جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 03:00 صـ 18 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

إضاءة سريعة| الرفاعي عيد يكتب: «شعب وميدان ومدينة»..رؤية من الداخل

الكاتب الصحفي الرفاعى عيد
الكاتب الصحفي الرفاعى عيد

تسنى لي أن أقرأ إلكترونيًا آخر اصدارات الكاتب والناقد الأكاديمي علي عبد الرؤوف «شعب وميدان ومدينة: العمران والثورة والمجتمعالقصة الإنسانية والمعمارية والعمرانية لميدان التحرير».

الكاتب، أحد الذين ارتبطت كتاباتهم بفكرة الرسم الوجداني للأماكن ولزومية هذا الرسم في الاحداث، هذا خلاصة قراءاتي له، سواء كان ما يرسمه الحدث على الشكل العمراني ليتميز به، أو العكس حين ارتباط العمران بفكرة، ولعل فى كتابات الرجل السابقة ما يشير إلى تلخيص هذه الفكرة.

صدر لـ "عبد الرؤوف" من قبل سبع مؤلفات، أخرها ما أتناوله الآن "شعب وميدان ومدينة، الذي صدر عن المركز العربي للأبحاث، في نحو 255 صفحة، من القطع المتوسطة، موثقًا ومفهرسًا، وجاء في خمسة فصول تحكي قصة إنسانية مكانية وعمرانية معمارية لميدان التحرير، حاول فيها تقديم تفسيرًا مختلفًا بشكل ما لعلاقة المصريين بالميدان التحرير، في علاقة تبدو في شكل رمزي مكتنفًا بالمهابة والشموخ، وتحوله في وقت ما من مكان عاديٍ إلى فضاء يملكه الإنسان بمفهوم شمولي.

يمضى الرجل، ويبدأ الفصل الأول من كتابه متفقًا مع رؤيته توحدًا، ويصطلح مع ذاته ليعنونه بـ "الميدان: الروح والفضاء العام"، وهى إذ أتصور أنها القيمة الأكبر في تناوله، وليوضّح علاقة هذا المكوِّن الجوهري بقيم الانتماء، التي تجلت من خلال القدرة على حرية التعبير بشكل جماعي كبير، ما كان إثراءًا لروح غابت كثيرا عن المجتمع.

ويتعرض فيما يتعلق بمفهوم الفضاءات ليقدم تفسيرات متعددة لما يمثله المفهوم بشكل مجرد، وسرد تأريخي رائع بما يخص الفضاءات ونمو الفكرة منذ الحضارة الإغريقية، متبوعاً بتحليلٍ لما للفضاءات العامة من أبعاد مختلفة، وخاصةً ما يمثله على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، ليسقط ذلك بشكل يقدم استنتاجات معتبرة على الحالة في مصر، وفي القلب منها مدينة القاهرة، ليستقر الهدف من الفصل الأول، أن ميدان التحرير هو ميدان عام (وظيفيًا وعمرانيًا)، جرت فيه نشاط مجتمعي محدَّد، لكن مع وجود من الفوضى.

وعلى هذا النحو من المزج الهائل الوصف المكاني والتحليل الواقعي للأحداث، يأتي الفصل الثاني موسومًا بـ "قصة الميدان والشعب"، مع التوضيح أنه بالرغم من انتفاء فكرة تصميم ميدان التحرير ليكون ممثَّلًا للفضاء العام الأكثر أهميةً في حياة الشعب المصري، إلا أنه أصبح كذلك، وخاصة عند طبقتيْه المتوسطة والبسيطة، وبالنظر إلى مراجعة تاريخ هذا الميدان، ولا سيما تاريخه في التعبير النضالي، نجده مفسرًا للقيمة الرمزية التي جعلت ثوار 25 يناير يختارونه مسرحًا لبطولاتهم ، ويجعلونه محور اهتمام العالم في أطول ثمانية عشر يومًا (25 يناير 2011 يوم انطلاق الثورة حتى 11 فبراير 2011، يوم تنحّي الرئيس الأسبق حسني مبارك) في حياة الشعب المصري.

وفي "ميلاد جديد .. ميدان جديد" - الفصل الثالث، يقدم المؤلف رؤيته لفهم نوعية الكفاح الجديد المستمر بين الشعب والسلطة في العصر الرقمي، وفي المكان أو الفضاء العام، محللا علاقة المجتمع بالفضاء العام، الذي استطاع أن يختبر دور التقنيات الرقمية وآليات التواصل الاجتماعي في توليد زخم جديد نحو إعادة امتلاك الفضاءات العامة في المدينة.

وفى الفصل الرابع، "البداية الجديدة للميدان: راح مع قارئه فى حالة نقاشية حول الميدان، واستبيان الحالة الذهنية للمصريين بعد سنوات من الثورة، لاسيما مناقشة دور المجتمع المصري في رسم ملامح مستقبلية حول الميدان، ويبلور تحديات هى الآن أسئلة في إطار طرح مجتمعي حول المستقبل، من خلال منهجية تأكيد قيمة هذا الميدان باعتباره رمزًا معتبرًا للحرية وميدانًا للشعب.

وينتهي الكتاب الذي أدعوكم لقراءته باختبار حول الموقف العام للميدان على كافة الأصعدة محليًا وعالميًا، والطرح المعماري والعمراني لتشكيل مستقبله، خصوصًا من شباب المعماريين والعمرانيين الذين شارك بعضهم في الثورة فعلًا.