تحت رعاية وزير الثقافة.. الأعلى للثقافة يُطلق ”خارطة طريق مصر الخضراء” لمُواجهة التغيرات البيئية

نظّمت لجنة الجغرافيا و البيئة بالمجلس الأعلى للثقافة، مؤتمر "التغيرات البيئية في مصر"، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، و بإشراف الدكتور أشرف العزازي.
جمع المؤتمر نُخبة من الخبراء و الأكاديميين، خرج بـ "خارطة طريق" واضحة المعالم، تؤكد أن مُواجهة تحديات المناخ تتجاوز الحلول التقليدية و تتطلب دمجاً جذرياً للتقنيات الحديثة و الوعي الإجتماعي في إطار رؤية مصر 2030.
إفتتح المؤتمر بكلمات شددت على البعد الوطني لقضية المناخ، و أكد الدكتور عبدالمسيح سمعان، مقرر المؤتمر، أن الفَعّالية تأتي في "وقت حرج" يتميز بتدهور النظم البيئية. مُشيرًا إلى أن إستجابة مصر لهذا التحدي تتجسد في مبادرات رئاسية كُبرى مثل "حياة كريمة" و"إتحضر للأخضر"، مُؤكداً أن قضية المناخ هي "مسئولية تخص كل فرد".
من جانبه، ربط الدكتور عطية الطنطاوي، قضية البيئة بـ"صحة الإنسان و بقائه"، داعياً إلى إعتبار حماية الموارد إلتزاماً وطنياً.
ركزت الجلسة العلمية الأولى، برئاسة الدكتور فتحي أبو راضي، على تحليل الآثار الجغرافية و تقديم حلول قابلة للتطبيق:
إنقاذ الشمال الغربي:
حذّر كل من الدكتور عطية الطنطاوي و الدكتور مصطفى محمد رجب، من تسارع التغيرات المناخية بسبب الوقود الأحفوري، و قد أوصيا بضرورة التحول نحو "زراعة المحاصيل المُقاومة للجفاف و الملوحة" و تبني أنظمة الري بالتنقيط كاستراتيجية تكيف عاجلة.
هشاشة الواحات: سلطت الدكتورة فيروز محمود حسن الضوء على واحات مصر (مثل سيوة و الفرافرة) كنظم بيئية هشة مُهددة، مُشيرة إلى تأثير التدهور البيئي المباشر على النسيج العمراني.
البصمة المصرية:
أوضح الدكتور طه عبد العظيم الصباغ، أن بصمة مصر الكربونية لا تتجاوز 0.6% عالمياً، لكنه حذّر من مخاطر تلوث الهواء و الماء الداخلية.
التقنيات و الإستراتيجيات: الذكاء الإصطناعي دفاعاً عن البيئة.
و إنتقلت المناقشات إلى دور التكنولوجيا.
الذكاء الإصطناعي و المُواجهة (الجلسة الأولى): قدم الدكتور لطفي كمال عزاز و الدكتور محمد علي فهيم رؤية شاملة لتوظيف التقنيات الجغرافية الحديثة و الذكاء الإصطناعي في إدارة الأزمات البيئية. و تشمل هذه التطبيقات مراقبة النمو الحضري، تقييم التصحر، و رسم خرائط الهشاشة المناخية بدقة مُتناهية.
و إستعرضت المهندسة ليديا عليوة الإطار التكنولوجي لـ"الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050"، داعية إلى تعزيز البحث و الإبتكار في التكنولوجيا الخضراء، و تطوير بنية تحتية مقاومة للمناخ.
و تناولت الجلسة الثانية "٥" محاور تحت عنوان " دور التربية و الإعلام في الحَدّ من التغيرات البيئية برئاسة الدكتور عبد المسيح سمعان و الدكتورة فاطمة عبد الله، مقرراً الجلسة و بمشاركة نُخبة من المُتخصصين، فقد بدأت الجلسة بمحور لمناقشة بحث بعنوان " دراسة الوعي بالتغيرات البيئية الحالية و المتوقع لدى فئات مختلفة من الأفراد في مصر" للدكتور عبدالمسيح سمعان، و جاء المحور الثاني عن الايكو سينما و الحلول المُبتكرة للتوعية للحَدّ من التغيرات البيئية تحدثت فيها الدكتورة ريهام رفعت محمد، و عن دور الطفل كمحفز للوعي البيئي الأسري تحدثت الدكتورة رحاب يوسف بدراسة تأثير الأجيال الناشئة على سلوك الوالدين، و تحدث الدكتور عمرو سيد عبد الفتاح هيبة بالمحور الرابع عن " دور التوعية البيئية في التخفيف من آثار التغير المناخي (محمية قارون نموذج) (الواقع/التاريخ) .
و أكد الدكتور عمرو هيبة، معاون وزير البيئة المُتحدث الإعلامي السابق للمحميات الطبيعية المركزية، عضو الإتحاد العربي لحماية الحياة البَرّي و البحرية و مجلس الوحدة الإقتصادية العربية جامعة الدول العربية، أن هذه الدراسة في البحث تسهم في توضيح دور برامج التوعية البيئية في التخفيف من الآثار المُتتابعة للتغيرات المناخية في المحميات الطبيعية المصرية ( محمية قارون نموذج ) ، يتطلع هذا البحث لتوضيح تداخل السكان مع البيئة المحيطة وتبادل المنافع و الأضرار بين الانسان والبيئة لا سيما التغيرات المناخية، فهناك إتفاق على أن ( إدارة المحميات الطبيعية ) هي الوجه التنفيذي للدولة لحماية الطبيعة و هذا يعني أنها تسعي إلي تحقيق أهداف عامة تخص جماهير المجتمع على إختلافها؛ كما أنها تعطي تلك التوجيه و المتابعة للعمليات و الأنشطة الحكومية على إختلاف نوعياتها و حجومها و مستوياتها، فإذا وجدت جماعة (مجتمع) ترغب في القيام بأي نشاط فإن الأمر يحتم وجود قائد لهذه الجماعة (مكون التوعية البيئية) يقوم بتحديد الأهداف و توجيه جهود الجماعة و إمكانياتها نحو تحقيق الأهداف، مُشيرًا إلى أن مُواجهة التغيرات المناخية لا تقتصر علي الحكومات و المؤسسات الكُبري، بل تبدأ من سلوكياتنا اليومية، الأسرة الواعية قادرة علي أن تكون خط الدفاع الأول ضد الهدر والإسراف، و أن تغرس في أبناءها قيم المسئولية البيئية.
و قال د. هيبة إن الدراسة إنتهت إلى أن التغيرات المناخية تسببت في هدر الثروات البيئية لقرى محمية بحيرة قارون بسبب الإرتفاع في درجات الحرارة الذي أدي إلى إرتفاع في نسبة البخر وزيادة نسب الأملاح في بحيرة قارون، الأمر الذي حال دون تأقلم أنواعًا من الأسماك المُستزرعة مع تلك المتغيرات المناخية، كما توصل البحث لبعض التوصيات و المقترحات من بينها التوصية بإنشاء مراكز ومواقع متعددة لتنفيذ أعمال التوعية البيئية المُتمثلة في التدريب علي الحرف اليدوية و البيئية لتعزيز الوعي البيئي بأهمية التكيف مع التغيرات المناخية و نشر ثقافة المناخ بين السكان المحليين، العمل على تخفيف حدة القيود الروتينية الحكومية و التي تُؤدي الي ضعف ثقة الجهات المانحة في تمويل البرامج التنموية للمحمية، ضرورة إعلان مجموعة دعم مجتمعي تضم مُمثلين عن الجهات المُتنوعة و ذلك لتذليل المشكلات التي تواجه الأهالي.
و إختتمت الجلسة الثانية محاورها، بالمحور الخامس و الذي تحدث فيه الدكتور إبراهيم عبد الرافع السمدوني عن" دور جامعة الأزهر في توعية الطلاب بمخاطر التغيرات المناخية في ضوء التوجهات الدولية المعاصرة.
تكثيف التكيف (الجلسة الثالثة):
ترأس الدكتور أحمد حسن الجلسة الثالثة (التغيرات البيئية و المناخية)، التي عمقت النقاش حول تهديدات الموارد و ضرورة إستعراض نماذج تكيف تطبيقية في قطاعات الإسكان و التخطيط العمراني، بمشاركة الدكتور محمد الزرقا و الدكتور محمود عبد الفتاح عنبر وغيرهما.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية: المناخ يهدد المعيشة.
ركزت الجلسة الرابعة، برئاسة الدكتور، أحمد حسن و الدكتور محمد السبعاوي مقرراً الجلسة، على العلاقة المباشرة بين الأزمة البيئية و سُبل العيش و الإستقرار المجتمعي:
الأمن الغذائي و النزوح: أشار الباحثون (بمشاركة الدكتور محمد السبعاوي و الدكتور سامح عبد الوهاب) إلى الآثار السلبية على الإنتاج الزراعي، و حذّروا من ظاهرة "النزوح البيئي و الهجرة الداخلية" من المناطق الساحلية و الدلتا المُتضررة.
صحة المواطن: تم التأكيد على الترابط الوثيق بين تدهور البيئة و تراجع الصحة العامة، و زيادة الأمراض الناتجة عن التلوث و الحرارة.
الجلسة الختامية: 3 محاور لـ "خارطة طريق مصر الخضراء"
توّج المؤتمر أعماله بـ"الجلسة الختامية للتوصيات" (التي و ردت كرقم خامس في التسلسل)، فقد أجمع الخبراء على ثلاثة محاور للتحرك المؤسسي و المجتمعي:
المحور التشريعي و التطبيقي:
تفعيل الشراكة التنموية بين الحكومة و القطاع الخاص لتنفيذ المشروعات الخضراء.
دعم المحافظات لتطبيق خطط التكيف و تبني "الزراعة الذكية مناخياً" لترشيد المياه.
المحور التعليمي والإعلامي:
جعل "الثقافة البيئية" مادة إلزامية في التعليم.
تكثيف دور الإعلام في نشر الوعي بمخاطر المناخ بأسلوب تحفيزي.
محور البحث العلمي:
توجيه الأبحاث نحو "الحلول القائمة على الطبيعة" لمواجهة إرتفاع منسوب سطح البحر.
إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة لإتخاذ قرارات سليمة و مستدامة.
و في الختام، أكد المجلس الأعلى للثقافة أن التوصيات النهائية سترفع إلى الجهات الحكومية في أقرب وقت لضمان تحويلها من أوراق بحثية إلى إستراتيجيات وطنية قابلة للتنفيذ، في مسعى جاد لضمان مستقبل مُستدام للأجيال القادمة.