جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

بين القصة القصيرة والرواية 

باسم أحمد عبد الحميد
بقلم: باسم أحمد عبد الحميد -

                    

القصة من السلع الأدبية الرائجة، يقبل عليها القراءُ والكتابُ إقبالًا شديدًا، وقد لاحظتُ ان القراء يزهدون حاليًا في قراءة الروايات الطويلة المسهَبة، وإعراضهم عنها مَرَدُّه ربما للإيقاع السريع للحياة، أو لضيق الوقت. ولا أتصور مثلًا ان يسحب أحدُ الاصدقاء من مكتبة روايةَ (الحرب والسلام) أو رواية (كم من الأرض يحتاجها الإنسان)  للروائي الروسي   تولستوي ..أو يقرأ رواية (جان كريستوف) لرومان رولان ..

لماذا ؟!!

لأن الرواية الطويلة تستلزم يقظةً مستمرةً من القارئ، وتتبعًا واعيًا لتسلسل أحداثها وتطور شخصياتها، أما القصة القصيرة فإنها تكفي القارئ  مؤونةَ شحذ قواه العقلية، وتتيح لكاتبها ان يعرض المشكلة دون أن يجيب عنها أو يمعن في ذكر تفاصيلها، فهو يكتفي فيها باللمحة الدالة والإشارة الموحية ..

والرواية الطويلة تعتمد على الخيالِ القوي المتصل، والنظرةِ إلى الحياة الرأسمالية الشاملة، والكاتب هنا يحصر اتجاهه في ناحية، ويسلط عليها خياله، ويركز فيها جهده، وصوَرُها في ايجاز خلاب ..

وقد نستخلص من هذا أن كتابة الرواية تستلزم خبرةً بالحياة أوسعَ مدًى وأبعَدَ إغراقًا، وقد لا يحفل  كاتبها بتحري الاقتصاد والإنجاز فيكتب ويطيل ويسهب ،..

أما كاتب القصة القصيرة فلا مفر له من التدقيق في الاختيار، وتجنب الإطالة والإسهاب والاستغراق في التفاصيل ...

وإلا فسوف يكون مهملًا؛ لأنه لا يلتزم الدقةَ  والإحكامَ في الوصف، والسردَ واختيارَ الألفاظ، ووصفَ الأشخاص والأمكنة،  وتحليلَ البواعث ..

والعظماء من كتاب القصة القصيرة أمثال موباسان  وتشيكوف وسومرست موم كلهم فنانون مجيدون يعنون بالأسلوب ويحسنون البناء ..

ومنهم في مصر الكاتبة غادة صلاح الدين  ..وسمير الفيل  و هاني موسىٰ، 

ومن الرواية أشرف الخضري  .. والروائي شاكر المغربى ..

ويمكن تقسيم كتاب القصة القصيرة إلى مدرستين؛ 

مدرسة تعني بوضع خطة القصة في عناية وإحكام وتقدير وحساب، يبدو ذلك من الاستهلال وحتىٰ الخاتمة .

ويبدو ذلك جليًا في أعمال الروائي الفرنسي الكبير موباسان ..

والمدرسة الثانية مدرسة تشيكوف الكاتب الروسي (المعتبر)، وتمتاز قصصه بخلق الجو المناسب ومساحة الخيال، وما يسمى بالعقدة أو الحبكة ولكنها قطعٌ حيةٌ من الحياة والواقع قد التقطها وعيه، وصوَّرها خياله واستطاع بفنه ان يُشعرِنا بها وينقلنا إلى جوها ..

أرجو ان تكون الفكرة قد وصلت، وألا أكون مخالفًا لمعايير عامة اتفق عليها الكبار، وأكيد باب الإجتهاد يظل مفتوحًا لتناولٍ آخر قد يكون مختلفا!!.