سوسن عبد الله تكتب : ”البيوت الدمشقية القديمة ” التراث الخالد ”
- تخيل نفسك تسكن في قارورة عطر - هكذا وصفها الشاعر الكبير ابن دمشق القديمة
....نزار قباني ...
إنها بيوت العز و الكرم و البساطة حتى في بنائها فقد بنيت من الحجارة و القش و الخشب الذي يشيع الدفء في كل أرجائها ..و تتميز بالغرف الكبيرة بأسقفها العالية المزركشة و الجدران المزخرفة ببعض اللوحات الفنية البديعة و الأقواس الرائعة فوق النوافذ و الأبواب و القناطر الجميلة..و تتميز بوجود الليوان الواسع و البدع الفنية بأثاثه ..و أيضا هناك بيت المونة الذي يحتوي كل ما لذ و طاب ..و الأجمل هو وجود البحرة بأشكال خلابة في وسط الدار و تتدفق المياه من نافورتها بلحن عذب و تطفو بعض الأزهار و الياسمين على سطحها ليكون الصباح و فنجان القهوة من أجمل الطقوس اليومية عندها مع رائحة شجر الياسمبن و النانرج و الليمون و البرتقال المنعشة.. و عندما شاءت الظروف و غادرنا هذه البيوت ..استيقظت تلك السنوات لتودعنا و في الجدران خبأنا أسرارنا و أمانينا و زهرة عمرنا ...لم يكن للحزن فيها وطن..و كانت أحلامنا تتخطى السحاب بعلوها.. بيوتنا القديمة ..كتاب العمر تركناه مفتوحا" بلا أغلفة و بين طياته الكثير من التفاصيل و الأحداث التي لا تبرح ذاكرتنا أبدا".. عند الرحيل تتحول الأمكنة إلى أم و أب و أخوة و طفل صغير يتشبث بثوبنا بكل قوة ...نعم لقد غادرنا جزءا" من عمرنا الجميل و لكن يد الحنبن تطرق قلوبنا لنعود و نزورها كل حين ..!
