بين استقرار الجنيه وخفض الفائدة… إلى أين يتجه الاقتصاد المصري في 2026؟
يدخل الاقتصاد المصري عام 2026 وسط مؤشرات إيجابية على تحسن الأداء الكلي، مدعومًا باستقرار نسبي في سعر الصرف، وتراجع تدريجي لمعدلات التضخم، ودخول السياسة النقدية دورة تيسير واضحة بعد سنوات من التشديد. التقديرات الصادرة عن مؤسسات دولية وبنوك استثمار كبرى تجمع على أن المرحلة المقبلة لن تشهد قفزات حادة، بل تحسنًا محسوبًا يهدف إلى دعم النمو دون الإخلال باستقرار السوق.
قراءة دولية مطمئنة لمسار الاقتصاد
يتوقع باسكال ديفو، كبير الاقتصاديين في BNP Paribas MENA، أن يشهد الاقتصاد المصري تحسنًا خلال العام الجديد، مع انخفاض محدود للغاية في قيمة الجنيه، مؤكدًا أن أسعار الصرف ستظل مستقرة بفضل تزايد السيولة الدولارية وتحسن المؤشرات الاقتصادية.
وأشار ديفو إلى أن صافي الأصول الأجنبية ارتفع بنحو 10 مليارات دولار، وهو أعلى مستوى خلال عقد، ما يعكس تحسن قدرة الاقتصاد على مواجهة الالتزامات الخارجية. كما استبعد تعرض القاهرة لضغوط حادة في ملف الديون أو السيولة، في ظل دعم متواصل من صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، ودول الخليج.
وخلال الأشهر الخمسة الماضية، سجل الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام، مدفوعًا بتدفقات قوية للنقد الأجنبي، خاصة مع عودة النشاط السياحي.
الفائدة والتضخم: بداية مرحلة جديدة
خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بإجمالي 625 نقطة أساس منذ بداية العام، لتصل أسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 21% و22%، في أول دورة تيسير نقدي منذ أربع سنوات ونصف.
وفي الوقت نفسه، تباطأ التضخم في المدن المصرية خلال نوفمبر، ليسجل 12.3% سنويًا مقابل 12.5% في أكتوبر، بينما تراجع التضخم الشهري إلى 0.3%، في إشارة إلى انحسار تدريجي للضغوط السعرية، رغم استمرارها.
نمو الاقتصاد: توقعات أعلى وثقة متزايدة
استطلاع حديث شمل 14 اقتصاديًا، أظهر توقعات بنمو الاقتصاد المصري 4.4% في 2025، ترتفع إلى 4.7% في 2026، مقارنة بتقديرات أقل في استطلاعات سابقة. وتقاطعت هذه الرؤية مع صندوق النقد الدولي، الذي رفع توقعاته لنمو الاقتصاد في السنة المالية 2025-2026 إلى 4.5%.
ماذا تقول بنوك الاستثمار عن 2026؟
إي إف جي القابضة
تتوقع خفض أسعار الفائدة إلى نحو 15% بنهاية 2026، مع تراجع التضخم إلى نطاق 8–10%. وترجح متوسط سعر صرف الدولار قرب 48 جنيهًا، ونمو الاقتصاد بنحو 5%، مع إمكانية تحسن إضافي حال تسارع برنامج الطروحات الحكومية.
الأهلي فاروس
يرى هاني جنينة أن التضخم قد يتراجع إلى 10–11%، ما يسمح بخفض العائد لليلة واحدة إلى نحو 13% بنهاية 2026، مع الحفاظ على فائدة حقيقية موجبة. ويتوقع تحسن الجنيه إلى متوسط 46 جنيهًا للدولار، ونمو يتراوح بين 4.3% و4.6%.
سي آي كابيتال
تتوقع انخفاض الفائدة بنحو 600 نقطة أساس، مع تحرك الدولار بين 47.5 و48.5 جنيه، ونمو اقتصادي يقارب 5%.
عربية أون لاين
ترجح استمرار التيسير النقدي بشرط غياب الصدمات، مع تضخم يدور حول 10%، وتحرك الدولار في نطاق 47 إلى 54 جنيهًا، محذرة من الاعتماد المفرط على الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل.
مباشر
تتوقع خفض الفائدة بنحو 600 نقطة أساس إضافية، وتراجع التضخم إلى 10.7%، مع إمكانية اقتراب الدولار من 45 جنيهًا، ونمو اقتصادي قد يصل إلى 5.6% بدعم الاستهلاك والاستثمار.
البورصة… تحتاج تعميقاً لا قلقاً
وبشأن تأثير خفض الفائدة على البورصة، يؤكد محمد أنيس أن الأثر السلبي محدود، لأن طبيعة رؤوس الأموال في سوق الأسهم تختلف عن الودائع البنكية، داعياً الحكومة إلى تعميق سوق المال وزيادة السيولة، باعتبارها أداة تمويل حقيقية للنمو.
السياحة وقناة السويس: دعامة قوية للاقتصاد المصري
ستلعب السياحة وقناة السويس دوراً حاسماً في تعزيز الإيرادات الخارجية لمصر خلال 2026. فمن المتوقع أن تشهد قناة السويس تحسناً في إيراداتها مع استقرار الملاحة في البحر الأحمر، وهو ما يدعم الاحتياطي النقدي للبلاد ويعزز قدرة الدولة على مواجهة أي تقلبات اقتصادية.
وفي نفس السياق، تتوقع شركة "هيرميس" أن تصل الإيرادات السياحية إلى نحو 16.7 مليار دولار في 2026، مع استهداف استقبال 20 مليون سائح، وهو ما يعني ضخ عملة صعبة في الاقتصاد المصري وتقليل الضغوط على الميزان التجاري، خاصة مع انخفاض أسعار النفط العالمية إلى 50-60 دولاراً للبرميل، مما يخفض فاتورة الاستيراد ويقلل دعم الوقود على المواطن.
وتؤكد بيانات "كايكسا بنك" أن نمو الاقتصاد بلغ 4.5% في 2025 مدفوعاً بالقطاع السياحي، وهو الاتجاه الذي يستمر في 2026، بينما يشير تقرير "إيبسوس" إلى ثقة عالية في الاقتصاد المصري، مع زيادة الاستثمار الدولي، وهو مؤشر مهم على جذب المزيد من المشاريع وخلق فرص عمل للمواطنين.
يعني إيه الكلام ده في جيب المواطن؟
ببساطة، لما الاقتصاد يبدأ يستقر، وسعر الدولار ما يقفزش كل شوية، ده معناه إن الأسعار ممكن تهدى شوية ومتحصلش زيادات مفاجئة تخلّي المواطن دايمًا قلقان من بكرة. استقرار الجنيه بيفرق في كل حاجة بنشتريها تقريبًا، من الأكل للدواء للأجهزة.
خفض أسعار الفائدة معناه إن القروض تبقى أخف شوية على أصحاب المشروعات الصغيرة والتجار، وده لو استُغل صح، ممكن يزود الإنتاج ويخلق فرص شغل أكتر، بدل ما الفلوس كلها تفضل محبوسة في البنوك. وفي نفس الوقت، اللي حاطط فلوسه في شهادات أو ودائع، مش هيخسر فجأة، لكن المكسب الكبير مش هيبقى زي السنين اللي فاتت.
تراجع التضخم – حتى لو بسيط – معناه إن الغلاء مش هيجري أسرع من دخل المواطن زي ما كان حاصل قبل كده، لكن ده مش معناه إن الأسعار هترجع زي زمان، وإنما الزيادة نفسها بتبقى أهدى وأبطأ.
مفيش معجزات، لكن فيه نَفَس جديد للاقتصاد. لو الحكومة كملت على نفس الطريق، وركزت على الإنتاج وضبط الأسواق، المواطن ممكن يحس خلال الفترة الجاية باستقرار أكتر، ومفاجآت أقل، وقدرة أحسن على تدبير بيته من غير قلق يومي من الأسعار.






