جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 06:05 مـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

صبري الموجي يكتب:«فواتير نار .. وخدمة في الدمار ! »

لم يكن قولُ المُتنبي : وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكاء، مجرد استجابة لربة الشعر، التي هيّجت مشاعره واستنطقت قريحته ليصوغَ تلك القصيدة التي حوت البيت أعلاه وفقط، بل كان تعبيرا عن واقع مَعيشٍ تسيطر أجواؤه الكئيبة علي بعض إن لم يكن كثيرا من مؤسسات الدولة، التي يُعدُ فيها الروتين هو (سيد قراره)، والحال التي لا يمكن تغييرها، والتي بسببها يعاني المتعاملون مع مؤسسات الدولة من البيروقراطية المقيتة التي تُهدر الجهد والوقت والمال، وتغض الطرف عن شكاوي المواطنين ومطالبهم؛ وهو ما يجعل وصول مصر وغيرها من الدول العربية إلي مصاف الدولة المتقدمة أمنية لا يمكن تحقيقها حتي يلجَ الجملُ في سمّ الخياط !
تتعدد مصالحُ الدولة ومؤسساتها التي يتحكم فيها الروتين، وتُحدد سيرها البيروقراطية، التي تجعل من بعض موظفي المؤسسة الصغار (عبده مُشتاق)، فيجعل من نفسه مديرا للمصلحة التي يتبعها، دون التفات للوائح والقوانين، وذلك بالتماس حيلٍ ومبررات تجعله في واد وتعليمات رؤسائه في واد آخر .
نموذج الموظف البيروقراطي، تراه عزيزي القارئ أو قُل تتعثر قدماك فيه في أكثر من مؤسسة من مؤسسات الدولة، سواء في شركة الكهرباء، أو مرفق مياه الشرب والصرف الصحي، أو الشركة المصرية للاتصالات، أو هيئة النقل والمواصلات، أو هيئة السكة الحديد، وغيرها الكثير من المؤسسات، التي يكثر بها موظفون يُعطلون مصالح الجمهور دون التفات إلي استجارة مُستجير أو شكوي شاك، وذلك بجعل آذانهم إحداها من طين والأخري من عجين.
من تلك المؤسسات التي جعلت شُغلها الشاغل رفع مقابل الخدمة، مع قلة جودتها الشركةُ المصرية للاتصالات، التي صارت فواتيرُها نار ، رغم أن خدماتها دون المستوي، وأعتقد أن السبب في ذلك هو عدم وجود شركات منافسة، تقدم خدمة أفضل بمقابلٍ أقل.
فلوجودِ تحديثٍ في بعض ( كبائن التليفونات) بقرية إمياي بمركز طوخ بالقليوبية، وأؤكد أن هذا يتكرر في كثير من القري والمدن؛ انقطعت حرارة التليفونات والنت عن كثيرٍ من المشتركين لمدة وصلت إلي أسبوع، دون إنذار مُسبق، يُمكن المشتركين من البحث عن وسائل بديلة، توفر لهم الخدمة خاصة (الإنترنت)، الذي صار ضرورة من ضرورات البيوت والأسر بعد الاعتماد عليه في الدراسة والتعليم في ظل منظومة تطوير التعليم الأخيرة، التي جعلت النت هو المرجع الأول والأخير للطلاب خاصة الثانوية العامة، وبعض الكليات الجامعية، فضلا عن أنه أضحي الوسيلة الأسرع والأنجع لتعامل الكثيرين من موظفي الهيكل الإداري بالدولة.
المُزعج أن حرص الدول الأوروبية علي النظام، الذي نسمع عنه صباح مساء، وهو ما دفع وزيرا للاستقالة لحدوث عطل بوزارته أو خطأ غير مقصود، وأجبر وزير الكهرباء  في دولة أخري علي الاعتذار لمجرد انقطاع التيار لثوان معدودة،  وجعل وزير النقل بدولة ثالثة يشعر بالندم؛ لتأخر إحدي وسائل النقل عن موعدها دقيقة أو دقيقتين علي الأكثر، وغيرها من وقائع سمعنا عنها .. كل هذا يجعل ( الأقرع يشُد في شعره) في مصر أم الدنيا.
وأخيرا أقول :  لنشقَ طريقنا نحو التقدم، فلابد من وجودِ ضمير يقظ، وإيمان بأهمية قضاء مصالح الناس، فضلا عن رقابة المسئول الذي يضرب علي يد المُقصر  بعصا من حديد، هذا إلي جانب مُحاربة الرشوة، والمحسوبية، التي تُعطي الحق لغير مُستحقيه، وتجعل الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، بالإضافة إلي ضرورة احترام النظام، وعدم تضييع وقت المؤسسات في قراءة الأخبار، وحل الكلمات المتقاطعة، أو لعبة الببجي، أو الشات، وغير ذلك من وسائل لهو وفساد ألقت بظلالها القاتمة علي مجتمعاتنا العربية .. أقول بهذا فقط سنستعيد مجدنا، وإلا سنظلُ أمة ضحكت من جهلها الأمم .