جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

غادة الحناوي تكتب : ليل .. وأنثى

غادة الحناوي -

حدث ذات مساء... وفي ليل يكسو ملامحة الوحشة والسكون... ورائحة الجو يصدر منها رائحة تلوح بالصمت... جلست كالعادة بمفردها لا تسمع إلا صوت الهواء يعبث بالأبواب بصوت خفيف... وأمامها سيجارتها المشتعلة فوق طاولتها... وفنجان قد برد من إنشغالها وطول وقت شرودها من نصف كوب قهوة حالكة السواد... لم تكن أخذت منه سوى بضع رشفات... جلست في ضوءها الخافت فوق سريرها ونظرت لملامحها أمام مرآتها بالجانب المقابل من سريرها... وأخذت تضع يداها فوق وجهها لترى بداية ظهور بعض التجاعيد البسيطة والخطوط الرفيعة فوق وجهها والهالات السوداء التي بدأت تحوم حول عينها من فرط الأرق والسهر... وكثرة التدخين وشربها للقهوة عدة مرات في يومها... ثم أستدارت ووقفت أمام مرآتها... وقامت بخلع ردائها عن جسدها ووقفت عارية تماما من ملابسها... ثم بدأت تحرك يداها برفق فوق صدرها... لتعود وتتحسس بها رقبتها... ترى هل كانت تداعب جسدها... أم أنها تثير بيداها ملامح أنوثتها..؟ حينها تذكرت كيف كان يداعبها... ويثير انوثتها بشدة... وكيف كانت تستمتع بتلك المداعبة الممتزجة بالرغبة الحارقة التي كانت تحرك كل ما بها من أنوثة ممتزجة بالأشتياق والنشوة... فلقد كانت تذوب عشقا معه حتى قبل أن يلمسها... وكانت تبحر معه لتغرق في بحار من النشوة وتجعلها كالفراشة الطائرة حول وردة ذات رحيق له مذاق لا يقدر... وطعما كما قطع من السكر ... ثم ذهبت إلى دولاب ملابسها... وانتقت رداءا أحمر اللون كما تعشق ذلك اللون دوما وارتدته... وقامت بتصفيف شعرها كما كان يجب أن يراها ووضعت عطر الياسمين فوق جسدها حتى أصبحت كباقة الزهور المنتشرة العبير... ووضعت قليلا من أحمر الشفاة فوق شفاها المحترقة الساخنة وأغمضت عيناها لتتذكر أول مرة قام فيها بطبع قبلة فوق شفتاها جعلتها مثل قطعة الثلج حين تتعرض لحرارة مرتفعة توشك على الذوبان تماما... بدأت تعض أطراف شفتاها كي تتذكر طعم تلك القبلة الأولى المثيرة في حياتها... مشت بضع خطوات نحو المطبخ... لتصنع لنفسها فنجان آخر من قهوتها المفضلة، وأشعلت النار ووضعت القهوة كي تغلي وهي لا زالت شاردة في ذكرياتها معه... وهي تتمنى أن يدخل عليها مرة أخرى ويفاجئها وهي تعد فنجان قهوتها... وهو يداعبها ويشعل كافة حواسها حتى يستفيقا في آخر لحظة لفوران القهوة ويلحقان القليل منها، وهي تصدر ضحكة عالية.. ليست غاضبة بل منتشية... كم كانت تريد أن تكمل ما قد بدأه معا... في نفس مكانهما، وكانت قهوتها على وشك الغليان.... استفاقت لنفسها فجأة بمفردها وتأكدت أن ما فات ومضى أصبح في طي الذكرى .. وأن كل ما كان يفعله معها لن يتكرر مرة أخرى... وهي لازالت تسأل نفسها .. هل بردت مشاعره الملتهبة... أم أن الوضع أصبح له مجرد تعود وروتين وأصبحت ملكا له فأصبح الشغف واللهفة والاشتياق له معالم أخرى؟ هل ستطول فترات الصمت بينها حتى في مشاعرها.. حين يبدأ الخرس العشقي يتسرب اليهما.. كي يصبحا شخصان عاديان كما يحدث في مجتمعنا الشرقي؟ هل كتب على تلك القصة المفعومة بالمشاعر والاحاسيس المختلطة بالجنون والرغبة بالبرود والسكون والصمت...؟ هنا ستلوذ تلك المرأة هذه المرة بالصمت والانتظار... هل كل ما كانت تحلم به كان مجرد احلام لأنثى محرومة غاضبة متمردة حلمت في يوم ما ولكن الحلم بات واهما... هل ستكرر مأساة آلاف الإناث التي طالما حلمن بقصص عشق مختلفة أنتهت مثل أنتهاء كل القصص ولكن بطريقة مختلفة.. فكل منهن كانت لها احلامها المشروعة... التي لم تصل حتى لنهاياتها.. سأترك لكم تلك الحكاية التي بالتأكيد مرت على الكثير من النساء دون أن تحكيها اليكم خوفا من أن يتهمها الجميع بالمرض او الفراغ والإباحية... هل هو جرم أن تعشق الأنثى وتعيش قصة عشقها بالجنون والرغبة خلف ملامحها؟ سأترك لكم التفكير معها ماذا تفعل كي تحقق حلمها المنشود ... على الاقل ولو لبعض الوقت قبل فوات أوان أنوثتها...