جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 06:31 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”إثيوبيا” ترفض التعاون .. ”مصر” تستأسد في حقها.. و”التحكيم الدولي” هو الحل

سد النهضة
سد النهضة

تجميد المفاوضات لا يثمن ولا يغني من جوع وإختراق إثيوبيا للمواثيق لن يفيد القضية

إثيوبيا تُصر على مخالفة إعلان المبادئ بالتعمد والتعاون بالمنفعة المشتركة أمر حتمي

بات سد النهضة كابوس يؤرق المجتمع المصري خاصة بعد فشل كل المفاوضات التي أجريت مع إثيوبيا على مدار السنوات الثلاثة الماضية لإلتزام أطرافه بالتعاون المائي وعدم التسبب في ضرر ذي شأن وضمان أمان السد والتنسيق بشأن الملء الأول للسد وإدارته، الأمر الذي دفع مصر للمطالبة بتدخل وسيط خارجي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف وفي حالة رفض إثيوبيا سيتم اللجوء للتحكيم الدولي للفصل في هذه القضية.


الاستعانة بوسيط

يقول د. محمود أبو زيد ـ رئيس المجلس العربي للمياه ووزير الري الأسبق ـ إن مصر طالبت بتنفيذ المادة العاشرة من إتفاق إعلان المبادئ بمشاركة طرف دولي في مفاوضات سد النهضة للتوسط بين الدول الثلاث وتقريب وجهات النظر والمساعدة في التوصل لإتفاق عادل ومتوازن يحفظ حقوقهم في المياه، موضحاً أن الوسيط لا يكون من خلال دولة بل يكون من خبراء بالخارج يقومون بإعداد تقارير خاصة ومستقلة، وهذا إجراء يستوجبه تعثر المفاوضات فكان ينبغي اللجوء لهذه المادة التي تشير إلى الاستعانة بوسيط وهذه خطوة يتلوها في حالة الرفض من إثيوبيا اللجوء للتحكيم الدولي، ومازال لدينا بارقة أمل للوصول للحلول في أقرب وقت ممكن.


فرض الأمر الواقع

يؤكد د. أيمن شبانة ـ أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة ونائب مدير مركز دراسات حوض النيل ـ أن إثيوبيا مازالت تُصر على مخالفة إعلان المبادئ بالتعمد على التسويف لفرض الأمر الواقع ضاربة بعرض الحائط القوانين والأعراف خاصة بعد إجراء المفاوضات التي أجريت على مدار الثلاثة سنوات الماضية، لإلتزام أطرافه بالتعاون المائي على أساس حسن النوايا والمنفعة المشتركة، وعدم التسبب في ضرر ذي شأن وضمان أمان السد والتنسيق بشأن الملء الأول للسد وإدارته، حيث أن مصر تنتهج طريق المنفعة العامة للجميع وإثيوبيا ترفض التعاون من أجل تشغيل وملء السد بخرقها للقانون الدولي.
التعاون التام.


ويوضح شبانه، أن رفض إثيوبيا وجود خبراء دوليين في أمور السد الفنية بما يخص نهر النيل الدولي غير المملوك لأي دولة يقتضي التعاون التام بين الدول المختلفة في المشروعات التي تقام عليه، ولكن تجميد المفاوضات قد تدفع مصر لتكثيف العمل على مسارات بديلة أخرى تستهدف زيادة الضغوط على إثيوبيا والسودان، مشيراً إلى أهمية تدخل وسيط خارجي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف وفى مقدمتهم السعودية والإمارات لتشجيع إثيوبيا على قبول تسوية الأزمة بتقديم حوافز تجارية واستثمارية لها، علاوة على دعم الموقف المصري في تنفيذ مشروعات استقطاب الفواقد المائية بحوض النيل بمشروع "حوض مشار" بالسودان وتقليل الآثار الجانبية للسد إلى أدنى حد ممكن، مضيفاً أن الحقوق المصرية التاريخية المُكتسبة في مياه النيل مصونة بموجب القوانين والأعراف الدولية، وأن انحدار الهضبة الإثيوبية يعوق إقامة المشروعات الكبرى لتخزين المياه، وأن دول المنابع ليست في حاجة للمياه بقدر حاجتها للطاقة الكهربائية، وأنه من الممكن زيادة الحصة المائية المصرية عن طريق تنفيذ مشروعات استقطاب الفواقد المائية بدول المنابع.


حقوق الدول
تشير د. حنان كمال أبو سكين ـ أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ـ إلى أن قضية المياه مهمة جداً لمصر لأن حصتها من المياه تاريخية وثابتة علاوة على أن مواردها للمياه محدودة مع تزايد عدد السكاني، لافتة إلى أن من ضمن المبادئ الأساسية في القانون الدولي تنظيم استخدام الحق في المياه وأن هناك حقوق لدول المصب على دول المنبع يجب أن تراعيها بما ينظمه القانون الدولي بالاستخدام المنصف والعادل للأنهار الدولية، موضحة أن موقف مصر سليم قانوناً لكن ما حدث ما هو إلا فجوة ما بين تطبيق مبادئ القانون الدولي القائمة على العدالة والإنصاف لعدم إهدار الحقوق التاريخية لصالح مصر وبين الواقع بالتعسف من الطرف الإثيوبي، إنما النقطة التي يجب التفاوض بشأنها خاصة بعد بناء السد هي إعادة النظر في سنوات الملء حتى لا تضر بمصر، مضيفة أن مصر أمامها عدة حلول بداية من تدويل القضية باللجوء للتحكيم الدولي للبت فيها، أو الضغط على الأطراف المشاركة لإثيوبيا اقتصادياً وإدخال وسيط في المفاوضات.


التحكيم الدولي

يرى المستشار جمال التهامي ـ رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة ـ أن عقد المفاوضات والاجتماعات الدبلوماسية بين الدول الثلاث أمر ضروري لبحث الأمور الفنية للسد حتى لا يؤثر على حصة مصر من المياه المقررة قانوناً ورغم ذلك إلا أن هذه المفاوضات تعثرت وهذا يرجع للوضع التي مرت به السودان منذ كان يقودها الرئيس عمر البشير وبعض الاتجاهات المناهضة لمصر التي أدت لعدم الالتزام بتقرير اللجنة الثلاثية كما أن إثيوبيا انفردت بإدارة هذا الملف بمفردها سامحة بتدخل جهات خارجية لها مصلحة في تقليل نسبة مياه عن مصر، لافتاً إلى أن الحل الأوحد في الظروف الراهنة يَكمُنْ في اللجوء لمحكمة التحكيم الدولي ويتعين على مصر والسودان لهذا التحكيم بموجب مشاركة تحكيم يتم توقيعها من الدول الثلاث وكل دولة تُعين مُحكمين لها للفصل في هذه المنازعة، مضيفاً أن حصة مصر لم يتم زيادتها منذ سنوات عديدة على رغم من توسع الرقعة الزراعية وتزايد عدد السكان بخلاف إحتوائها لحوالي 30مليون أجنبي يعيشون على أرضها يشربون من نيلها مع المصريين.


قضية أمن قومي

يضيف النائب ربيع أبو لطيعة ـ عضو لجنة الزراعة والري بالبرلمان ـ أن التصريح الأخير الذي يفيد بأن موضوع سد النهضة يعتبر قضية أمن قومي لا يجوز تركه بدون مفاوضات والحلول فيه أمر حتمي من حيث أنه لا يجوز المساس بحصة مصر من مياه النيل لأنها شريان الحياة، كما أن الاتفاقيات الدولية أكدت أن مصر لها حصة ثابتة بحق شرعي في المياه، مشدداً بقوله: لن نتخلى عنه بأي حال من الأحوال ولن تسمح الدولة والنظام والبرلمان بالجور على حصة مصر من المياه، ومجلس النواب يرفض تماماً أي مساس بحصة مصر لأنها حق شرعي ورسمي وتاريخي ومسألة حياة أو موت بالنسبة لجميع النواب.