جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 07:02 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

صبري الموجي يكتب: فمثلُه كمثلِ الكلب !

 من بلاغة التصوير القرآني أن شبّه الحقُ سبحانه من يُكذبُ بآيات الله بالكلب الذي يلهث علي الدوام، سواءٌ أعطيته أو منعته قربته أو طردته، في الصحة أو المرض، في الجوع أو العطش، فقال سبحانه: (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث)، وهذا حالُ المنافق كذلك، الذي يُظهر خلاف ما يبطن.

 وهؤلاء المنافقون قد فضحهم القرآنُ في غير آية، كما بينت السنةُ صفاتهم لينفضح أمرُهم من جهة، ويتجنب المسلمون الوقوعَ في أيٍ منها قدر الاستطاعة من جهة ثانية، ففي الحديث المُتفَق عليه أن آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب،  وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان، وفي رواية وإذا خاصم فجر، ولا شك أنها صفاتٌ غاية في القبح استحق صاحبُها أن يكون في الدرك الأسفل من النار.
وأعتقدُ أن سبب هذه المنزلة المنحطة للمنافقين يعود إلي شدة بأسهم وعظيم ضررهم، لذلك أوصي الشرع بضرورة التحري في اختيار الأصدقاء، ونهي أن يجعل المرءُ من نفسه كتابا مفتوحا لأخيه، فيكون أعلم بموطن الداء، ولله در القائل : 
احذر من عدوك مرة ومن صديقك ألف مرة، فلربما انقلب الصديقُ عدوا فكان أدري بالمضرة.

 وليس المقال دعوة للتشاؤم أو القول بعدم الثقة في الأصدقاء، فهذا مرفوضٌ شكلا وموضوعا، ولكنه دعوة للتعقل، والتماس العذر للأصدقاء،  وذلك بأن يرفع المرء شعار : وكفي بالمرء نُبلا أن تُعدَ معايبه، والتريث في الحب و الكره امتثالا لقول السنة: (أحبب حبيبك هونا ما، عسي أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسي أن يكون حبيبك يوما ما).
ليعلم كلُ إنسان أنه يصاحب بشرا وليسوا ملائكة، وكلُ البشر خطاء.

 قابلتني هذه النماذج التي يكون أصحابُها مؤمني الرضا كافري الغضب، فتراه في فرحه بحرا هادرا في التملق والمديح، وفي غضبه كلبا نبّاحا، لا يتذكر محمدة، ولا يقر معروفا، يصدق عليه : ( وإذا خاصم فجر ).
يعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويروغ منك عند الشدائد كما يروغ الثعلب.
هذه النماذج ذات زبيبة الوجه، والمسبحة التي تلامس الأرض من كثرة حباتها، ممن يكون مسُهم في حال الرضا مس أرنب،  وفي غضبهم أشد فتكا من أم عامر لابد أن يقف في وجههم المجتمع ويكشف ألاعيبهم، لأنهم ماداموا قد نقلوا لك فلابد أن ينقلوا عنك.