جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 01:07 مـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أطفال الشوارع «قنابل» تهدد المجتمع .. والحكومة «ولا حياة لمن تنادى»!!

أطفال الشوارع
أطفال الشوارع

أطفال افترشوا الأرض وتغطوا بالسماء والتحفوا بالبرد القارص فى ليل الشتاء، تجدهم تحت الجسور وفى إشارات المرور وداخل مترو الأنفاق يبحثون عن باب رزق بعد أن ودعوا طفولتهم مبكرًا، بعضهم لم يعرف معنى الأسرة والبعض الآخر دفعته ظروف حياته إلى الهروب، عنوانهم الشارع فأطلق عليهم "أطفال الشوارع".

بنات تلد وتبيع أطفالها، اغتصاب وشذوذ وإدمان وتعذيب تحت الكبارى والأماكن المهجورة، تأجير الأطفال للقيام ببعض الجرائم للهروب من المسئولية، ومنهم من يريد العيش بسلام.

الجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية تقدم مأوى بديل لبعض هؤلاء الأطفال حماية لهم من الشارع والاستغلال السياسى والإجرامى والجنسى، ولكن هناك اتهامات لبعض هذه الجمعيات من أخطاء وفساد وتجاوزات عدة والضحية هم "أطفال الشوارع".

ورغم قانون منظمة العمل الدولية القاضى بتجريم عمل الأطفال واستغلالهم اقتصاديًا إلا أننا مازلنا نرى الكثير من الأطفال "العاملين المتسولين" فى كل مكان، عند المراكز التجارية وإشارات المرور وداخل مترو الأنفاق، يتجولون ببعض السلع الخفيفة كالمناديل الورقية واللبان والحلويات والبالون لبيعها بهدف التستر على ما خرجوا من أجله وهو التسول، وهؤلاء الأطفال مستغلون من أطراف أخرى، قد تكون الأسرة نفسها أو جماعات منظمة تتاجر بهم من أجل عطف الناس.

إن هؤلاء الأطفال محرومون من العطف والحماية، فهم يفتقرون إلى الغذاء ولا يحصلون على التعليم، ناهيك عن كافة ألوان العنف التى تهددهم بصورة دائمة؛ بما فى ذلك الإعتداء الجنسى والإستغلال السياسى، إن الظروف الصحية لأطفال الشوارع تدعو للقلق. فالعديد منهم يعانون من مجموعة من الأمراض الجلدية والجهاز التنفسى.

"الطفل إسلام" من أطفال الشوارع يحكى قصته، "اسمى إسلام بعد موت والدى زوجة أبى طردتنى من البيت وبقالى خمس سنين فى الشارع ومفيش حد سأل عليه خالص من وقتها، بأنام فى أى حتة وأصحى أدور على حاجة أفطر بيها وأشرب سجاير وأروح أبيع المناديل فى إشارة المرور وبأخد خمسة جنيه فى اليوم من الراجل اللى بيشغلنا فى الإشارة، وفى أوقات ناس بتدينى أكل وفى ناس بتجبلى هدوم وممكن أبيع الهدوم أو حاجة منها علشان أجيب حاجة تانية، وفى ناس تانى ممكن تدينى جنيه أو نص جنيه، ونفسى أروح المدرسة أشوفها حلوة ولا وحشة وأتعلم وأخد دبلوم صنايع اشتغل بيه شغلانة كويسة ونفسى الناس تحبنى وتعاملنى ذى ابنها فى ناس كتير بتشخط فيا وتبعدنى عنها وبتخاف منى".

أما "الطفل على"، فهو طفل لم يعرف له أهل يقول "أنا بنام تحت الكوبرى وبقعد مع أصحابى نشد كُله ونشرب سجاير وبأمسح العربيات للناس، والحكومة بتجرى ورانا طول اليوم ومرة كنت أنا وأصحابى قاعدين وجت عربية فيها أربع رجالة وأدولنا أكل وأنا أخدت بس ما أكلتش قلت أشيله للصبح أكله، أصحابى أكلوا وناموا وأنا خفت بعدت عنهم لكن شايفهم، العربية رجعت تانى وأخدت أصحابى وهما نايمين مش عارف بقى أخدوهم علشان ياخدوا كليتهم ولا أيه".

ظاهرة أطفال الشوارع من القضايا التى عانى منها العالم أجمع، والتى أرقت حكومات مختلفة، ولكن ما تشهده مصر من ارتفاع خطير فى هذه الظاهرة، ومع تعاقب الحكومات المصرية ووعودها لحل هذه المعضلة، لم يرى أحد أى تنفيذ لهذه الوعود، فتبقى ظاهرة أطفال الشوارع فى توسع دائم.

وترى الدكتورة فادية أبوشهبة، أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى البحوث الاجتماعية والجنائية، أن مشكلة أطفال الشوارع لم يطرأ عليها جديد، إنما ازدادت أوضاعهم سوءً، لأن الفقر زاد والعشوائيات مازالت موجودة، ولم يتحقق شئ بخصوصهم، ولم تنشأ القرية التى تحدثوا عنها ومازالت الأسر الطاردة لأطفالها كما هى، وزادت القسوة فى معاملة الأطفال، بسبب الفقر الزائد وغلو الأسعار، الذى يساعد على التصدع الأسرى.

وتصنف أطفال الشوارع إلى فريقين قائلة: «أطفال الشوارع نوعان، الأول: خرجوا من بيوتهم لا يريدون العودة لها يجدون فى الشارع ما يريدون، رفقاء ولعبًا ولهوًا وحياة حرة وأكلًا ومبيتا، الشارع هو أسرتهم الكبيرة، والآخر: أطفال يرون رزقهم فى الشارع، مخدرات وتسول وبيع منتجات، وربما توجد أسر كاملة فى الشارع، وهى ظاهرة جديدة ظاهرة "أسر الشوارع».

مضيفة، أن هذه ظاهرة أطفال الشوارع تشكل خطرًا كبيرًا على الدولة، لأنها ذات تأثير مباشر على الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية، ولذلك نود تسليط الضوء على أهم الأسباب التى تؤدى إلى هذه الظاهرة؛ فتحديد وتشخيص السبب يؤدى إلى إيجاد واكتشاف الحل والعلاج.

أسباب ظاهرة أطفال الشوارع

من أهم العوامل المؤدية إلى حدوث ظاهرة أطفال الشوارع التفكك الأُسرى فمن أشكال هذا التفكك، (الهجر، والعنف ضدَ الأبناء أو من أحد الوالدين للآخر، والطلاق)، فتؤدى إلى لجوء الطفل للشارع، فيشعر بأن من هم فى الشارع أقرب إليه ممن هم فى البيت.

العنف الأُسرى ضد الأبناء

يندرج هذا العامل تحت عامل التفكك الأُسرى، ولكن لأهميته كان من اللازم التفصيل فيه قليلًا على انفراد، حيث إن العنف الذى يمارسه أحد الوالدين وخاصةً الأب على أبنائه يؤدى إلى شذوذ الأبناء عن طاعة الوالدين، واتخاذ أشخاص آخرين يعتبرونهم أكثر قربًا واهتمامًا ورحمةً بهم من الوالدين، فلذلك يحتضنهم الشارع وتكون النهاية بهم هناك.

العلاقات الجنسية المحرمة

تشير الدراسات إلى أن العلاقات الجنسية المحرمة (الزنا) من العوامل التى ساهمت بشكل كبير فى انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، وذلك بسبب لجوء بعض النساء اللاتى يحملن من الزنا إلى التخلص من الجنين إما بإجهاضه أثناء الحمل، أو رميه فى "الشارع".

النظام التعليمى وثغراته

تتمثل هذه المشكلة فى صعوبة المناهج التعليمية، فتصبح معقدة لدى الطفل ومستحيلة المنال، والعنف الزائد أحيانًا فى المدارس يتسبب فى هجر الطفل للمدرسة والبيت فى آن واحد.

صندوق حكومى

يجب إنشاء صندوق حكومى يتولى شئون الأمهات اللاتى فقدن أزواجهن أو تعرضن للاغتصاب، بحيث يعمل هذا الصندوق على توفير كل الاحتياجات الاقتصادية لدى الأُسر من هذا النوع.

وبسؤال طارق نجيده، المحامى بالنقض، عن رأيه فى أن هناك مقولة بأن أطفال الشوارع مصدر أساسى فى عالم الجريمة، أجاب: أطفال الشوارع أصلًا نتيجة للجرائم والسلوكيات الضمنية الموجودة فى المجتمع إنما كونهم مصدر للجريمة لا طبعًا، أطفال الشوارع هم عرض لمرض.

وعن الحلول لهذه الظاهرة، قال: الحل لهذه الظاهرة هى حلول اجتماعية، وأنا أطالب بأن يتدخل علماء الاجتماع الآن ولا بد أن تخرج التقارير والدراسات والأبحاث من مركز البحوث الجنائية والاجتماعية الآن ولا بد من الاعتماد على علم الاجتماع لمعالجة كل الظواهر بما فيها ظاهرة أطفال الشوارع.

وبسؤال الدكتور أيمن عبدالوهاب، خبير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراديجية، عن تحليل ظاهرة أطفال الشوارع كقنبلة تهدد المجتمع؟ أجاب: هى ظاهرة ممتدة ليست بجديدة ولكنها بطبيعة الحال تتزايد، يوجد عندنا أجيال اتولدت فى الشارع من هذه الظاهرة، وبالتالى تأثيرتها السلبية على المجتمع متعددة سواء فيما يتعلق فى مسالة الجريمة والنمط الأخلاقى، وسلوك الجزء الأمنى فى بعض الفترات تم استغلال هؤلاء الأطفال والأولاد سياسيًا وأيضًا من خلال عصابات.

وعن حلول مقترحة للحد من هذه الظاهرة، أفاد قائلًا: لا بد من وجود سياسة متكاملة وتقييس الأعداد بشكل متدرج هذا مطلوب بمعنى أن يتم غلق اسباب التسلل وزيادة أعداد هذه الظاهرة من هنا نقدر على محاصرتها وبالتالى على مرحلة معينة يتم توفير بعض بيوت الإيواء لهم بشكل مقبول، وأن يتم تدريبهم على حرف معينة.

والحل من وجهة نظرى أن يتم حصر لهم دقيق وأن نعرف مناطق تمركزهم بشكل دقيق أيضًا وأن يتم توفير أماكن للإيواء من خلال دور للجمعيات الأهلية أكثر عمقًا، أن يتم توفير سبل للعيشة لهم من خلال فرص عمل، بهذا الحل من الممكن نواجه هذه الظاهرة، والحلول لهذه الظاهرة ليست مسئولية الدولة وحدها فهناك القطاع الخاص والعام، وضرورة وجود سياسة واضحة متدرجة فى هذا المجال.

وبسؤاله: هل ترى أن هناك من يستغل هؤلاء الأطفال بشتى السبل بدون رحمة أو ضمير؟ أجاب: تم استغلالهم للأسف الشديد فى مستويات متعددة سواء سياسيًا كما قلنا أو جنائيًا واجتماعيًا.

وفى النهاية هى ظاهرة سلبية جدًا تشين أى مجتمع فى الحقيقة، فهذه الظاهرة بدأت بأطفال الشوارع فأولاد الشوارع الآن وإمتدت لتصبح أسر متكاملة موجودة فى الشارع بل أجيال موجودة منهم.