جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 09:49 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
«المدینة العربیة والتحول نحو المجتمع الذكي: الآفاق والتحدیات».. ندوة بمكتبة الإسكندرية الثلاثاء عناوين إخبارية سريعة وخفيفة ومتنوعة صباح اليوم الجمعة كمامات بـ4 ملايين جنيه.. إحالة 3 مسؤولين بمستشفى الشيخ زايد المركزي للمحاكمة تعطل عمليات السحب والإيداع بماكينات البريد خلال ساعات مركز خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة دمنهور يعقد فعاليات اليوم الأول لدورة التحاليل الطبية خبير اقتصادي: مؤشرات البورصة المصرية حققت أداءا جيدا الفترة الحالية تكليف سمير البلكيمى وكيلا لمديرية التموين بالبحيرة مدبولي ..الاسعار ستأخذ مسارا نزوليا بدأ من الاحد القادم التوعية بخطورة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر خلال القافلة التنموية لجامعة دمنهور جامعة دمنهور تطلق مشروع لانتاج نواقل خلوية نانوية الحجم من النباتات العضوية (FarmEVs) جامعة دمنهور تحتفل بيــــــوم التراث العالمي استكمال رصف فرعيات شارع الجمهورية بحوش عيسى بتكلفة إجمالية 4 مليون و 500 ألف جنية

«الحمامات الشعبية» فى طريقها للزوال .. و«المكيساتية» و «البلانات» رحلوا بلا رجعة

الحمامات الشعبية
الحمامات الشعبية

من بين 365 حمامًا بعدد أيام السنة كانت موجودة بالقاهرة، لم يتبق منها سوى حمامات لا يزيد عددها على عدد أصابع اليد الواحدة.

 

 

ويذكر المؤرخون أن السلطان أو الوالى كان يستحم بأشهرها وكذلك علية القوم من أمراء وقادة وقضاة وتجار كبار وفقهاء.

 

 

ولم يقتصر انتشار الحمامات على القاهرة وحدها بل امتدت فى العصر العثمانى لمدن مثل الإسكندرية ورشيد وسمنود وطنطا والمحلة.

 

 

والحمامات الباقية بالقاهرة على قيد الحياة هى: مرجوش، والحسينية، وباب البحر، والدرب الأحمر، والسلطان أبوالعلا، وحمام قلاوون، والملاطيلى، وحمام "التلات"، وهى متوارثة بالإيجار وتشرف عليه هيئة الآثار ووزارتى الصحة والبيئة.

 

 

ورغم أن عدد الزبائن انحسر بشدة، فبعد أن كان الحمام يمتلئ عن أخره بالزبائن يوميًا أو يقوم أحدهم باستئجاره طوال اليوم لعُرس مثلًا، صار الآن لا يدخله إلا الزبون الذى يعرف قيمته.

 

 

وكثير من زيجات زمان كانت تتم من خلال "الحمام الشعبى"، عندما تتلصص "الخاطبة" على العروس سرًا وتعود لتصف للعريس مفاتنها من قدميها اللذين تشبهان "قمع السكر" .. إلخ، مقابل البرطلة أو "الرشوة"!.

 

وكما كانت الحمامات فرصة للتلاقى والنميمة، كانت ساحة للقتل والمؤامرات وأشهر من قُتلت بالحمام هى "شجرة الدر" التى ألقى بجثتها من أحد أبراج القلعة وظلت بالعراء أياما حتى دُفنت بالضريح الموجود باسمها حتى الآن.

 

 

كما ورد الحمام الشعبى فى كتب المؤرخين والرحالة ذكره بعض الكُتاب مثل "إسماعيل ولى الدين" الذى ألف قصة باسم "حمام الملاطيلى" وهى القصة التى حولها المخرج صلاح أبوسيف لفيلم بنفس الاسم وبنفس الحمام الذى يرجع اسمه الأصلى وهو "الملاطى" نسبة لـ"إبراهيم محمد شلبى الملاطى" صاحب الحمام قديمًا قبل أو يؤول سنة 1860 لـ"إبراهيم الحمامى" ويتغير اسمه لـ"حمام مرجوش"، الذى صورت به أيضًا أفلام: "المغتصبون"، "أيام الرعب"، "سوق المتعة"، "أى أى"، "لك يوم يا ظالم".

 

 

كما صورت بحمام السلطان فيلم "الشيطان يعظ"، وبحمام الطمبلى صورت أفلام "سعد اليتيم" و"ديك البرابر"، و"العتبة قزاز".

 

 

داخل حمام "الملاطيلى" أو "المرجوشى" الذى يتوسط شارع أمير الجيوش فى ميدان باب الشعرية حركة لا تهدأ، الزحام شديد، كان اللقاء مع المعلم زينهم صاحب الحمام الذى قال: إن الهدف من زيارة الحمام الذى يعود عمره لأكثر من 580 عامًا، ينحصر فى حمام بخار بلدى وتكييس وتجهيز العرائس والنساء اللائى يتسللن لحجز أماكنهن فى التاسعة من صباح كل يوم وهن متخفيات، وقبل الخامسة عصرًا تنتهى الفترة المخصصة للنساء، التى تشرف عليها الحاجة "أم رأفت"، ليبدأ بعدها المعلم زينهم يومه مع الرجال وينتهى منه فى الرابعة فجرًا، وهكذا تصل فترة العمل فى الحمام إلى ١٧ ساعة يوميًا، وتظل تجربة دخول الحمام لأول مرة مثيرة وجذابة لصاحبها.

 

تدخل "أم رأفت" الحمام صباحًا ومعها جيش من الفتيات والنساء وأصغرهن ابنتها "جهاد" "٩ سنوات".

 

 

يتخففن من ملابسهن لإزالة الحرج عن الزبائن ويبدأن العمل وفى نهاية اليوم تسلم العهدة للحاج "زينهم" الذى يمارس الطقوس نفسها، مع الرجال.

 

 

وفى الحالتين لكل شخص يعمل فى الحمام مهمة محددة، فالمعلم يشرف ويتابع عن بعد، والحارس يتسلم متعلقات الزبائن من نقود وذهب وملابس، أما "اللاونجى" فهو الذى يخدم على الزبون ويلبى طلباته و"المكيساتى" يتولى تكييس الزبون، وتزيد هذه المهام مع السيدات لتضم "البلانة" التى تقوم بعمل "السويت" والماسكات للنساء، وكلها أعمال لا تعتمد على القدرة العضلية، بل تحتاج إلى ذكاء وسرعة وحسب قول زينهم: "التكييس صنعة وفن لأنه لو مجرد عافية ممكن الزبون يصاب أو يجرح جلده، الشطارة أن يخرج الزبون وهو يشعر أنه أول مرة بيستحمى".

 

 

ويضيف المعلم زينهم: الحمام مكون من باب ودهليز و"مسلخ" وغرف خلع ملابس و"إيوانين" وباب أول وباب ثانٍ و٤ "خلوات"، يدخل الزبون "المغطس" ومنه إلى "الفسقية" للتكييس ثم يأخذ حمام مياه ساخنًا وآخر باردًا ثم يتعرض لدرجات حرارة متدرجة ويغادر بعدها الحمام، ويؤكد "زينهم" أنه عاصر كتابة فيلم "حمام الملاطيلى"، إذ فكر كاتبه "إسماعيل ولى الدين"، فى تصويره داخل الحمام، لكن "زينهم" رفض وساعدهم فى تصميم ديكور مطابق لحمامه للتصوير فيه، ويضيف: سأورث مهنتى لأبنائى الثلاثة، لأنها مهنة لن تنقرض طالما وجدت الحمامات ووجد الزبون الذى يواظب عليها.

 

 

أما مصدر المياه والبخار فى تلك الحمامات، فهو بيت الحرارة، الذى يحوى مغطسا وحوضا ممتلئا بالمياه الساخنة التى تصل إليه عبر بئر للمياه فى أسفل الحمام، ويتم تسخين المياه بالمستوقد الذى يوجد بجوار الحمام، الذى يكون غارقًا فى سحب البخار المنبعثة من المياه الساخنة، والأدوات المستخدمة فى برنامج الحمام بدائية وتقليدية، وفى مقدمتها الحجر الأحمر، الذى يستخدم فى كشط وإزالة الجلد الميت من الجسم خاصة القدمين واليدين، وهو يمنح الجلد ملمسًا ناعمًا، والصابون المصنع من زيت الزيتون، وليفة مصنعة من قطع القماش الخشن لتدليك الجسم وإزالة الجلد والخلايا الميتة.

 

 

ويتسم بهو الحمامات الشعبية فى القاهرة بالديكورات والزخارف الإسلامية الكلاسيكية القديمة والأبواب الضيقة الصغيرة والدهاليز والممرات الضيقة، التى تعمل على توفير الهدوء ومنع التيارات الهوائية والضوضاء عن المكان.

 

 

تقول راندا حسن (23 سنة) هذه هى المرة الثانية التى أجئ فيها إلى الحمام لأننى أعانى من آلام فى العظام والأكتاف، وذهبت لأكثر من طبيب لكن بدون فائدة، وقد نصحتنى إحدى صديقاتى بالحضور لهذا الحمام، والآن أمتثل للشفاء من الآلام التى أشكو منها.