”حبوب الغلة”.. وسيلة انتحار لبعض اهالي القرى بالبحيرة ...وخبراء : لا يوجد ترياق لها

شهدت الأيام القليلة الماضية، ارتفاع حالات الانتحار بشكل ملحوظ،بتناول حبوب "حفظ الغلة" من التسوس، وأصبحت هى الوسيلة الأسرع والأكثر رواجًا فى عدد من قري ومدن المحافظة ، لاحتوائها على الكثير من المواد شديدة السمية وقدرتها على إنهاء حياة الإنسان فى دقائق معدودة ولا تزال تلك الحبة القاتلة متداولة بين المزارعين دون رقابة أو وضع إطار قانوني لصرفها أو استخدامها بإشراف متخصصين من الزراعة والطب الوقائي منعا لخطورتها.
قصة رعب حكاية
حبة الغلة (القمح) السوداء، بدأت تتحول الى قصة رعب بعد زيادة أعداد المنتحرين بتناولها، بالأمس فقط حاول شاب من محافظة البحيرة، الانتحار بتناول الحبة القاتلة لمروره بضائقة نفسية قبل أن ينقذوه في الحال. وتستخدم تلك الحبة في حفظ الغلال من التسوس، حيث توضع داخل أجولة القمح قبل تشوينه لمنع وصول الحشرات أو السوس إليه، غير أن استخداها تحور إلى أشياء أخرى أكثر خطورة.
"الألمنيوم فوسفيد"
اسمها العلمي "الألمنيوم فوسفيد"، تستخدم لمنع تسوس محصول القمح، وحمايته من الحشرات الضارة، تسجلها وزارة الزراعة كمبيد حشري، وتدخل مصر بشكل رسمي، ولا توجد أية محاذير على تداولها، وتدون عليها عبارة "عالية السمية". كما أنها موجودة في 18 منتجًا بأسماء تجارية مختلفة، إلا أن تركيبها واحد واستخدامها واحد في حفظ الغلال والحبوب.
وتدخل في تصنيع حبة الغلة، مادة "زينك فوسفيد"، ويخرج منها غاز قاتل للبشر، ومسجلة بـ3 أسماء تجارية لها نفس تركيب حبة الغلة، وهي يكوفيوم 100% غاز تبخير ومسجل تحت رقم 1463، ومبيد فوسفيد زنك النصر ومسجل تحت رقم 102، ومبيد راتول ومسجل تحت رقم 1456. لا تترك حبة الغلة أية آثار على الجسم بعد استخدامها في حالات الانتحار، وحظرت عشرات الدول العربية استخدامها وعلى رأسها السعودية، بعد تسببها في زيادة نسبة وفيات الأطفال.
تسبب التهابا رئويا وقروحات بالمعدة والوفاة
الدكتور عمرو منسي اخصائي الطب النفسي وعلاج السموم ، قال إن الحل الأمثل لعلاج تناول البعض حبوب حفظ الغلال، أن يتم إفراغ المعدة بشكل سريع، لأن هذه الحبوب تحتوى على غاز الفوسفين وهى مادة شديدة السمية تتفاعل داخل المعدة بصورة سريعة للغاية، وتقتل من يتناولها بصورة سريعة للغاية بالإضافة إلى اختفاء آثارها من الجسد بعد التناول.
وأضاف "منسي " فى حديث لـ"الديار " هذه الحبوب تحتوى على"زينك الفوسفيد"، وهو قوي السمية ويتم استخدامه فى أغراض أخرى غير ما هو مخصص له، وأردف: «غارالفوسفين يسبب التهابا رئويا واحتقانا فى الشعب وقرحا بالمعدة مما يسبب الوفاة». من يتناول مثل هذه الحبوب يتطلب تعليق محاليل وتعديل الحالة الغيبوبية فى أسرع وقت، لأن من يتناول هذه الحبوب، يدخل فى غيبوبة كلية أو جزئية، على قدر ما تناوله من المواد السامة حسب ما أعلن عنه عامر.
كما وجه مجموعة من النصائح لسرعة إنقاذ من تناول حبوب حفظ الغلال، أهمها سرعة نقل المريض إلى المستشفى، وأن يكون الأطباء مدربين على التعامل مع مثل هذه الحالات، وإذا زاد زمن تناول المريض للحبوب عن 4 ساعات دون التدخل كانت عملية الإنقاذ أكثر صعوبة.
مبيدات زراعية
وحسب موقع وزارة الزراعة، هذه المنتجات كلها تدخل مصر على هيئة مبيدات زراعية، مثل المبيد التجاري جاستوكسين 57% أقراصا مسجلة تحت رقم 4، والاسم الشائع له هو ألمنيوم فوسفيد، ومبيد كويكفوس 57% أقراصا مسجلة تحت رقم 565، ومبيد سيلفوس 57% أقراصا مسجلة تحت رقم 673.
بعض الحالات
وعلى الرغم من تحول الانتحار بحبة الغلة إلى ظاهرة، لم تبادر أي جهة بعمل إحصائية لعدد الحالات المنتحرة باستخدامها للوقوف على خطورة الأمر والوصول إلى حل للأزمة.
في يوم 2432019 استقبل مستشفى الرحمانية العام "خالد.ع.ع" 19 سنة طالب ومقيم قرية منية بنى سلامه بدائرة المركز مصاب بادعاء تسمم نتيجة تناول مادة غير معلومة، ولا يمكن استجوابه وتم تحويله لقسم السموم بالمستشفى الجامعي بالإسكندرية وبسؤال والدته "حمدية.ر.ز" 40 سنة ربة منزل ومقيمة بذات الناحية، قررت بتناول نجلها المذكور قرصا لمُبيد حشري "خاص بحفظ الغلال"، ولم تعلل سببًا لقيامه بذلك ولم تتهم أحد بالتسبب في ذلك.
في يوم 19/3 /2019 لقيت ربة منزل مصرعها وعامل بمركزي الدلنجات وايتاي البارود جراء تناول حبوب حفظ الغلال لمرورهم بازمة نفسية. كانت مستشفى إيتاي البارود العام قد اشارت بوصول سميه.م.ط 24 سنة ربة منزل ومقيمه قرية الوفائيه بدائرة المركز مصابه بإدعاء تسمم نتيجة تناول مادة غير معلومة وتوفيت عقب وصولها وبتوقيع الكشف الطبى عليها بمعرفة مفتش الصحة أفاد بتقريره أن سبب الوفاه هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب - نتيجة تناول ماده سامة ولا يمكن الجزم بوجود شبهه جنائيه من عدمه. وبسؤال والدها 63 سنة بالمعاش ومقيم بذات الناحية قرر بتناول نجلته المذكوره قرص لمُبيد حشري خاص بحفظ الغلال لمرورها بحاله نفسيه سيئه بسبب خلافات بينها وزوجها ولم يتهم أحد بالتسبب في ذلك، وتحرر المحضر اللازم وجاري العرض علي النيابة العامة.
وايضا وصول أيمن.ا.ا 21 سنة عامل ومقيم قرية الضهريه بدائرة المركز مصاب بإدعاء تسمم - نتيجة تناول ماده غير معلومه ولايمكن إستجوابه وتم حجزه بقسم السموم تحت الملاحظة. وبسؤال عمه قرر أنه عقب قيام نجل شقيقه المذكور بوضع كميه من سم الفئران بالمنزل تناول الطعام دون غسل يده مما أدى لإصابته .
وفي 18/3 /2019 استقبل مستشفى كفر الدوار العام، الطالب "يوسف ش ت"، 17 سنة بقرية برسيق التابعة لمركز أبو حمص، مصابا بتسمم فسفوري، جراء تناول حبوب حفظ الغلال بطريق الخطأ وبسؤال شقيقه محمد ش ت، 25 سنة، عامل ومقيم بنفس العنوان، قرر بتناول شقيقه المذكور جزءا من قرص مُبيد حشري خاص بحفظ الغلال عن طريق الخطأ، ما أدى لإصابته
وفي 15/3 /2019 شهدت مدينة شبراخيت بمحافظة البحيرة، حادثين مؤسفين، حيث انتحرت سيدتان بتناول حبوب حفظ الغلال لمرورهما بحالة نفسية سيئة وكانت المستشفى العام قد شهدت وصول "أنوار م ا" 58 سنة ربة منزل ومقيمة قرية محلصتا بدائرة المركز مصابة بادعاء تسمم نتيجة تناول مادة غير معلومة وتوفيت فور وصولها بتوقيع الكشف الطبي عليها بمعرفة مفتش الصحة، أفاد بتقريره عدم وجود إصابات ظاهرية وسبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب نتيجة تناول مادة سامة، ولا يمكن الجزم بوجود شبهة جنائية من عدمه بسؤال شقيقها "الدسوقى م "ا 56 سنة موظف ومقيم بذات الناحية، قرر بتناول شقيقته المذكورة قرص لمبيد حشري خاص بحفظ الغلال، مما أدى لوفاتها ولم يعلل سببًا لذلك ولم يتهم أحد بالتسبب في ذلك
واصلت "صباح ع أ" 58 سنة ربة منزل ومقيمه قرية مستناد بدائرة المركز مصابة بادعاء تسمم نتيجة تناول مادة غير معلومة، وتم تحويلها لقسم السموم بمستشفى إيتاى البارود العام وتوفيت فور وصولها بتوقيع الكشف الطبي عليها بمعرفة مفتش الصحة أفاد بتقريره وجود زرقة بالأطراف والشفتين واتساع بحدقة العين، وسبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب نتيجة تناول مادة سامة، ولا يمكن الجزم بوجود شبهة جنائية من عدمه بسؤال شقيقها "حنفى ع ا" 53 سنة حاصل على دبلوم ومقيم بذات الناحية، قرر بتناول شقيقته المذكورة قرصا لمبيد حشري خاص بحفظ الغلال لمرورها بحالة نفسية سيئة، حيث إنها كانت تعانى من مرض نفسي وتعالج منه منذ فترة ولم يتهم أحد بالتسبب في ذلك.
وفي 13/3 /2019 استقبل مستشفى كفر الدوار العام "مروة.ا.ك"، 25 سنة، ربة منزل، ومقيمة قرية منشأة خياط التابعة لمركز حوش عيسى، مصابة بادعاء تسمم، نتيجة تناول مادة غير معلومة، ولا يمكن استجوابها، وتم حجزها تحت الملاحظة وذلك جراء تناول قرص لحبوب حفظ الغلال، لمرورها بحالة نفسية سيئة، بسبب خلافات زوجية وبسؤال زوجها، "عامل"، ومقيم بذات الناحية، قرر بتناول زوجته المذكورة قرص لمبيد حشري خاص بحفظ الغلال، لمرورها بحالة نفسية سيئة، بسبب خلافات زوجية بينها أثناء تواجدها بالمنزل وفي 6/3 /2019 أقدم فلاح وعامل بمدينتي إيتاى البارود وشبراخيت ، على الانتحار بتناول حبوب حفظ الغلال القاتلة لمرورهما بحالة نفسية سيئة بسبب خلافات أسرية ومرض نفسي.
حيث وصول "صبحى م ح"، 50 سنة فلاح ومقيم قرية معنيا بدائرة المركزايتاي البارود، مصاب بادعاء تسمم نتيجة تناول مادة غير معلومة، وتوفي فور وصوله وبتوقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة مفتش الصحة أفاد بتقريره بوجود اتساع غير كامل بحدقة العين وشحوب بالجسم وسبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب نتيجة تناول مادة سامة ولا يمكن الجزم بوجود شبهة جنائية من عدمه وبسؤال نجله محمد 20 سنة حاصل على دبلوم ومقيم بذات الناحية قررا بتناول والده المذكور قرص لمبيد حشري خاص بحفظ الغلال لمروره بحالة نفسية سيئة بسبب خلافات أُسرية.
كما وصول محمود ع م 25 سنة عامل ومقيم قرية الأصلاب بدائرة المركزشبراخيت ، مصاب بادعاء تسمم نتيجة تناول مادة غير معلومة، وتم تحويله لقسم السموم بمستشفى كفر الدوار العام وتوفى فور وصوله وبتوقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة مفتش الصحة، أفاد بتقريره بعدم وجود إصابات ظاهرية وسبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب نتيجة تناول مادة سامة، ولا يمكن الجزم بوجود شبهة جنائية من عدمه. وبسؤال عمه محمود م ي 58 سنة، موظف ومقيم بذات الناحية، قرر بتناول نجل شقيقه المذكور قرص لمبيد حشري خاص بحفظ الغلال لمرورها بحالة نفسية سيئة، حيث إنه كان يعانى من مرض نفسي ويعالج منه منذ فتره.
وفي 2/3 /2019 أقدم " محمد.ج.ح " 18 سنة طالب ومقيم قرية فراولو التابعة لمركز إيتاى البارود ، علي الانتحار بحبوب حفظ الغلال القاتلة، لمروره بحالة نفسية سيئة بسبب خلافات أسرية وتوفى عقب وصوله وبتوقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة مفتش الصحة، أفاد بتقريره عدم وجود إصابات ظاهرية، وأن سبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب نتيجة تناول مادة سامة ولا يمكن الجزم بوجود شبهه جنائية من عدمه.
وبسؤال شقيقه " إبراهيم.ج.ح" 29 سنة تاجر ومقيم بذات الناحية، قررا بتناول شقيقه المذكور قرص لمبيد حشري "خاص بحفظ الغلال" لمروره بحالة نفسية سيئة بسبب خلافات أُسرية، ولم يتهم أحد بالتسبب في ذلك. تحرر المحضر اللازم وجارى العرض على النيابة العامة.. كلفت إدارة البحث الجنائى بالتحرى عن الواقعة.
ليست جديدة.. وغياب الرقابة السبب
رائف تمراز، عضو لجنة الزارعة بمجلس النواب، قال إن هذه الحبوب من الأمور المتعارف عليها لدى الفلاحين منذ القدم من أجل الحفاظ على محاصيل القمح والأرز والذرة الشامية من التسوس، مبينًا أن خطورة استخدام حبوب حفظ الغلة تكمن في طريقة استخدامها من قبل بعض الفلاحين.
وأضاف تمراز، أنه للحد من انتشار حالات الانتحار بسبب حبوب الغلة، على الحكومة توفير بدائل للفلاح على سبيل المثال توفير ثلاجات لكل قرية لتخزين الغلال التى يتم استخدامها فى الاستعمال الشخصى بكل قرية لكى يستغنى الفلاح عن هذه الحبوب.
وشدد على أن الخطورة الأكبر تكمن في انتشار هذه الحبة فى الصيدليات البيطرية ومحلات المبيدات الزراعية، ولا تخضع لأى رقابة للحد من عمليات بيعها وتداولها بين المواطنين، مضيفاً: لا يوجد أى أمصال لمواجهة أضرار هذه الحبة، رغم أن آلاف الفلاحين يعتمدون عليها في تخزين القمح، بينما يستخدمها الشباب في الانتحار.
وأشار إلى أن الفلاح بين نارين، إحداهما ترك محصول القمح يتسوس، أو أن تتسبب هذه الحبوب في إلحاق الضرر بالأطفال.
وتابع "تمراز"، تواصلنا مع وزارتي الزراعة والتموين من أجل توفير هذه الثلاجات فى أقرب وقت، مؤكدا أن لجنة الزراعة بالبرلمان سوف تقوم بمناقشة هذه الأزمة للوقوف على أسباب انتشار هذه الظاهرة.
النائب محمد عمارة عضو لجنة الصحة بالبرلمان، تقدم بطلب إحاطة، بشأن كثرة الانتحار باستخدام أقراص حفظ الغلة التى تستخدم فى حفظ الغلة من السوس.
وحذر"عمارة" من استخدام هذه الأقراص المتسببة فى انتحار الكثير من الشباب مؤخرا، مطالبا بإيجاد حل لمنع استخدامها،
قائلا: "معايا جميع المستندات التى تثبت وفاة بعض الشباب بسبب تناولهم حبوب الغلة".
وتقدم النائب محمد صلاح خليفة، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور عضو مجلس النواب عن دائرة أبو المطامير وحوش عيسى فى محافظة البحيرة، بطلب إحاطة للدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، موجه لوزير الزراعة حول انتشار "حبوب الغلة" القاتلة وضعف الرقابة على تداولها.
وقال "خليفة"، إن أقراص فوسفيد الألومنيوم – الاسم العلمى لحبوب تخزين القمح – والتى تمثل مبيدا لحفظ الحبوب والغلال، تعد من الجواهر السامة التى تسبب وفاة من يتناولها فى الحال، وذلك لعدم وجود رقابة على تداولها عبر محلات بيع المبيدات الزراعية، وعدم قيام الوزارة بتوفير بدائل آمنة لحفظ الحبوب والغلال.
وأوضح نائب رئيس برلمانية النور، أن الحبوب تتسبب فى وفاة المواطنين سواء تناولها بغرض الانتحار أو استخدامها كأحد الجواهر السامة بحسب قانون العقوبات وتطبيقاته والتى يتوجب سرعة منع تداولها وإدراجها ضمن جدول المواد المخدرة والسامة والقاتلة ضمن قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960.
ليس لها ترياق قسم ومركز الطب الشرعى الإكلينيكى وعلاج التسمم والإدمان بمستشفيات جامعة المنوفية، حذّر العام الماضى من خطورة التسمم الحاد بها وازدياد معدل الحالات الواردة إلى المركز وليس لها ترياق مضاد إلى الآن، كما تقدم الدكتور أحمد خليل خير الله، رئيس الهيئة البرلمانية النور ، أيضا ببيان عاجل لرئيس الوزراء ووزيرى الصحة والزراعة بعد ارتفاع حالات الوفاة بسبب هذه المادة.