جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 05:07 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أحمد سلام يكتب: ثورة المتنبي !

المستشار أحمد سلام
المستشار أحمد سلام

كم أتمنى أن يُنحت للشاعر أبي الطيب المتنبي، "(303هـ - 354هـ) (915م - 965م)"، تمثالا في ميدان بمصر، بمثل ميدان المتنبي الشهير في بغداد، وقد كان مجيئه إلي مصر بمثابة قدوم لجراح ماهر يشخص الداء ويحدد الدواء وفي جميع الأحوال الشفاء من السماء.

أبو الطيب المتنبي المولود في الكوفة ذو العمر القصير، وقد لقي ربه عن خمسين عاما مدح سيف الدولة وهجاه وفي النهاية مات قتيلا بعد أن تربص به قاتله وقد حاول الهرب ليقول له خادمه :- أتهرب وأنت القائل:

الخيل والليل والبيداء تعرفني

والسيف والرمح والقرطاس والقلم

ليرد عليه قتلتني قاتلك الله، وقد كان ذلك القول بمثابة كشف عن شخصيته لقاتله!.

مافعله أبو الطيب المتنبي في حياته في واد، ورحلته لمصر في واد، وقد شخص كل مواجع مصر وأحزانها وأتراحها في قصائد خلدته، وصارت هي الجواب الشافي لكل مايحدث بمصر إلى ما شاء الله.

يكفيه أنه قال قولة حق في وجه حاكم جائر، هو كافور الأخشيدي ليطرده من مصر فجر أحد الأعياد ليكتب قصيدة هي الأروع في تاريخ الشعر عن وصف لحال مصر صارت موضع ثناء، لأنها تصلح لكل زمان ومكان، لتنطبق على شخوص لاحصر لهم وقد تعددت الأسماء!.

كتب المتنبي قائلا:

عيـد بـأيـة حـال عـدت يـا عيــد
بـمـا مضـى أم لأمـر فيـك تجديـد
أمـا الأحــبــة فـالبيــداء دونـهـم
فـليـت دونـك بيــداً دونـهـا بيــد

إلي أن إنتهي قائلا:-

صـار الخصـي إمـام الآبقيـن بـهـا
فـالحـر مستعبـد والعبـد معبــود
نامـت نواطيـر مصـر عـن ثعالبهـا
فقـد بشمـن ومـا تفنـى العناقيـد.

من الصعب التعقيب على عبقرية المتنبي، لأنه سبق زمانه وكل زمان.

المبتغي إذا من التذكير بثورة المتنبي ضد الفساد، لأنها كشفت الداء والدواء على نحو "يُلزم" كل حاكم أن يعاود قراءة ماخطه المتنبي إن كان يرجي لمصر أن تفارق البؤس وتعاود النهوض من جديد!.

مصر إذا تنتهب منذ زمن المتنبي وحتى هذا الزمان ومازال أهلها يجدون مايقيم الأود وذاك ستر من عند الله، وقد وصل الأمر إلى أن تغول الثعالب خلال سنوات عنوانها الظلم والاستبداد وما تفنى العناقيد على نحو يستلزم اليقظة وقطع الرقاب، وذاك هو المرجو في سبيل صلاح أمر البلاد والعباد.