جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 08:31 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ليلةُ اختراق حسابي وحساب رئيس التحرير !

في ظلِ الاعتماد الكلي على وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وانستجرام وخلافه في نقل المعرفة، وتسهيل سبُل التواصل، وتقديم وجلب الخبرات الثقافية والمعرفية، فضلا عن المجاملات والتهاني، أضحى اختراقُ تلك الوسائل أزمة حقيقية، تصيب حياة من يعتمد عليها بالشلل التام، وتشعرُه بالتوتر والارتباك لتعطل مصالحه، وجمود تفاعلاته ومشاركاته، وانعزاله عن العالم المحيط به بعدما كان علي علمٍ بكل صغيرة وكبيرة فيه بفضل تلك الوسائل الحديثة !

ولا أنكرُ أنني صرتُ واحدا ممن تعلقوا بأهداب تلك الوسائل، التي ولجتُ عالمها علي كِبر، واستعنتُ بتوجيه وإشراف صغيري معاذ، الذي يُعدُ فيها (جنا مصورا)، نهرع إليه أنا وأمه في كل مشكلة تعترض طريقنا، فيتمكن من حلها نظير ابتزازنا ماديا، ونرضخ له صاغرين لا حول لنا ولا قوة، وإلا ظللنا (نلت ونعجن) دون جدوي !

أقول : صار ارتباطي وثيقا بتلك الوسائل، وصار تعطيلُها مشكلة مؤرقة تعطل مصالحي، وتعوقني عن جلب وإرسال الأخبار، التي هي رأسمالي كصحفي، وهو ما حدث مؤخرا بعدما طالتني نارُ مخترق خبيث( هاكر)، اخترق حسابي علي فيس بوك، وعاث فيه فسادا وخرابا، وألغي إيميلي الخاص، وأخفي صفحتي من الوجود في ذلك العالم الساحر.

وقفت عاجزا إزاء تلك المشكلة، واحترت ماذا أفعل مع ذلك المخترق الخبيث، فهداني تفكيري أن أستعين عليه بعد الله بصغيري، الذي شمر عن ساعد الجد، وتحسس خطاه، وبذل جهدا مضنيا في استعادة الحساب، ووعدني برجوعه، بعدما أخذ المواثيق والأيمان أنني سأجزل له العطاء، وحتي الآن لا يألُ الولد جهدا في الانتصار لأبيه، ولا يحتاج غير دعائكم وتشجيعكم !

واختراقُ وسائل التواصل هو نوع من اللصوصية المقيتة، التي تستحقُ أن تتصدي لها الدولة، وتضرب علي يد مرتكبيها بعصا من حديد؛ لأن في ذلك خيانة وكشفَ أسرار واطلاعا علي خصوصيات، أمر الشارعُ بسترها وصونها، لذلك أباح الشرعُ أن تفقأ عين من تطلع لمعرفة أخبارك، فصح في السنة عن أبي هريرة : ( من اطلع في بيت قومٍ بغير إذنهم ففقأوا عينه فلا دية له ولا قصاص ).

وذلك لعظمِ ما اقترف من جُرم، وهتك من ستر، ولا أبالغ إن قلتُ إنه - أي الهكر - هو صورةٌ من صور الإفساد في الأرض يقع صاحبُها تحت قوله سبحانه : (إنما جزاءُ الذين يُحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يُقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).

والفساد والإفساد بسبب الاختراق واقعٌ لا محالة علي يد ذلك المخترق الخبيث، فقد يكونُ بتعطيل وصول رسائل مهمة تكون فيها حياةٌ أو موت، أو بتعطيل مجاملة الغير علي نجاح ما، فتحتقنُ نفسُ مستحق التهنئة ممن تأخروا عن مجاملته، فينهدم مبدأ مهم من مبادئ الشرع بهذا الفعل الأثيم وهو نشر الألفة والوئام، أو تفسد بيوتٌ وتخرب أسر، كما أبرز ذلك فيلم (البوسطجي) للأديب الرائع يحيي حقي، عندما بيَّن كيف تسببت عدم أمانة البوسطجي في قتل الفتاة التي اكتشف أبوها وقوعها في الخطيئة .

جرائمُ التلصص واختراق الخصوصية عديدة، وتنجم عنها مشاكل كثيرة، تتطلب وقفة جادة من مباحث الإنترنت، وتغليظ عقوبة ارتكاب هذا الفعل الشنيع.

وحتي تُغلظ العقوبة أسألكم الدعاء بعودة حسابي الذي اختُرق مع حساب الكاتب الكبير عبد النبي عبد الستار في يوم واحد، ولن أستحي أن أقولَ إن المخترق الأثيم وصل إلي من خلاله هو .