جريدة الديار
الجمعة 30 مايو 2025 04:32 مـ 3 ذو الحجة 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نميرة نجم: بإتفاق تشاجوس السيادة ممكنة والعدالة تتحقق في مواجهة القوى المهيمنة

أكدت السفيرة د. نميرة نجم خبير القانون الدولي أن الإتفاق الذي تم التوصل إليه بين حكومة موريشيوس والمملكة المتحدة الأسبوع الماضي بشأن أرخبيل تشاجوس يُعد إنجازًا تاريخيًا يتجاوز التوقعات، خاصة في ظل الأوضاع العالمية الراهنة ، مُوضحة أن موريشيوس تمكنت من تحقيق مكاسب سيادية و إقتصادية هامة، حيث تم الإعتراف الكامل بسيادتها على كامل أرخبيل تشاجوس، بما في ذلك جزيرة دييجو جارسيا، مع التوصل إلى تفاهمات واضحة بشأن إدارة القاعدة العسكرية القائمة هناك بالتعاون مع الولايات المتحدة، جاء ذلك في تصريح لنشرة أخبار قناة موريشيوس (MBC) مساء أمس عبر برنامج زووم .

و أشارت السفيرة، إلى أن هذا الإتفاق يُمكّن موريشيوس من ممارسة ولايتها القضائية الكاملة على الأرخبيل، مع إحتفاظ المملكة المتحدة و الولايات المتحدة بحق إستخدام جزء منه لتشغيل القاعدة العسكرية، و لكن ضمن ضوابط تتطلب موافقة مسبقة من الحكومة الموريشية، مما يُرسخ ممارسة فعلية للسيادة المشتركة ،كما يتضمن الإتفاق بندًا ماليًا يتمثل في تعويض سنوي كبير يُدفع لحكومة موريشيوس كإيجار لإستخدام دييجو جارسيا، على أن يُخصص هذا المبلغ لتنمية الجزر، إلى جانب الإعتراف الرسمي بحق العودة للمهجّرين من الأرخبيل.

وفي ردها على الإنتقادات التي ترى أن الإتفاق يُعد تنازلًا جديدًا من حكومة موريشيوس، أوضحت السفيرة نجم، أن الوضع تغيّر جذريًا مقارنة بما كان عليه قبل سنوات، حيث لم يكن لموريشيوس سوى قرارات أممية دون تنفيذ، في ظل تعنّت بريطاني شديد، ما وضع موريشيوس و إفريقيا كلها في موقف حرج، وأضافت أن محكمة العدل الدولية كانت قد أصدرت رأيًا إستشاريًا واضحًا يؤكد عدم شرعية الإدارة البريطانية للجزر، و يدعو إلى إستكمال عملية إنهاء الإستعمار، إلا أن تنفيذ هذا الرأي ظل مُعلقًا بسبب رفض بريطانيا الإمتثال له، ما جعل التقدم نحو تنفيذ هذه القرارات أمرًا بالغ الصعوبة.

و أكدت السفيرة، أن التوصل إلى هذا الإتفاق يُعد نجاحًا كبيرًا ليس فقط لموريشيوس، بل للقارة الإفريقية بأكملها، لأنه يمثل إعترافًا من القوى الكبرى بحقوق الدول النامية في السيادة، و إنهاء الإستعمار، و تحقيق العدالة التاريخية. و اعتبرت أن ما تحقق يُظهر أن قرارات الأمم المتحدة وآراء محكمة العدل الدولية، رغم ما قد يعتري تنفيذها من صعوبات، يمكن أن تؤتي ثمارها في نهاية المطاف إذا ما توفرت الإرادة و التمسك بالحق.

و شددت على أن هذا الإتفاق يشكل نموذجًا يجب على الدول الإفريقية دراسته و الإستفادة من دروسه، خاصة في ما يتعلق بكيفية إسترداد الحقوق ومواجهة التمييز والإستغلال الناتج عن الإستعمار.

و أكدت أن ملايين الأفارقة، سواء في القارة أو في الشتات، عانوا من تبعات العبودية و الإستعمار و التمييز الإقتصادي، وأن هذا الإتفاق يمثل خطوة نحو معالجة هذا الإرث المؤلم، و يبعث برسالة أمل مفادها أن العدالة ممكنة حتى في مواجهة القوى المهيمنة.

و كانت صحيفة الجارديان البريطانية قد أكدت أن السفيرة د. نميرة نجم، المستشارة القانونية السابقة للإتحاد الإفريقي، لعبت دورا هاما في الإجراءات (significant role) كرئيس وفد فريق دفاع الإتحاد الإفريقي أمام محكمة العدل الدولية في قضية تشاجوس و نقلت عن مرافعتها أمام المحكمة في القضية قولها : "من غير المعقول أن يكون هناك اليوم، في القرن الحادي والعشرين، جزء من إفريقيا لا يزال خاضعا للحكم الإستعماري الأوروبي.

و كانت مبادرة السفيرة نميرة في مشاركة الإتحاد الإفريقي في الرأي الإستشاري في قضية تشاجوس داعمًا لدولة موريشيوس هي الأولى من نوعها في تاريخ المنظمة و بداية تأسيس و تدشين لعصر و ميلاد مرحلة جديدة لمدرسة قانون إفريقية خالصة ليست فقط في القارة و لكن في تغيير قواعد ممارسة العمل القانوني الدولي بالعالم، فقد مهدت الطريق لترسيخ و فتح الباب لمشاركة الإتحاد الإفريقي كتقليد و عرف وطقس متبع بعد ذلك في الإجراءات الإستشارية والإلزامية أمام المحاكم الدولية في قضايا أخرى تهم دول القارة ، علاوة علي انها كانت حجر زاوية في فقه اللجوء إلى المحاكم الدولية .

و في تطورً تاريخي في ملف تصفية الإستعمار أعلنت الولايات المتحدة، في الأول من أبريل 2025، موافقتها الرسمية على الإتفاق المبدئي بين المملكة المتحدة وموريشيوس بشأن نقل السيادة على أرخبيل تشاغوس، بحسب ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، و قد مهدت هذه الموافقة الطريق لتوقيع الإتفاق النهائي بين لندن وبورت لويس في 22 مايو 2025.

وكانت الحكومة البريطانية قد صرّحت في وقت سابق بأنها بانتظار الضوء الأخضر من واشنطن، نظرًا للأهمية الإستراتيجية البالغة لقاعدة دييجو جارسيا العسكرية، التي تُعدّ ركيزة أساسية في التعاون الأمني والعسكري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في المحيط الهندي.

وينص الإتفاق الأخير على نقل السيادة على أرخبيل تشاجوس إلى موريشيوس، مع إحتفاظ بريطانيا والولايات المتحدة بالحق في إستخدام قاعدة دييجو غارسيا لمدة 99 عامًا بموجب عقد إيجار طويل الأمد، و ستدفع المملكة المتحدة في السنوات الثلاث الأولى 165 مليون جنيه إسترليني سنويًا، من السنة الرابعة إلى الثالثة عشرة سيكون المبلغ 120 مليون جنيه إسترليني سنويًا، بعد السنة الثالثة عشرة سيتم تعديل المبلغ سنويًا وفقًا لمُعدلات التضخم.

و يُقدّر إجمالي المدفوعات على مدى 99 عامًا بحوالي 3.4 مليار جنيه إسترليني، مما يُعدّ أحد أكبر الإتفاقيات المالية المُتعلقة بالسيادة في التاريخ الحديث.

و يُعدّ هذا الإتفاق بمثابة إنتصار كبير لموريشيوس في نضالها الطويل لإستعادة السيادة الكاملة على الأرخبيل، و يعكس خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة التاريخية لسكان الجزر الأصليين.

وقد رحّب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإتفاقية الأخيرة، مُؤكدًا أنها تُعزز من إستقرار العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.

و قد أشار وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إلى أن الإتفاقية تضمن التشغيل المستقر و الفعال للمُنشأة العسكرية المشتركة في دييجو جارسيا.