الغرقانة: نموذج ناجح للتنمية المستدامة في جنوب سيناء

أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أن إفتتاح مشروع تطوير قرية الغرقانة هو محطة جديدة تحكي رحلة متواصلة من التنسيق و الشراكة مع الجهات المعنية، و المجتمع المحلي الذي كان متفهما لعملية التطوير بعد الإستماع إلى إحتياجاته، و إصدار اللوائح و التشريعات اللازمة، كما يُعدّ هذا المشروع نموذجًا مُتكاملًا للتنمية، لأنه يراعي الأبعاد الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية، لافتة إلى أن المشروع كان نتاج العمل يدا بيد و شراكة حقيقية مع أصحاب المصلحة، و في مُقدمتهم المجتمع المحلي، و شركاء التنمية من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و بتمويل من مرفق البيئة العالمي، و دور ملهم للسيد محافظ جنوب سيناء في تذليل عقبات تنفيذ المشروع.
جاء ذلك خلال إفتتاح الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، برفقة اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء، لمشروع تطوير قرية الغرقانة بمحمية نبق بشرم الشيخ، بحضور السيد اليساندرو فراكستي المُمثل المُقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و الدكتور علي أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، و مُمثلي قطاع السياحة في مصر و شيوخ القبائل، و كوكبة من السادة النواب و الإعلاميين و مُمثلي المجتمع المدني. و هذا ضمن إطلاق وزيرة البيئة لعدد من ثمار مشروع "جرين شرم" و الذي يتم تنفيذه بالتعاون بين وزيرة البيئة و و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
و أعربت الدكتورة ياسمين فؤاد، عن إعتزازها بافتتاح هذا المشروع في نهاية رحلتها كوزيرة للبيئة و واحدة من أعضاء قطاع البيئة الرسمي في مصر، و الذي خدمته على مدار ٢٦ عام، حيث حقق هذا المشروع حلم عملت عليه مع زملائها في القطاع و هو إظهار كنوز مصر الطبيعية و صونها و دمج المجتمع المحلي في مسارات تنمية محمياتنا الطبيعية، مُؤكدة أنها تحرص من خلال مُهمتها الجديدة على الإستمرار في تمثيل مصر و القارة الإفريقية في ملف من أهم الملفات التي تشكل تحديًا يمس تدهور الأراضي و الأمن الغذائي و الهجرة و إستدامة العيش للسكان المحليين و استقرارهم.
و أوضحت وزيرة البيئة أن المشروع يأتي ضمن رؤية مُتكاملة للدولة تنطلق من أن الحفاظ على محميات مصر الطبيعية جزء أصيل من تحقيق إستدامة مواردنا الطبيعية، فهي نموذج واضح يمكن تطويره، و كان لابد من إشراك حقيقي لسكانها المحليين لتحقيق هذا التطوير، مُشيرة إلى أن رحلة وزارة البيئة مع شركاء التنمية في تطوير المحميات شَملت العديد من المحطات، و منها خلق مناخ داعم للسياحة البيئية مع إظهار الفرق بينها و بين السياحة المُستدامة التي لا تقوم على البيئة و لكن تراعي الأبعاد البيئية، حيث إستطعنا خلق مفهوم السياحة البيئية بمجموعة من الحملات التوعوية و أهمها حملة إيكو إيجيبت و التي إنطلقت تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية تحت مظلة الحملة القومية "إتحضر للأخضر"، إستهدفت رفع الوعي البيئي بمحميات مصر الطبيعية و تراث سكانها المحليين.
و أضافت وزيرة البيئة أن خلق المناخ الداعم للسياحة البيئية كان من خلال العمل جنبا إلى جنب مع القطاعات المختلفة، خاصة وزارة السياحة فيما يخص معايير النزل البيئي والتدريب على مفهوم السياحة البيئية، و أيضًا القطاع الخاص الذي يملك ٩٨٪، من قطاع السياحة في مصر، و إتحاد الغرف السياحية، ليكون قطاع السياحة حليف رئيسي في مختلف الأنشطة.
و أشارت وزيرة البيئة، إلى أنه بالتوازي مع إفتتاح المشروع اليوم، يتم على الساحل المُقابل في مدينة الغردقة تركيب حساسات بيئية بالتعاون الكامل مع المجتمع المدني مُمثلة في جمعية هيبكا و إتحاد غرف الغوص، مُؤكدة أن الحفاظ على مواردنا الطبيعية و التوسع في السياحة البيئية يجعل الكل مسئول وله دور و جميعنا شركاء في الحفاظ على موارد مصر الطبيعية، من حكومة و قطاع خاص و مجتمع مدني و سكان محليين و البرلمان و الإعلام و الشباب وغيرهم.
و تقدمت الدكتورة ياسمين فؤاد، بالشكر لكل القائمين على هذا إنجاز هذا العمل، وصولا إلى تطوير قرية الغرقانة بما يتوافق مع إحتياجات و تطلعات المجتمعات المحلية. قائلة "لقد وعدنا و أوفينا، و نفذنا قرية تليق بأهلها، و خصت بالشكر السيد المحافظ اللواء خالد مبارك على جهوده الحثيثة، مُؤكدة على إستكمال المشوار من خلال مشروع “جرين شرم”، و ثَمَنّت أيضًا دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كشريك داعم دائما لوزارة البيئة.
و من جانبه، تقدم اللواء دكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء، بالشكر للدكتورة ياسمين فؤاد على جهودها الكبيرة من أجل تطوير المحميات الطبيعية ، لافتًا إلى أن المشروعات البيئية في جنوب سيناء ستظل نقطة نجاح مُضيئة في مسيرتها، كما سنظل فخورين بإسهامها في دعم مكانة شرم الشيخ و الذي أهل إنضمامها كأول مدينة مصرية خضراء إلى شبكة ECLEI الدولية أو المجلس الدولي للمبادرات البيئية المحلية للأطراف المُستدامة.
و أشار محافظ جنوب سيناء، إلى أن المشروع لا يحقق فقط التنمية المُستدامة لقرية الغرقانة، بل يترجم فلسفة التنمية المُتكاملة التي تتبناها الدولة المصرية، ونجاح الشراكات الإستراتيجية التي توجها التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مُوجهًا الشكر للبرنامج علي دعمه لمشروعات تحقق تنمية تقوم على التوازن بين الحفاظ على الموارد الطبيعية، و تلبية إحتياجات المجتمعات المحلية، مُوضحًا أن المحافظة تُمثل فُرصة حقيقية لإستثمارات مسئولة تحقق عائدًا إقتصاديًا، و تُحافظ في الوقت ذاته على الموروث البيئي لما تتمتع به من تراث بيولوجي فريد و متنوع، مُوجهًا الدعوة للشركاء الدوليين و المُستثمرين للإستمرار في دعم هذه الرؤية الطموحة، و المساهمة في تحويل جنوب سيناء إلى نموذج يحتذى به في تطبيق مبادئ الإستدامة في إطار إستراتيجية الدولة المصرية.
في حين، أكد السيد اليساندرو فراكستي، المُمثل المُقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن تطوير قرية الغرقانة ليست مُجرد مشروع، بل هو رؤية تحققت، و قصة صمود و تراث و أمل تعكس تكامل المجتمع مع الحفاظ على البيئة، من خلال مساعدة المجتمعات على العيش و العمل بتناغم أكبر مع البيئة، حيث صُممت القرية مع التركيز على الإستدامة و الإبتكار، سواء من بناء المساكن الصديقة للبيئة و الإعتماد على الطاقة المُتجددة، إلى السياحة المسئولة و إدارة المُخلفات، لتقدم قرية الغرقانة معيارًا جديدًا للحياة الريفية الواعية بيئيًا و التي تقدم فُرصًا إقتصادية.
و أعرب عن إعتزازه بأن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كان شريكًا في كل خطوة من خطوات عملية التطوير و التي تم صياغتها من خلال الحوارات المجتمعية و التخطيط التشاركي، لإنشاء نموذج يعكس الهوية المحلية ويدعم سُبل العيش المُستدامة، بهدف تعزيز تبادل المعرفة في مجال التنمية المُستدامة والشاملة، و إبراز ريادة مصر في الحفاظ على البيئة، و بناء شراكات للعمل المُستقبلي في مجال السياحة المُستدامة و الحفاظ عليها.
ومن جانبه، أكد المهندس محمد عليوة مدير مشروع جرين شرم، أن المشروع قد يبدو للوهلة الأولى كمشروع إنشائي تنموي تقليدي، لكنه في حقيقته مشروع تنموي مُتكامل يعكس نموذجًا ناجحًا للتعاون بين وزارة البيئة، و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و المجتمع المدني مُمثلًا في أهالي قرية الغرقانة، و ذلك على مدار ثلاث سنوات، مُضيفا أن المشروع يتميز بطابعه الخاص، حيث يحقق أبعادًا تنموية مُتعددة تشمل الجوانب الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية.
كما أوضح أن هذا المشروع لم يكن مُجرد نتيجة لخطة مُتكاملة لتنمية المجتمع المحلي بقرية الغرقانة، بل إن هذه الخطة ذاتها جاءت كأحد المحاور الرئيسية لمبادرة “جرين شرم” للتنمية المُستدامة و الشاملة لمحمية نبق الطبيعية، و هي المُبادرة التي تُعدّ جزءًا من رؤية وزارة البيئة لتنمية المحميات الطبيعية، و التي وُضعت عام 2018 و تستند هذه الرؤية إلى أربعة أبعاد تنفيذية رئيسية، تتمثل في الآليات التنظيمية، تطوير البنية التحتية، الترويج و رفع الوعي و الآلية الرابعة الدعم المؤسسي.
و قد تفقدت الدكتورة ياسمين فؤاد، الوحدات السكنية التي تم تطويرها بقرية الغرقانة، باستخدام أساليب العمارة البيئية و طرق البناء المُستدام، مع مراعاة السياق الثقافي المحلي و هوية المجتمع البدوي، مما يُعزز من جاذبيتها السياحية و يمنحها طابعًا أصيلًا يحترم البيئة و يجذب الزوار من المُهتمين بالسياحة البيئية و الثقافية على حَدٍ سواء. كما إفتتحت المشغل و الجمعية الأهلية بالقرية، و تم عرض فيلم وثائقي لمراحل تنفيذ بناء قرية الغرقانة، و أدارت حوارا مفتوح مع المُشاركين من الجهات الحكومية، المجتمع المدني، و القطاع الخاص حول مُستقبل السياحة البيئية في مصر.