جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

المعبر وزاوية البرونز النفسية

أعمال فنية
شيماء عبدالناصر -

في لحظة هي الحد الفاصل ما بين طريقين أو فكرتين اصطادت الفنانة سيدة خليل ممرًا زمنيًا وجدانيًا لكي تصهر مع مسبوكاتها روحها وذاتها في لحظة قد تكون عابرة بالنسبة للبعض لكنها لا تقل أهمية عن أية لحظة أخرى في حياة الإنسان مثل الميلاد أو الموت أو حتى النجاح أو الفشل. لحظة فاصلة بين كل اللحظات الأخرى قد تأخذ من العمر ثواني وقد تكون سنوات.

اللعب على عنصر الزمن من خلال مسبوكات برونزية قامت بتنفيذها من خلال الربط والتجميع ومن خلال بطل هو "المجسم" أو الإنسان الذي يظهر في كل أعمال معرض "المعبر" .

الإطار الهندسي ما بين الحاد والملتوي: في الحياة هذا التنوع والزخم الخاص بمواقفها ولحظاتها الفاصلة، أرادت الفنانة من خلال إطاراتها الهندسية المربعة والدائرية والبيضاوية أن تعزف هذه الموسيقى النحتية باستخدام عنصرين هما التكوين والمجسم من خلال حركة المجسم الذي يأخذ العديد من الأماكن بعضها داخل التكوين وبعضها خارجه. أو أعلى وأسفل.

صانعة حالة من التناغم بين التكوين والمجسم الذي يكون أصغر من التكوين في كل الأعمال حيث تم استخدامه كرمز لوجود الإنسان لكن التركيز على فكرة المعبر أو الموقف الذي يمر به الإنسان يكون أكبر. وعلى حسب تعقيد الموقف يأتي تشابك التكوين وتقاطعاته وتعدد مساراته. · لعبة الفراغ والكتلة : تتسرب إلى النفس رغبة الفنانة في تحويل العمل الفني إلى حالة وجدانية من خلال لعبة الفراغ والكتلة التي تميز كل الأعمال مع البعد عن الشكل التقليدي للعمل الفني الذي يرتكز على قاعدة، فحركة المجسم داخل فراغات الكتلة واتجاهه تجعلنا ندخل إلى عالم النفس الإنسانية حينما تمر بلحظة فاصلة أو حاسمة في حياتها إنها تضعنا على الممر أو المعبر ليس فقط بصريًا ولكن نفسيًا.

السطوح الناعمة ورمزيتها النفسية: في كل الأعمال اختارت الفنانة ملمس خامتها النحتية أن تكون ناعمة حتى على مستوى بعض الأعمال التي تنفر منها نتوءات لكن في المجمل كان لأشكالها الهندسية المتنوعة ما بين الدائري أو المربع او متوازي الأضلاع أو البيضاوي كانت كلها ناعمة، فهي أرادت ان تصنع إحساسًا عامًا بلحظية الوقت الذي يعبر من خلاله الإنسان نحو القرار، فهي أسطح ناعمة سلسة تسمح بمرور الشخوص لتؤكد أنها فقط مجرد معبر وليس بها أي تفاصيل أو نتوءات داخلية فكأنها طريق ميسر نحو الحياة ولم يكن الطريق أو المعبر مسطح تمامًا ولكن ربما كانت به انكسارات في بعض الأعمال ولكن بقيت محافظة على نعومة هذه الإنكسارات، فهي دلالة على المعنى النفسي للحظة متوهجة وقوية وحاسمة لكنها لا تعدو أن تكون لحظة في عمر الإنسان ومجرد طريق للمرور. أما الشخوص أو المجسم فكانت ما بين الجماعي والفردي وما بين التلاحم والبعد ولكل حالة معناها، فهذا المعبر او هذه اللحظة التي تكون نقطة تحول في عمر الإنسان ربما جمعت مجموعة من البشر في نفس الطريق وربما كانت لحظة فردية بالنسبة لشخص واحد، وربما جمعت الفكرة عددًا في نفس الموضوع وربما عبروا الطريق ولكل منهم موضوعه الخاص به.

في معرض المعبر للفنانة سيدة خليل في جاليري أوبنتو تجربة نفسية وإنسانية وحالة جعلت البرونز يتحدث ويحكي قصص متعددة عن الحياة والبشر والمواقف في حياتهم بانتقالات في منتهى الرهافة ما بين الأشكال الهندسية المتنوعة، المعرض يستحق المشاهدة.