جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

شعر د. ريتا عيسى الأيوب بِقَلَم: خاطَبْتُ المَوْتَ.. مُعاتِبَةً إِيّاهُ

 د. ريتا عيسى الأيوب
-

خاطَبْتُ المَوْتَ... سائِلَةً إِيّاهُ: إِلى مَتى سَتَظَلُّ أَنْتَ تَقْهَرُني؟

فَأَجابَني بِدَهْشَةٍ: أَقْهَرُكِ... وَأَنْتِ التي اخْتَرْتِ... عَنْ أَحِبّائِكِ أَنْ تَبْتَعِدي؟

فَقُلْتُ لَهُ: وَهَلْ في بُعْدي عَنْهُمْ ما يُعْطيكَ الحَقَّ في أَخْذِهِمْ إِلَيْكَ... مِنْ دونِ حَتّى أَنْ أُوَدِّعَهُمْ... قَبْلَ ذِهابِهِمْ إِلى عِنْدِ العَلِيّ؟

فَقالَ لي: إِنَّ أَجَلَهُمْ قَدْ حانَ... فَبِاللهِ عَلَيْكِ أَلّا تَغْضَبي...

فَأَجَبْتُ بِحُزْنٍ... وَالدَّمْعُ يَهْجُرُ مُقْلَتي: لا اعْتِراضَ عَلى حُكْمِ اللهِ... إِلّا أَنَّ قَلْبي بَعْدَ كُلِّ فُقْدانٍ... تَراهُ يَنْكَوي...

كَما أَنَّ الحُزْنَ... مِنْ بَعْدِ فِراقِهِمْ... يَأْتيني لَيْلًا... كَيْ يُخَيِّمَ عَلى بَيْتي...

أَنا التي الآنَ في غُرْبَتي... باتَ لا قُوَّةَ... ولا حَوْلَ لي...

أَهُوَ البُعْدُ الذي طالَ... أَمْ أَنَّني أَنا التي أَطَلْتُ في غِيابي؟

جاوِبْني أَرْجوكَ... أَلَمْ يَكُنْ بِإِمْكانِكَ... عَلى الأَقَلِّ إِنْذاري؟

فَقَدْ كُنْتَ تَأْتيني... غالِبًا في حُلُمٍ... مُنَبِّهًا إِيّايَ... صارِخًا في وَجْهي: هَيّا اسْتَعِدّي!

وَكُنْتُ أَشْعُرُ بِقُدومِكَ... أَنْتَ الذي تَأْتي خِلْسَةً... كَيْ تَسْرِقَ مِنّي... أَعَزَّ ما هُوَ لي...

فَلِماذا لَمْ تَعُدْ تَفْعَلُها... إِذْ أَنَّكَ في هَذِهِ المَرَّةِ... قَدْ اكْتَفَيْتَ فَقَطْ... بِإيقاظي مِنْ عِزِّ نَوْمي...

هَلْ بِتَّ تَخْشاني... أَمْ رُبَّما قَدْ بِتَّ تَخْشى تَوَسُّلي؟

أَمْ لَعَلَّكَ تَخافُ... مِنْ وَقْعِ صَلاتي... في حَضْرَةِ اللهِ العَلِيّ؟

فَيا لَيْتَني كُنْتُ عَلِمْتُ بِقُدومِكَ... لَكُنْتُ أَمْضَيْتُ اللَّيْلَ خاشِعَةً... ضارِعَةً إِلى اللهِ... أَلّا يَرُدَّ طَلَبي...

لِأَنَّكَ يا مَوْتُ قاسٍ... وَلا رَحْمَةَ في قَلْبِكَ... يا أَيُّها الجَبانُ... وَالذي تَسَبَّبَ مُؤَخَّرًا... في وَجَعي وَوَجَعِ أَحِبَّتي...