جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 03:56 مـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

دكتور مصطفي راضي يكتب: صحتنا في زراعتنا

أ.د/ مصطفى راضي
أ.د/ مصطفى راضي

تعد الصحة أعظم ثروة يمتلكها الإنسان وليس المال كما يظن بعض الناس، ومن الناس من ينفق أموالاً طائلة لأجل استرداد ولو جزء من صحته، فالصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، ويعاني الكثير من الناس اليوم مشاكل صحية خطيرة إنعكاساً لما يتناوله من غذاء ملوث يأتي من مزارع ملوثة (الأراضي الزراعية). 

ففي الآونة الأخيرة أصبحت المزارع ملوثة بملوثات خطيرة والتي تنتقل إلى المحاصيل الزراعية وبالتالي إلى غذائنا.. 
فما السبب؟ وكيف نعيد للمزرعة (الأرض الزراعية) هيبتها الإنتاجية؟ وكيف نسترد صحتنا كما كانت في سابق عهدها؟..

إن السبب في تلوث المزرعة هو الإستخدام المكثف للأسمدة الكيماوية والمبيدات الكيماوية الملوثة بلا قيود لأجل إنتاج محصولي كبير وعائد مادي كبير. نعم يمكن أن يحصل المزارع على عائد مادي كبير جراء الحصول على محصول كبير ولا يدري أنه يدس السموم في غذاء أهله وذويه قبل الآخرين من أهل وطنه.

ولكي نعيد للأرض الزراعية هيبتها الإنتاجية فلا بد من نظرة للخلف قليلاً لنتعرف على الزراعة النظيفة قديماً، في زمن كان الناس لا يشتكون من أي أمراض خطيرة مثل التي نسمع عنها في الآونة الأخيرة مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض الكبد والزهايمر وغيرها الكثير. 

فقبل بداية انتشار الأسمدة الكيماوية والمبيدات الكيماوية كانت الزراعات نظيفة نظراً لإستخدام الأسمدة العضوية (السباخ البلدي) وكان وقتها الإنتاج قليل إلا أنه كان صحياً، موفراً على متناوليه أموالاً طائلة كانت ستنفق على العلاج، فالهيبة الإنتاجية ليست في كثرة الإنتاج ولكن في جودته ونظافته.

ولكي نسترد صحتنا كما كانت في سابق عهدها فلا بد من العودة إلى الزراعة العضوية النظيفة، لا بد من تحويل الزراعات الكيماوية إلى زراعات عضوية، ولن نقول لا بد من التحول مرة واحدة ولكن نجاح التحول لا بد أن يكون على مراحل تدريجية بحيث يتم التخفيض التدريجي في استخدام الأسمدة الكيماوية مع استخدام الأسمدة العضوية والكمبوست والأحماض الهيومية التي يمكن الحصول عليها بسهولة مع استخدام بدائل المبيدات الطبيعية والبيولوجية حتى الوصول إلى الاستغناء الكامل عن الأسمدة الكيماوية والمبيدات الملوثة والاستخدام الكامل للأسمدة العضوية المختلفة وبدائل المبيدات. وهذا صحيح سيقل الإنتاج قليلاً أو كثيراً لكنه سيكون نظيف خالي من الملوثات وفي المقابل ستكون قيمته المادية أعلى مما يعوض نقص كمية المحصول.

 أيها المزارع المصري الأصيل كم من مريض بمرض خطير بمصرنا الحبيبة يكلف الدولة من الأموال الطائلة لجلب العلاج، أكاد أجزم أن الملايين من المصريين تلتهم أجسادهم مختلف الأمراض منها الخطير والذي قد يودي إلى الهلاك. أيها المزارع المصري الأصيل رفقاً بنفسك، رفقاً بأهلك، رفقاً بأبناء مصرنا الحبيبة، فالرفق جوهرة لا تقدر بثمن. أيها المزارع المصري الأصيل أما آن الأوان لتحويل مزرعتك من الزراعة الكيماوية الملوثة إلى الزراعة العضوية النظيفة؟ أيها المزارع المصري الأصيل صحتك وصحة أبنائك وأهلك في مزرعتك، فكن أمين مع نفسك ومع مستهلكي إنتاجك.

أستاذ ورئيس قسم النبات بكلية الزراعة جامعة الفيوم