جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

”وسيم السيسي” لـ”الديار”:

الأهرامات لم تبنى بالسخرة ... والخلع في القانون المصري القديم

وسيم السيسي ومحرر الديار
الديار - محمد فهمى -

الصهيونية العالمية تحاول تشويه تاريخنا وعلينا التسلح بالحب

  • نهبت إسرائيل المتاحف العراقية والسورية لمحو تاريخ تلك الدول
  • التنوير المعرفي هو سبيلنا لخلق جيل يتمتع بالولاء والانتماء للوطن

أكد د.وسيم السيسي الباحث في علم المصريات وعضو الجمعية الأمريكية لدراسة الظواهر الجوية، في حواره لـ"الديار" إن الصهيونية العالمية تحاول تشويه التاريخ المصري، عن طريق غرس مجموعة من الأفكار المغلوطة عن الحياة في مصر القديمة، كأن تصف القدماء المصريين بالوثنيين تارةً، وتارةً أخرى تصف ملوك مصر القديمة بالظلم والتجبر، حتى يكره المصريون تاريخهم وبالتالي تخلق داخلهم نوعاً من السخط يصل بهم لحالة فقد الولاء والانتماء للوطن.

  • بداية لماذا يسعى الشباب للهجرة خارج مصر؟

هناك مفاهيم كثيرة خاطئة عن الحضارة المصرية وهذا ما يجعل المصريين بعيدين عن مفهوم الولاء والانتماء لبلدهم، وهي ظاهرة عامة حالياً، فالأجيال الجديدة لا تفكر سوى في السفر أوالهجرة، لذلك يجب علينا أن نفكر كيف نغرس الولاء والانتماء لمصر فيهم، ولكن من أين يتأتى هذا الشعر؟، والإجابة بسيطة جداً، فالولاء والانتماء يتأتى من الحب بل هو الحب ذاته، فالإنسان ينتمي لبيته لأنه يحب بيته وينتمي لأبنائه لأنه يحبهم، وينتمي لدينه لأنه يحب دينه، وكذلك الوطن ينتمي الإنسان لوطنه لانه يحب وطنه.

وأنا أختلف مع الفنان محمد عبد الوهاب حينما قال "حب الوطن فرض عليا" فحب الوطن لا يجب أن يكون فرض، وإنما حب الوطن أو الولاء والانتماء له يتأتى من الإعجاب به وهذا الإعجاب لن يكون إلا بالمعرفة، وهذه المعرفة لا تتأتى إلا بالتنوير، والتنوير هو إضاءة المساحات المظلمة في العقل الجمعي، والمساحات المظلمة تلك من الممكن أن تكون مساحات تاريخية أوعلمية أو دينية أو سياسية فالتنوير هو إضاءة المساحات المظلمة تلك في أي فرع من فروع المعرفة، فإذا أردنا أن نعرف من أين نبدأ؟، فالتنوير المعرفي هو سبيلنا لخلق جيل يتمتع بالولاء والانتماء للوطن الناتج عن المعرفة والحب للوطن وليس فرض كما يقول محمد عبد الوهاب.

  • ما هو دور الصهيونية العالمية في تشويه التاريخ المصري القديم؟

هناك مفاهيم خاطئة تروجها الصهيونية العالمية عن مصر، لمحو الولاء والانتماء من شبابنا، وهذا يذكرني بما قاله المفكر اليوناني حين هزمت اليونان إسبرطة، "هزمناهم ليس حين غزوناهم بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم". فنلاحظ مثلاً حينما تم غزو العراق في اليوم الثاني مباشرةً نهبت إسرائيل المتاحف العراقية، وكذلك الحال في متاحف إدلب السورية، وذلك من أجل محو تاريخ تلك الدول، كما حاولت إسرائيل نهب المتاحف المصرية في أعقاب ثورة 25 يناير . وتحاول الصهيونية العالمية دائماً تشويه التاريخ المصري العظيم وأكثر ما يروجونه عن قدماء المصريين، أنهم كانوا حكاماً ظالمين يجبرون الشعب على العمل بالسخرة، كما أنهم يروجون عن المصريين القدماء أنهم كانوا يعبدون الأوثان من دون الله، ودائماً ما يحاولون إثبات أن كل ملك من ملوك مصر القدماء البالغ عدد 561 هو فرعون الخروج الذي طردهم من مصر، على الرغم من أن الدراسات التاريخية جميعها تشير إلى أن فرعون الخروج المزعوم كان هكسوسياً ولم يكن مصرياً، لذلك تجد المثل الشعبي يقول "كنا فاكرينوا موسى طلع فرعون" وهذا ظلم لحكام مصر القدماء، حيث أن فرعون الذي أتى ذكره في الكتب السماوية لا يمثل الـ561 ملكاً اللذين شيدوا الحضارة المصرية العظيمة.

كيف ترى القانون في مصر القديمة؟

أكبر دليل على عظمة القانون المصري القديم هو كتاب الدكتور محمود السقا أستاذ القانون في كلية الحقوق جامعة القاهرة بعنوان "فلسفة وقانون التاريخ المصري القديم"، حيث يقول "لا يوجد حضارة عاشت بقدر ما عاشت الحضارة المصرية، وذلك لأهم سبب ألا وهو العدالة المتمثلة في القانون في مصر القديمة" حيث يقول عنه السقا "أنه كان قانوناً عالمياً في مراميه عادلاً في أحكامه صافياً في مواده، دهشة للمؤرخين، ذلك لأنه قام على دعامتين هما العدل أساس الملك بين الحاكم والمحكوم، والعدالة الاجتماعية فالكل أمام القانون سواء".

فالقانون المصري القديم كان يصاغ في محكمة اسمها بوخاريس بالفاظ دقيقة واضحة لا لبس فيها وقليلة جداً، ومن أمثلة القوانين في مصر القديمة قانون الحرب، الذي ينص على أنه إذا أعلن الملك الحرب عليه أن يكون في مقدمة الصفوف، حتى لا يزج بشعبه في ويلات الحرب بدون داعي، فسيكون الملك أول من يكتوي بنيران الحرب، وحدث ذلك فعلياً في حرب تحرير مصر من الهكسوس حيث كان أول من استشهد في تلك المعركة الملك سقنن رع من الأسرة السابعة عشر، واستمرت الحرب وتولى القيادة من بعده الابن الأكبر كامس واستشهد هو الأخر في الحرب ثم تولى القيادة الابن الأصغر أحمس الذي تم على يديه التحرير، والذي جيش الجيوش لتلك المعركة هي الام إياح حتب زوجة الملك سقنن رع، وام كامس وأحمس، وكانت تلك الحرب عالمية لدرجة أن المؤرخين قالوا عنها "توقفت النساء عن الإنجاب من هول المعارك براً وبحراً" لدرجة أن معركة واحدة من تلك المعارك استولت مصر فيها على 300 سفينة حربية من الهكسوس غير الذي تحطم في المعركة. كما أن من قوانين الحرب في مصر القديمة والتي لا يوجد مثلها في القانون الدولي حالياً أن الجنود المصريين حينما يعودوا بالأسرى من الجيش المعتدي عليهم أن يحملوا أبناء الأسرى، حتى أن هناك إحدى البرديات يطالب فيها بعض الجنود المصريين إعفائهم من حمل أبناء الأسرى بسبب إجهاد المعارك، وقد سمح للبعض بذلك بينها قام بقية الجنود بحمل أبناء أسرى الهكسوس، وهذا يدل على مدى الرقي الإنساني الذي تمتع به المصري القديم حتى مع أعدائه. كما أن العدالة في مصر القديمة كانت تصل إلى محاكمة الملك نفسة، وقد حدث فعلاً حيث اتهم ابن الملك رمسيس الثالث بالخيانة، فتشكلت محكمة من 15 قاضي لمحاكمته وتم الحكم عليه بالإعدام، والأغرب من ذلك بعد تنفيذ الحكم اكتشفت المحكمة أن قاضيين من قضاة المحكمة كانوا مواليين للملك رمسيس الثالث فحوكما وصدر ضدهما حكماً بالإعدام، فانتحرا القاضيين قبل تنفيذ الحكم بهما. هذا هو العدل عند قدمائنا المصريون، فلم يكونوا ظالمين ولم يحكموا الشعب بالحديد والنار ولم يعمل المصريين بالسخرة في بناء الإهرامات والمعابد كما يشاع عنهم من قبل الصهيونية العالمية. فمصر القديمة هي البلد الوحيد الذي أعطى المريض حق شكوى الطبيب في ذلك الزمن السحيق.

  • هل كان الخلع موجود في القانون المصري القديم؟

نعم كان الخلع موجود في مصر القديمة حيث كان من حق المرأة أن تشكوا زوجها إذا صدرت منه قسوة باليد أو اللسان، فكان الزوج ينذر في المرة الأولى ويجلد في الثانية ويخلع في ثالث مرة، وكان هناك بند من بنود وثيقة الزواج تنص على لسان المرأة "إذا هجرتك كزوج أرد إليك مهرك، ونصف ما جمعناه في حياتنا الزوجية"