جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 04:38 صـ 18 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

علياء يسري تكتب: فداء لم يتم

لا تمت ، ربما الموت نهاية مريحة لك ، ولكنها ستكون قاتلة لي ، يقولون أن راحة المحب من راحة محبوبه ولكن هنا اللعبة تختلف ، لا تمت عزيزي ، حارب لأجلي ، ربما أنا لست الأفضل ، صديقتك مها في العمل اجمل جسما مني، و عيون جارتنا ، تلك التي تحدق فيك من عيون بابها كلما طرقت بابي ، هي أجمل أيضا ، ربما رائحة جسدي ليست هي الأروع ، اعترف حتى أنني لا أهتم حتى بالعطور ، ولا بمساحيق التجميل ، ربما لا أجيد أن اكون سيدة بمعايير عصرنا حتى ، لم اكن اهتم إلا أن أحبك ،حتى هذه لم أكن فيها الأفضل ، ولكن ابق معي ، لا لأجلي ، فأنا لا استحق زواجك ، ابق لأجلك ، لاجل استحقاقاتك ، لأجل نورك الذي أنار مدينتي ، تلك التي كانت خربة في غيبتك ، تلك التي كانت بلا روح ، فكانت تجيد الغرق في محيط من يأس الحاجة وفراغ المعاني المهيب بعدميته ، ابق معي ، لا تغادر فعيناك المغلقة الآن هي رمز نهايتي ، رمز لانغلاق كل أبوابي ، كل رجائي صار مبعثرا في الهواء ، ك دخان أخرجته أنفاس آيسة ، أما يداك الموضوعتان فوق بعضهما على بطنك ، تلك التي في لمستها نجاة من هلاكي المحقق ، يداك يمين الرب التي استعلنت لي عن حبها غير المشروط ، في ذلك العالم الذي تشترط الحياة فيه بالجسد ، احببتني أنت بالروح ، تلك الفنون الذي لا يجيدها إلا كل رباني ، يجيد من العدم الخلق ، ومن انعدام الأمل منفذ نور ، ابق معي ولو ساعة تفتح فيها عيناك على صباح عيد ميلاد زواجنا العشرين ، فلترسل لي حتى بالإشارات ، نزلت دموعها ، دموع الياسمين في حقل ربيع لم تشرق فيه شمس الدفأ ، فلامست دموعها يديه ، فسارعت تلعق أثر دموعها ، اتعلم اني لا اريد أن أبقى ؟ ، ان اوجد وانت غير موجود ، ثلاث سنوات حبيبي بالضبط وانت في * الكومة " وانت فاقد الوعي إثر حادث سيارتك الأليم ، اتتذكر لقد قلت لك لا تذهب هذا المشوار قلبي مقبوض عليك ، ولكنك اصررت ان تجلب لي الحلوى من أسفل ، فأين حلوتي حبيبي؟
ثلاث سنوات مرت وانا أغرق ، وانا اتنفس سم الغياب ، سم الأحاديث الجانبية ، لا تبقِ معه ، انتِ وفية أكثر من اللازم ، مصاريف تُدفع على الفاضي ، دعيه يموت في صمت و عيشي أنتَِ ، غير بقية الرجال الذين يرون أني بلا رجل ، تخيل يقولون اني بلا رجل وأنت موجود سيدي ، ولكن كل من كان يقول لي هذا كنت اخرسه ، كنت ابتعد عنه فلا يخاطبه لساني مجددا ، ولكن متى تستيقظ فتخرسهم أنت ؟ ، أعلم انك أقوى منهم جميعا ، اتتذكر ايام النادي ، كنت تعشق الملاكمة ، والسباحة ، وكنت تسخر من كسلي لما أنت كسول الآن يا عمري ؟!
ولما أبقى بعدك ، فأنا عاقر كما تعلم ، لم انجب طفلك الذي تمنيت ، وفي الوقت الذي كنت فيه انا لا أطيق معاناة اني لا استطيع ان اكون أما ..كنت انت من تطيق كونك غير أب ،كنت تهون ألمي ، واما الآن فأنا لا أعرف كيف احيا دونك ،صرت اتالم فقط لاني لم نجب منك طفلك الذي كنت سأراه فيك ، كم انا أنانية في قولي هذا ولكني غير هذا ، أتعلم لقد قررت شيئا منذ شهر، قررت أن أفديك ، كما فدى يسوع البشرية ، وكما فدى كثيرون من يحبونهم ، انت تستحق ان افديك ، تستحق رجولتك أن تعامل بالمثل ، لقد ذهبت إلى راهب هذا الصباح كما طلب مني ، هو من أشار لي بالفكرة و رأيتها جيدة وانك ستقوم بعدي بقليل وربما في اليوم الثالث أيضا ،

لقد قال قال لي سأخبرك بيوم التنفيذ وحين سألته قال لي هذه امور خاصة نعلمها نحن وان للسماء علامات على أهل الأرض ان ينقادوا بها ، وصادف يومه يومنا ، عيد زواجنا ، اليست صدفة رهيبة عزيزي ؟ ، انا ايضا قد انبهرت

سامحني انا لم اعد اتحمل ، اريدك ان تحيا حتى لو على حساب حياتي ، أتعلم ؟ اليوم قرأ علي جسدي صلاة وجعل مني قربانا لك وكتب على ظهري باسمك ، كتب بدمي طبعا ، ذبيحة تشهد لحمها بالغفران ، ودماؤها الصارخة بالتضحية... سأضحي ، وهذا حق لا تفضل ،
لقد كنت لي حاميا ف الحياة ، جدار و حائط صد ضد والدتك حين رفضتني ، والأمومة حين فارقتني ، والكانسر حين أصابني ف أصبته ، كنت معي في كل تنهيدة ، والآن كل تنهيداتي وأنين وجودي يشهد لك ،
احضرت من شنطتها سكينا حاميا و اظهرتها في وجهه كأنها تقول ، ها أنا ماضية في فدائي إليك ، وضعتها ع عنقها وقالت : باسم الرب خالق الفداء و التضحية ، الحب والألم ، واجد المعبودين والعبودية ، والأحرار والحرية ، الصانع السلام في القلوب ، والمحارب متى وجدت المعركة ، باسم الرب الذي وضع في قلبي محبتك ، وأسكن في عروقي خمرك ، و طيبك الذي كسرته المجدلية على قدمك ها أنا الآن أكسره على عنقي كي اجعل مني قربانا تحييه من موته و تميتني في محياه ، وذبحت نفسها ، اطاحت بالسكين على عنقها فسقطت الدماء بغزارة و امتلات نظراتها بالزعر وامتلأ جسدها بالألم ، ألم الفداء .. ألم الحلوى
وفي تلك اللحظة أشرقت عيون محبوبها علي غروبها ، في تلك اللحظة استيقظ وعيه على مشهد الفداء ، على الذبيحة حين تُذبح ، فأصاب الهلع عينيهما ، هي ترى محبوبه الآن مذعورا خائفا ، وهو يرى معشوقته تستغيث بصوت الموتى المبحوح ،

هي الفاعل وهي المفعول ولكن لا رجعة الان .. سقطت على جسده بكامل جسمها في احتضان إجباري مخيف، وعيناها تباشر عينيه، حضن مودع مجبور على الفراق الأبدي ، واستمرت عينيهما في الاحتضان الخائف للحظات قليلة، كاحتضان طفلين محبين مذعورين من مكان جديد لا يفقهه وجودهما ، حتى وصلا فانطفأ النور .