جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 06:25 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في القداس الإلهي بكاتدرائية دير مار جرجس بالخطاطبة عقب تدشينها

 ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظة في القداس الإلهي بكاتدرائية دير مار جرجس بالخطاطبة عقب تدشينها نصها كالآتي: 

باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين
تحل علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد. آمين
نفرح يا إخوتي في هذا الصباح المبارك بهذا التدشين في هذا الدير العامر تدشين كاتدرائية الشهيد العظيم مار جرجس في ديره العامر في برية الخطاطبة، ونفرح بهذه الكنيسة الجميلة ونسعد جميعًا كل الآباء المطارنة والأساقفة والآباء الكهنة والشمامسة والأراخنة، ونفرح بعمل الله العظيم في هذه المواضع، ونشكر إلهنا الصالح أنه يعمل مع نيافة الأنبا مينا أسقف ورئيس الدير ومَنْ يعمل معه من الأحباء رهبان هذا الدير العامر، الذين يعملون معًا بهذه الصورة الجميلة كما نراها في هذه الكاتدرائية، وإنجيل هذا الصباح يتكلم عن إرسالية السبعين رسول، وكان السيد المسيح اختار ١٢ وهم التلاميذ وأرسلهم ونسميها إرسالية التلاميذ والذين كانوا أصلاً يهودًا، ثم فيما بعد اختار ٧٠ ، وكان بعضهم يهودًا وبعضهم من الأمم وصاروا دُخلاء، وبدأ يرسلهم للكرازة وللبشارة وللخدمة، وعادوا فرحين، وهذا أول أمر نحب أن نضعه أمامنا، أن الله يريدنا أن نفرح دائمًا، يريدنا أن نكون فرحين، ونهاية كل فعل نصنعه في حياتنا الروحية يكون الهدف منه أن نصير دائمًا فرحين، وهذا شيء هام جدًا، لأن الفرح يُظهر عمل الروح فيك، "أَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ"، فالأرض اسمها أرض المحبة وأول ثمرة تثمر هي ثمرة الفرح، ولهذا الفرح هو علامة الإنسان المسيحي، فيما مضى عندما يتقابل وثني مع وثني آخر – معروف أن الوثنيين في تاريخهم دائمًا مكشّرين – ويجده مبتسم فيقول له متعجبًا : هل قابلت اليوم مسيحيًّا؟! فأطفى عليه روح البشاشة وروح الفرح، وكما تعرفون جميعًا أن هناك ٣ أشياء قال لنا عنها الكتاب المقدس أن نفعلها كل حين، صلوا كل حين، واشكروا كل حين، وافرحوا كل حين، كأن الصلاة والشكر والفرح مثل الخيط المثلوث (مثل الضفيرة) مرتبطين ببعضهم، فلا يصح أن تصلي وليس لديك شكر أو فرح، ولا يصح أن تشكر دون التعبير عن هذا الشكر بالصلاة والفرح، وأيضًا لا يصح أن تفرح إلا وأن تُعبّر عنه بالشكر والصلاة، وأريد أن أقول لكم أننا ونحن نعيش هذا الزمان وعلى هذه البلاد المقدسة – ماذا يفرحنا؟ ، ففي يوم أتى التلاميذ للسيد المسيح قائلين له أنهم فرحين جدًا وعندما سألهم عن السبب، قالوا له أن الشياطين عندما نرشم عليها الصليب نطردها وتمضي، فقال لهم السيد المسيح بود بالغ وفرح وبنظرة حنية لا تفرحوا بذلك بل اِفرحوا بالأهم وهو "أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ"... واليوم ونحن نعيش في مصر في هذا الزمان توجد أشياء كثيرة تفرحنا، وسأتكلم عن إثنين أو ثلاثة، أول شيء يفرحنا أن في بلادنا يوجد عدد كبير من الأديرة الممتلئة بصلوات الرهبان أو الراهبات، وهذه الأديرة موجودة في أماكن كثيرة في محيط الجغرافيا بمصر، وعمل الدير الرئيسي هو الصلاة، وأحد الأمور التي تفرحنا نحن المصريين أنه توجد مواضع صلاة في كل مكان في الشمال وفي الجنوب وفي الشرق وفي الغرب، في حين توجد بلاد ليس بها ذلك ولا يوجد بها أحد يصلي ولا مواضع للصلاة مثل الأديرة، ولهذا نفرح كثيرًا أن الحياة الرهبانية - باعتبارنا اليوم موجودين في دير – أن الحياة الرهبانية ووجود الآباء الرهبان في كل دير يرفعون الصلوات عنا ليلاً ونهارًا، ولا يوجد فرح أكثر من هذا أن يكون هناك مَنْ يُصلي من أجلي ودائم الصلاة، فقد يحدث أن نتأخر في النوم حتى ساعات الفجر وهناك آخرون في يقظة يصلون من أجلنا، وهذا يعطينا طمأنينة وهذا يعطينا سلام وهذا يعطينا فرح، فرح، لهذا نحن الأقباط بصفة عامة محبين جدًا للأديرة، ونعرف قيمة الأديرة في حياتنا، ونعرف قيمة الصلوات المرفوعة من قلوب نقية على الدوام أمام الله، ولهذا المسئولية خطيرة، فتصوّر أن يكون لدينا دير وليس به روح الصلاة الكاملة فهذه مسئولية خطيرة، وبالتالي وجود أديرة في حياتنا هو سبب من أسباب الفرح، ومن الأشياء الجميلة الموجودة في حياتنا الاجتماعية أن كثير من الأسر القبطية أنهم في يوم الأجازة يذهبون إلى الدير وليس التنزه في أماكن أخرى بل الذهاب إلى الدير لأخذ بركة كنائس الدير وقديسين الدير وآباء الدير، إنه عمل رائع، وهذا الأمر يا إخوتي يفرّحنا جميعًا، أنه توجد صلوات مرفوعة وأيدي مرفوعة من أجلنا في الليل وفي النهار، والشيء الثاني أن الكنيسة هنا جميلة فعلاً جدًا وذوقها رفيع للغاية واللون الأبيض بها هو لون النور، ومن الأشياء الجميلة بها فعلاً هي الشرقية وجميعكم ترونها، والشرقية نسميها (البانطوكراتور) حضن الآب، وهنا حضن الآب متسع جدًا وكبير، وهذا حضن المسيح المفتوح لنا دائمًا، وهذا الحضن المتسع كما يقف السيد المسيح على الصليب فاتحًا أحضانه هكذا يقول "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.... فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ"، وهذا الحضن المتسع تعبير عن حضن المسيح المفتوح دائمًا أمام كل إنسان يأتي مسرعًا ويُقدم توبة ونقاوة في حياته، ولم نرى أبدًا حضن المسيح مغلق، وحتى في قصة الابن الضال عندما عاد الابن وقابله أبوه الذي قال هاتوا الحُلّة والخاتم والحذاء واِذبحوا العجل المسمن – وهذه 4 هدايا – والهدية الأهم التي قدمها هذا الأب لابنه العائد هي أنه أخذه في حضنه "وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ"، والحضن تعبير عن الأمان، وتعبير عن حالة السلام وحالة القبول وحالة التوبة، وعندما تضيق الدنيا بالإنسان في مواقف الحياة المتعددة لا يجد سوى حضن المسيح ليُلقي بنفسه في هذا الحضن ويبكي ويقدم بالدموع طلبات قلبه، ويطلب نقاوة قلبه، ويخرج الإنسان من هذا الحضن مرتاحًا وفرحًا، ومن الأشياء التي تفرحنا ليس فقط وجود الأديرة الكثيرة في بلادنا بل وجود حضن الآب المفتوح على الدوام والمستعد لقبول كل إنسان تائب وكل إنسان يريد أن يُغيّر حياته وكل إنسان يريد أن يعود من أي ابتعاد كان فيه سواء بفكره أو بفعله أو بكلامه، ويريد أن يعود ويجلس في حضن المسيح، ولهذا المسيح على الصليب قال عبارة هامة جدًا وهي "أَنَا عَطْشَانُ"، أي أنه عطشان لكل نفس وعطشان أن تكون موجودة عنده وفي حضنه، والشيء الثالث الذي يفرحنا اليوم كما قال للتلاميذ "افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ"، وأثناء وجودنا على الأرض نجاهد ونعمل ونقيم مشروعات ونكبر ونخدم ونربي أولادنا وبناتنا وكل هذا رائع ، من أجل أن تقضي حياتك في أمان وأمانة ولكن الهدف المهم لديك أن يُكتب اسمك في السماء، وأرجوك أن تفكر في هذا الأمر الآن ، هل يا ترى اسمي موجود في السماء ويا ترى حياتي مرضية أمام السماء ويا ترى سلوكي .. ويا ترى أعمالي.. ويا ترى خدمتي.. ويا ترى رهبنتي.. ويا ترى قلبي.. موجود في السماء، وهكذا قال المسيح عندما وجد التلاميذ فرحين بإخراج الشياطين أن هذا ليس فرحًا حقيقيًّا وإنما الفرح الحقيقي أن يكون اسمك مكتوب في السماء، وهذا هو الفرح الذي في قلب كل إنسان والذي يبحث عنه كل إنسان، ولهذا اليوم أثناء تدشين الكنيسة الجديدة ضع في ذهنك وأنت تقف تصلي القداس تطلب من ربنا الفرح وأن ترى اسمك موجود في السماء ولك مكان في السماء، وتقول ساعدني يا رب أن أحافظ على مكاني في السماء، ونحن في الدير والآباء الرهبان المباركين الذين تركوا العالم وأتوا ليعيشوا حياتهم الديرية ليكون قلبهم منفتح على السماء، فليس من المهم أن يكون اسمك مكتوب في دير من الأديرة أو أن تنتمي لدير من الأديرة ولكن المهم أن يكون اسمك موجود في السماء وهذا هو الفرح الحقيقي... نفرح بوجود الأديرة في بلادنا، ونفرح بوجود حضن المسيح الواسع والكبير مثل أيقونة البانتوكراتور في هذه الكاتدرائية، ونفرح أيضًا بأسماءنا مكتوبة في السماء... 
اليوم هو يوم جميل نشكر عليه نيافة الأنبا مينا على تعبه ويعيش ويعمر مع كل الأحباء في هذا المكان وهذا الدير، وباسم كل الآباء الساقفة والآباء المطارنة نشكر تعبه وخدمته ومحبته ونشكر آباء الدير في دير القديس العظيم مار جرجس، وطبعًا معروف عظمة وتاريخ القديس مار جرجس وكذلك معجزاته، ونشكر الله أنه يعطينا هذه النعم الجديدة في كل صباح، المسيح يبارك حياتكم دائمًا ويعطينا أن نمجده في كل عمل صالح ونفرح دائمًا بكل عطاياه الكثيرة التي يقدمها لنا، له كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد . آمين.