية الطوعية الأفريقية إحالة أوراق شقيقين وخالهما إلى المفتي أنهوا حياة والدهما بأسيوط الاتحاد الأوروبي يوسع العقوبات على إيران.. وإسرائيل: ”هذه مجرد البداية” انطلاق ملتقى التوظيف بكلية التربية بجامعة دمنهور فحص وترقيم 29 رأس ماشية في محطه الصفا بالخزان في البحيرة وزيرة التضامن بمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة: قدمت استقالتي عشان أشتغل مع يوسف شاهين ضبط 4 أشخاص أثناء التنقيب عن الاثارداخل منزل بسوهاج محافظ جنوب سيناء يفتتح معرض هوتكس الدولي لتجهيزات الفنادق بشرم الشيخ الداخلية تكشف تفاصيل إطلاق مهندس بترول النار أمام مدرسة البساتين ” صور ” سياحة النواب” تناقش طلب احاطة لتدشين حملة لوضع ” رأس البر” على خريطة السياحة العالمية اقتصادي يتوقع تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه لـ 40 جنيه الفترة المقبلة بعد دخول سيولة دولارية كبيرة لمصر انتحل صفة ضابط. ... اقتحام مهندس بترول مدرسة بالقاهرة وإطلاقه أعيرة نارية

علياء يسري تكتب: الفستان ....

عيناه المستقرتان في رأسه يلمعان في ظلمة الكحل، عينا رجل قد تجاوز السبعين من العمر الأرضي مما نعد ، ولكن لم تفارقه الطفولة طيلة البقاء ، طفولة السذاجة وقلة الحكمة وعبثية الفعل، نظر بهما بحدة إلى سقف بيته المتهالك ، وكأنه يقول في خاطرة نفسه : انت شاهد على حياتي ، كل ما فعلته كان تحت انتباهك ، وحدك من تقر مذنبا أو صالحا ، بارا كنت ام فاجرا ، إني لكافر بالسماء ولكني مؤمنُ بِك ، أعلم أنك لمادة ، يقولون أن المواد لا تشعر ولكن وحدها على الأرض من تصلح للحكم ، فرغم الخرس الذي يلحق بها إلا أن كل الأشياء التي تفتقر للروح أشرف ممن يتغذون عليها ،
قام من كرسيه مستندا على عكازه ، وبعد أن قام ظل يسرح في الظل ، نعم ظله ولكن من أين لي بهذا الظل ؟ هل لي وجود بعد موجودها ؟ ،
داعب شعره بااليسرى وهو يفكر : لماذا عساني قد قمت من مطرحي ، إلى ماذا كنت أرنو من جراء ذلك الفعل ، ااه لقد انتهينت ، عقلي لم يعد متزنا كما كان ، ربما اقتل نفسي ، وربما أشرب كأسا من جديد
رمى بعينيه بعيدا نحو صورة زفافه ، يتأمل فستان عروسته ، قائلا : كم كان رقيقا ليست ك موضة تلك الأيام السخيفة ، كانت ليلة جميلة حقا مثلها، ولكن كل شيء قد مضى الآن ، ياترى اين البدلة ؟ لقد كنت أبدو وسيما ، رجلا بحق فالآن صرت خردة ، لا أعلم ، لا اتذكر ، لم يعد لي فهم ..
وصل إلى خزانة الثياب ، إنه فارغ مما كان يسعى إليه ، آه ربما قد استأجرتها حينها لليلة ، لم أكن املك كفايتي من المال لاشتريها أصلا ، ااه حقا قد اصابني العمر ، تفحص باقي الثياب ، معظمها قد بلى و تهالك ، كان فوضويا بلا ترتيب وتنظيم ، كعادته الفوضوية منذ بدء الوعي الآثم ، كانت ملابسه وملابس زوجته مختلطين كموج البحر ، كان يتشاجر معها حين تفصل الاثنين ، كان يقول لها : لا اريد انفصالا في كل الأشياء ، نحن واحد وسنظل ،
يتذكر كل تلك الذكريات حين يرى آثارها قد شاعت في عينيه كشعاع ضوء قاسي ، ذكريات بقسوتها اشعلت فيه نارا لم يكن يعرف مصدرها ، لا يعرف إلا كنهه غاضبا في تلك اللحظة غضب يرغمه على إنهاء المسألة ! ،
اسقط كل الملابس أرضا صار يقذفها في كل مكان ، كطلقات رصاص لقاتل ينتحر، اشتعل جنونه حتى أن عكازه سقط معها ، هو مشتعل الآن وقادر ان يصمد ، يصمد لأكثر من لحظة ، يصمد هو في حين يسقط كل أقنعة جسديهما على مدار ربع تقريبا استعملاها معا ، تشاركاها نظراتهما بين الشهوة والشعور بالألفة ، والسكون ، وتارة العراك السامي ك سمو امرأة تعلن عن غضبها واختناقها ومللها بنظرة استعطاف ، و كعراك رجل متدني ، يعلن عن وقاحة جوفه يضربها يُعنفها يقسو على أنوثتها وهي صامتة بكل أنوثة ! يتذكر مع سقوط ملابسهما ، سقوطه هو ، حين كان معها ، وعلوها هي وارتفاعها ،
آه كنتِ الخير الوحيد الذي لمسته شروري فآمنت ثم كفرت ثم آمنت وانا الآن أصلي !
والآن يرى الفستان ، آه قد نسيته ، وهو من يومها محفوظ في بيتنا ، من يوم تلك الليلة ، رغم كل قسوتي وشراستي لم تمزق منه سنتيمترا واحدا ، لقد حافظت عليه ك مصحف ، قرآن عاشقة ، كم كنتِ لي عاشقة !
والحسرات ترسم خطوطها على وجهه فتكشف قبح جُرمه ، يخالطه بهاء يخرج من عينيه لقداسة ما يرى ، خليط مجنون يجعل منه مجنونا ، فستان قديسته التي كانت ترى في خيانته أمرا يستلزم مزيدا من الصلاة ، وفي سرده لاقتحامه عضو أخرى، مأساة يجب أن تقف فيها بجواره بالدعاء ،و في إهانتها لعقلها ساعة غضب وستذهب،
يرى والبهاء يخرج من عينيه على هيئة دموع مليئة بحسرة نادم ، و فرح هائم ، أنا الآن أرى الله ،
هو يقول ، أنا الآن ارى ما هو أعلى من سقف منزلي ،
احتضن الفستان في صدره ، ليسقط على الأرض ، كل تلك اللحظات و قدماه صامدتان ، صامدتان في هواء الهوى ، وحين اغتنم الوجود من موجوده فقد ود الصمود ،
امسك بفستانه حتى لا يلامس الأرض ، وهل يلامس أسفل العالي ؟ ذهب إلى الكومدينو المجاور لسريره ، زجاجة خمر و كأس ، قداحة وعلبة سجائر فارغة في أعلى المشهد ، امسك بالزجاجة و أغرق الفستان بالكلية ، كما غرقت هي فيه ، الآن يغرق قرآنها معها
نعم هذا ما فعلته معكِ يا عزيزتي ! كل ما فعلت
جلس على سريره وبجانبه الفستان المُدنس بكبرياء أعوج ،
اقتلع كل ملابسه ك مُختل في العشرين ، ليرتدي الفستان ... أخيرا قد فعلتها قالها عاليا انا الآن ك عذراء من جديد ولكن لكِ ،
ثم التقط القداحة من الجوار واشعل الفستان في نفسه ، أشعل نفسه بنفسه ، وهو يرى زوجته تشتعل ، يرى حبيبته ماسكة بيده إلى الجحيم ، وكأنها تنتظر تلك اللمسة منذ زمن ، منذ حينها ، تحدق في عينيه وعلى وجهها ابتسامة لقاء جديد ، هامسة بروح العذاب هل لي ستأتي ؟
ابتعد عن ابتسامتها ك مخاصم يخجل من فعلته ، ومجرم يبتعد عن مسرح الجريمة ، لينشغل بجريمته! و ألقى بثقل جسده على السرير وهو ينظر للسقف مخاطبا إياه ، وسط دخان احتراق اللحم ،
لتشهد لي أنني احترقت أيضا لأجلها ، وإني بعفاف ثوبها ودناسة خطيئتي إليك لماضي