جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:10 مـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد حبيب يكتب: المؤتمر العالمي للإفتاء وأهميته في التصدي للفوضى الفكرية

محمد محمود حبيب
محمد محمود حبيب

إن غياب الأمن والاستقرار من أهم إفرازات العنف والإرهاب. والأمن حاجة إنسانية مُلحة، ومطلبٌ فطري لا تستقيم الحياة بدونه، وهو من أهم مقومات السعادة والاستقرار، وأهم أسباب التقدم والرقي، وهو مطلب تتفق على أهميته جميع المجتمعات. وإذا فقِد الأمن اضطربت النفوس، وسيطر عليها الخوف والقلق، وتعطلت مصالح الناس، وانقبضوا عن السعي والكسب، وانحصرت هممهم بتأمين أنفسهم ومَن تحت أيديهم، ودفْع الظلم والعدوان الواقع أو المتوقع عليهم.

وللإسلام منهجه المتفرد في تحقيق الأمن ومكافحة العنف؛ فهو يهتم بالجوانب التربوية والوقائية التي تمنع وقوع العنف أصلًا، كما يهتم بالجوانب العقابية، التي تمحو آثاره، وتمنع من معاودته وتكراره.

ومن العجب ما نشاهده في بعض البلدان الإسلامية من وقوع المنازعات وفي بعض الأحيان يتطور الأمر إلى المصادمات والمشادات الكلامية والتراشق بالاتهامات والتبديع والتكفير بسبب مسائل فرعية وخلافات فقهية غير معتبرة لا ينبغي أن تكون مثارًا للنـزاع، ومنبعًا للفتنة، كرفع اليدين في الصلاة، والقنوت في صلاة الفجر، ونحـو ذلك مـن المسائل فضلًا عن العنف والإرهاب، ومـرد ذلك هو الجهل بفقه الخلاف، ومـا ينبغي على المسلم عمله تجاه من يخالفه في الرأي، فمن المهم جداً معرفة فقه الخلاف وهو الموضوع الذي تسبب إغفاله وإهماله من قِبَل بعض الشباب المتحمس إلى الحالة التي لا تحسد عليها أمتنا الإسلامية من الضعف والافتراق سببت فوضى فكرية.

ووجود الاختلاف والتعدد في الرؤى هو آية من آيات الله، والذي يسعى لإلغاء هذا التّعدّد كلية، فإنما يطلب أمراً مستبعداً، لذا كان لابد من الاعتراف بالاختلاف.

والاعتراف بوقوع هذا الخلاف لا يعني إقرار هذه المختلفات ولا تسويغ الاختلاف فيها، لكنه يفرض على أهل الحق أن يتصدوا لهداية من قدروا على هدايته من المختلفين عنهم، مع يقينهم بالعجز عن إنقاذ الكثيرين ممن اختار العماية.

وهذا الأمر لا يكمل إلا بإدارة الخلاف الفقهي إدارة حضارية ورشيدة، وهذا الأمر قد تنبهت له دار الإفتاء المصرية فقد أعلنت أن مؤتمرها السنوي العالمي في نسخته الخامسة، الذي يعقد تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي يرأسها فضيلة مولانا الإمام مفتي الجمهورية الأستاذ الدكتور شوقي علام، والتي يتولى أمانتها العامة الدكتور إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لفضيلة المفتي سيناقش موضوع "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي"، وذلك في الفترة من 15 إلى 16 أكتوبر، وبرعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، فكل الأمنيات لدار الإفتاء المصرية على اختيارها هذا الموضوع المهم، وكل الأمنيات للأمانة العامة ولمؤتمراتها وقياداتها بالتوفيق حاضرًا ومستقبلًا.