جريدة الديار
الخميس 18 أبريل 2024 07:38 صـ 9 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

” بعبع الأنظمة” الثائر الجديد

الكاتب الصحفى الرفاعى عيد
الكاتب الصحفى الرفاعى عيد

فى العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين كان للحركات الاجتماعية دورا بالغ الأثر فى انتشار " تكنولوجيا الاتصالات" وفى القلب منها ما عرف بعد ذلك بـ " شبكات التواصل الإجتماعى "، وهى التى شكلت اللبنة الأولى فى صعود هذه الحركات التى ثارات ،وساهمت فى تغيير عدد من المفاهيم الاجتماعية والسياسية.

 

كل ذلك وغيره من الأدوار التى لعبتها هذه الثورة التكنولوجية خطيرة الأثر، واستخدمها الجميع بشكل متساوٍ، لا فرق في هذا الاستخدام الحكومات والأفراد، وهوأُثبت يقيناً بالحوادث القاطعة فى مستقبل الشعوب ومصائره، حيث وضح جلياً أنه لا يمكن غض الطرف عن أهميتها ومفعولها السحري، وهو الأمر الذى لم يستطع الأدب العالمى، أو حتى العربي أن يهمله دون تناول بالسرد تارة ،والبحث تارة اخرى .

 

وفى هذا المضمار راح الجميع من المثقفين والمبدعين كل يدلو بدلوه حول هذا العالم الجديد الذى استطاع أن يفرض نفسه، وكان من أبرزهم ما ظهر فى هذا كتاب " شبكات الأمل والغضب، الحركات الإجتماعية فى عصر الإنترنت" للمؤلف مونايل كاستلز،وهو أمريكى النشاة والأصل،حيث قام على نقله إلى العربية " المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات".

 

ولعل من أهم ما جاء بالكتاب مقدمة الكاتب الذى قال عن كتابه أنه " محاولة " لوضع الحركات الإجتماعية فى دائرة الضوء فى أماكن متعددة من العالم وكذلك محاولة لفهم ديناميكياتها التى أسهمت فى إحداث تغيير اجتماعى بشكل ما هنا أو هناك .. قاصداً - طبعاً - حركات على المستوى العالمى أو حتى التى قامت فى أنحاء مختلفة فى العالم العربى.

 

وتقوم فكرة الكاتب ،والتى يتمركز حولها كتابه " الشبكات الإجتماعية "حول قضية علاقة السلطة بالشعوب،والتى كانت الأرضية المشتركة فى قيام هذه الحركات،حيث تباينت هذه العلاقة اضطرابا كما يوضح الكاتب لأنها قامت وفق ما يصوره على سياسات الإستبداد ،والديكتاتورية والذى استتبعها حرمان هذه الشعوب من ممارسة حقوقها الأصلية فى مباشرة الحقوق السياسية ،ومنح الحق فى التعبير عن الرأي، موضحا أن ذلك استتبع أيضاً بشكل منطقى فشل ذريع فى السياسات الاقتصادية، وهو الذى أدى بدوره إلى وجود حالة من العوز والاحتياج، وهى بطبيعة الحال نالت من كرامة المواطن وهو ما انطبعت عليه الحركات ولاسيما فى العالم العربى لترتبط هذه الحركات بالكرامة والحرية والخبز".

 

ويذهب الكاتب إلى تفسير ما يميز هذه الحركات أو بالأحرى ما جعلها تنتشر ويكتب لها نجاحاً توج مسيرتها على الأرض، وجود تواصل سريع مؤمن إلى حد بعيد سواء كان ذلك إلى أعضاء حركتها المنظمين ،أو حتى إلى المجموعات الأخرى المستهدفة بشكل سهل ويسير ،وكذلك خلق روح القيادة حيث كل عضو فى هذ الحركات الإجتماعية قادر على قيادة مجموعة من خلال خبراته فى إدارة هذا الحراك التكنولوجي.

 

واستشهد الرجل على ذلك بما حدث فى العالم العربى الذى كانت حشوده فى الساحات بالملايين وهو الأمر الذى ما كتب له النجاج دون وجود هذه الشبكات الإجتماعية المختلفة عبر الانترنت.

 

وعلى عكس رأى الكثيرين ممن تناولوا هذا الأمر، يرى الكاتب أن من أهم مميزات هذه الحركات رفض الوصاية السياسية،أو السطوة الروحية عليها من الاحزاب والنخب التى لم تفهم مقتضيات الأمر ولم تتعامل مع ظهور هذه الحركات بشكل من التفهم والاستيعاب.

 

وقد قارن الكاتب بين الحركات التى قامت فى العالم العربى وبعض الحركات فى أمريكا اللاتينية، حيث تمكنت الثانية من الإستفادة إلى الحد الأقصى بينما فى العالم العربى لم يكن الأمر ناجحا إلى حد بعيد، حيث استطاعت السلطات فى هذه البلدان إلى تحويل مسار هذه الحركات ما يشبه الاقتتال والحروب الأهلية نافيا فى هذا السياق فكرة أن الانترنت كان سببا فى إشعال هذه الانتفاضات، وإنما كان السبب الرئيس فى ذلك هو قهرالشعوب حتى وصلت إلى حالة من الاحتقان والغليان وكان الانترنت أحد الاليات الناجحة التى ساهمت فى دفع هذه الحركات وانجاح حالة المد الاحتجاجى الذى ملىء الميادين .

 

لكن تبقى وجة نظر حول القيادة العفوية يفندها ما حدث فى مصر على سبيل المثال حيث كانت النتائج فى مصر، فقد تثبت وهمية ذلك لتنتقل قيادة الأحداث من العفوية إلى شكل تنظيمى استولى عليها وشكلها بحسب رغبة سياسية وهو ما فعله " الإخوان المسلمون " مع ثورة 25 يناير.