جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 03:36 صـ 18 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب: الأنباط حاربوا اليهود وتحدثوا العربية ..فما هى حكايتهم ؟!

الأنباط "النبط" <<169 قبل الميلاد - 106 ميلادية >> شعوب عربية قديمة قامت فى صحراء النقب وسيناء والأردن وأجزاء من شمال شبه الجزيرة العربية وهى مملكة عربية قديمة كانت لغتهم الرسمية هى اللغة الآرامية بلهجة نبطية لكنهم كانوا يتحدثون اللغة العربية فى حياتهم اليومية وهو ما يستدل عليه من خلال النقوش والواجهات الخاصة بالمدافن الخاصة بالأنباط في مدائن صالح وجنوب الأردن؛ إذ كتبوا النقوش بلهجة عربية بحرف آرامى . كانت عاصمتهم مدينة البتراء فى الأردن وكانت محطة إستراتيجية واقعة على طريق البخور " طريق تجارة القوافل قديمًا، ومعبر تجارى دولى بين الشرق والغرب. يبدأ من سواحل اليمن على بحر العرب إلى شمال البحر المتوسط، مرورًا باليمن وجنوب الجزيرة العربية " إذ أنها تقع على مفترق طرق القوافل القادمة من اليمن وتربطها بالشام ومصر والبحر الأبيض المتوسط. ذهب بعض الباحثين إلى أن أصل الأنباط جاء من "نبايوت" الوارد في التوراة "سفر التكوين " ونبايوت هذا هو بكر اسماعيل حسب التوراة، فيما ربط البعض الآخر الأنباط باسم "نبيت" الوارد في سجلات الملك الأشوري تجلات بلاسر "727-745 ق.م" غير أنَّ ثمة مؤشرات لغوية تدحض أي رابطة بين "نبيت " ونبطو، إذ أن الأنباط عرفوا أنفسهم "بنبطو" من خلال نقوشهم، وبذلك فإن الاسم الأشوري لا يمكن مقاربته لاسم الأنباط في ضوء اختلاف حرفين أساسيين بين الاسمين، وعلاوة على ذلك، فإن ورود الاسم في سجلات تجلات بلاسر كان أسبق بكثير على ظهور الأنباط المعروف في القرن الرابع قبل الميلاد. أي بفارق أربعة قرون من السنوات. وأشارت بعض الاجتهادات إلى أن الأنباط قدموا من الساحل الغربي للخليج العربي، فيما أشارت اجتهادات أخرى لكونهم قدموا من جنوب بلاد الرافدين لورود اسم الأنباط من بين القبائل الرافدية "النبطيين" وخصوصا في كتب الإخباريين المسلمين، وهؤلاء النبط غير أنباط العرب، لأنهم أعاجم مع أنهم تكلموا اللغة الآرامية، واشتبه الاسم على الإخباريين المسلمين لاشتهار هؤلاء بالزراعة واستنباط الماء من الأرض. وبعض النصوص التاريخية مثل (Pliny) أشارت إلى أنهم كانوا قد استوطنوا جزيرة في البحر الأحمر قبل أن يدحرهم أو يطردهم الأسطول المصري، وهذا أمر فى غاية الدهشة ، حيث أننا نعرف من خلال بحثنا أن الأنباط إنما هم الأكثر ارتباطا بالصحراء والقوافل التجارية، غير أن آراء جميع الباحثين في تعيين الموطن الأصلى للأنباط متفقة على شئ واحد هو تحديدهم للمنطقة الكبرى التي كانت منبتهم أى الجزيرة العربية، غير أن آراءهم تفترق حول تحديد الناحية المعنية من تلك الجزيرة، هل هي الحجاز، أم جنوبى منطقة الجوف، أم منطقة الخليج أم جنوبى الجزيرة العربية؟ وسنظل نجهل متى احتلوا منطقة الصخرة "أى البتراء" ما دام أقدم أخبارهم لا تتجاوز أواخر القرن الرابع إلى ما قبله. لكن هذا الحدث جرى بالتأكيد عقب نهاية دولة الأدوميين سكان البتراء السابقين على الأنباط، وذلك إما عقب حملة "نابونئيد الأشورى" -552 ق.م- الشهيرة أو عقب ذلك بقليل إثر حملة قمبيز الفارسي -525 ق.م- التي ربما أجهزت على الأدوميين أو ما تبقى لهم من كيان سياسي، لكن دون القضاء على البنى الاجتماعية والعشائرية لهم، حيث سيظهر الأدوميين مرة أخرى بأشكال متنوعة في تاريخ المنطقة، وقد توجوا هذا الظهور السياسي في العهد الروماني ببناء أسرة حاكمة استطاعت نزع الحكم من المكابيين اليهود في فلسطين وتمكنت أيضا من توسيع حدود ولايتهم كما لم تكن من قبل.
كان اهتمام مملكة الأنباط قليلاً بسلسلة الواحات المنتشرة التي كانت ضمن مملكتهم ومارسوا الزراعة بشكل محدود ولم تكن حدودهم مع الصحراء مؤمّنة بشكل يمنع غزوهم . فقد تعرضت المملكة لخسارة استقلالها في عهد الإمبراطور الروماني تراجان.
تمكن الأنباط من إستغلال موقع بلادهم لمرور شرايين التجارة بين الشام واليمن ؛ وكذلك قاموا بالوساطة في نقل التجارة بين مصر والشام وأماكن أخرى من شبه الجزيرة العربية ففرضوا ضرائب على التجارة والتّجار. وقد كان ميناء غزة المفضل لدى الأنباط لقربه من البتراء، بالإضافة إلى أنهم شقوا قنوات الرى واهتموا بالزراعة واستغلال أرضهم وما فيها من موارد طبيعية وتعلموا واتقنوا استغلال مناجم النحاس والحديد؛ كما ضربوا النقود على الطريقة الشامية وجمعوا ثروات عظيمة نتيجة لإزدهارهم الإقتصادى . نشأت مملكة الأنباط في الأردن والنقب والمنطقة الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية، في المكان الذى عرف باسم "بلاد العرب الحجرية أو الصخرية عند الإغريق والرومان.
كانت دولة الأنباط تمتد من حدود دمشق شمالاً إلى حدود العلا جنوباً، ومن بادية الشام شرقاً مروراً إلى صحراء النقب وشبه جزيرة سيناء غرباً.
وفي أوج إتساعها ,أمتدت دولة الأنباط من منطقة دمشق إلى شبه جزيرة سيناء ,وشملت صحراء النقب وسهل البقاع وضمت الأجزاء الجنوبية والشرقية من فلسطين وأقاليم حوران وأدوم وردان وأجزاء من ساحل البحر الأحمر . لقد كان الانباط يطلقون على انفسهم اسم "النبط" وهي قبيلة بدوية كانت تنتشر في سيناء والنقب منذ القرن السادس قبل الميلاد .وفي القرن الثانى قبل الميلاد احتلوا مناطق الادوميين في الأردن واقاموا مملكة الأنباط وجعلوا "الرقيم" عاصمتهم وكذلك تمكنوا من اخضاع عدة شعوب أخرى كالاراميين والكنعانيين والقيداريين والعمونيون والمدينيين في المنطقة الممتدة بين دمشق وسيناء. وتمددوا لمنطقة العلا واتخذوا من الحجر "مدائن صالح" مدافن لاثرياءهم وسادة القوم والمسؤولين النبطيين.
أطلق العرب في العصر الإسلامي تسمية النبط على سكان جنوب العراق والمندائيين متحدثى اللغة الآرامية فى العراق وعلى سريان سوريا اضافة لاستعمال مصطلح السريان بالرغم ان السريان وسكان العراق لم يطلقوا على انفسهم تسمية النبط. ولم تتواجد قبيلة النبط الأردنية في مناطقهم.
ذكروا في النصوص الآشورية انهم يعيشون في بادية الشام وانهم تحالفوا مع قبيلة قيدار الإسماعيلية وورد فى النصوص الآشورية أن "ملك قمرو" ابن "عميطع" سيد قبيلة "مسئا" الإسماعيلية غزا قبيلة نبطى، وقتل عدداً من أتباعها, وتطلق النصوص الآشورية تسمية "العرب" على القيداريين لكنها لا تطلق هذه التسمية على النبط.
وكان حارثة أول ملك نبطى ذكرته النقوش سنة 169 قبل الميلاد,.
وكان أول اتصال سياسى بين الأنباط وروما سنة 65 قبل الميلاد حين زار القائد الرومانى بومبى مدينة البتراء, ومنذ ذلك الحين نشأ تحالف بين الرومان والنبط وأصبحت مملكة النبط الفاصل بين البلدان الخاضعة للحكم الرومانى وبين القبائل البدوية القاطنة في شبة الجزيرة العربية.
وللحديث بقية
المراجع:
1-- كتاب " الأنباط : تاريخ وحضارة

2- جواد على، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج3، ط3، بيروت – مكتبة النهضة، 1976 / ص12
3- د.إحسان عباس، تاريخ دولة الأنباط، عمان – منشورات وزارة الثقافة، 2007/ص 23.
4- هشام أبو حاكمة، الأساطير المؤسسة للتاريخ الإسرائيلي القديم، ط1، عمان – دار الجليل، 2007/ص217
5- تاريخ دولة الأنباط – احسان عباس- الطبعة الأولى 1987 دار الشروق – الأردن