جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

بقيّةٌ من سِيجار

علي الجنابي -

التَقَطَتْ مخالبُ طفليَ النَّمرِ الصغير بقيةَ جثمانٍ من سيجارْ..
وعلى حين غفلةٍ من بؤبؤ عيني الشاردِ الفكرِ والمحتارْ..
وما ألفتُ بؤبؤَ عيني في ثوانيَ عُمُرِهِ إلّا شارد النظراتِ ومحتارْ,,,
شهَقَ نمريَ الصغير، فنفثَت منخريه الدخانَ، فحلّقَ والدخانَ في العنان وطارْ..
قهقهَ صغيري، ولكأنه قيصرٌ روما أو لعلهُ إمبراطورُ بيزنطة قد عرشَ وصارْ ..
قهقهتُ له بضحكةٍ على زمان ماحوى إلّا جثمانَ سيجارةٍ بين دخانٍ ونارْ..
مهلاً !
أيها القارئ، ايها الصاحب، وياذا عمامةٍ مُتّحفِّزَةٍ لزَلَّةٍ ورويداً يا ايها الجار..
لاتَسِلّوا عليَّ سيوفكم، ولا تنعتونيَ بسوءِ تربيةٍ وبحماقةٍ وجهلٍ وعارْ..
هو ذا الفكر هكذا يقضي دقائِقَهُ إن أعياهُ الزمانُ ورقصَ على كتفيهِ الغمُّ وجارْ..
وباتَ بندولُ الزمان فيهِ هامداً كامداً ، لا تبخترَ فيهِ ولا خبراً فيهِ سارْ..
وما عادَ يدفعُ عن الفكرِ عِلمٌ تعلّمَه، ولا ينفعُ مجلسُ حكمةٍ كان قد زارْ..
فتراهُ مُعتَكفَاً عن غوغاء الزمان، وعن الصاحبِ بالجنبِ، وعن الألِ والجارْ..
يلعبُ لاهياً ببقيةٍ من عيدانِ ثقابٍ في ميدانٍ طفولةٍ وينفُثُ دخانَ سيجار..
وأمستِ الدارُ تغبطُ الأجداث وأصحابَ القبورِ وتعايشُها بل منها تغار..
إمرحْ!
إمرحْ ياصغيري وإفرحْ ببهجةٍ لانملكُ غيرها: (شهقةٌ من دخانِ من سيجار)..
ولن نبالي بمَن يتَصَيَّدُ العيبَ، والعيبُ في عِبِّهِ قد تكَدَّسَ وتيَبَّسَ وبارْ ..
لا حرجَ صغيري، دعنا نضحكُ سوياً، ونذرُ لعبةَ التربيةَ ومناوراتٍ لقطٍّ وفار..
إشهق وإنهقْ وأخرجْهُ من منخريكَ، ويالهما من منخرينِ ساحرين صغار !
وكذبَ مَن نصحَنا بتنمُّرٍ: أنَّ السيجارَ آفةٌ مسرطنةٌ وسمُّها مُدَمدِمٌ للأبدانِ وضار..
أوليس سرطانُ زمانهم أشدُّ إيلاماً على روحيْنا إن ولجَ خِلسةً بيننا في الدار..
إشهقْ ثمَّ إنهقْ ياصغير، وإرتقبْ إذ يلبسُ الناصحونَ عباءة رمضان وكأنهم سلالةُ أنبياء مصطفين أخيار..
إنهم يمنعونني وإياكَ بهجةً يتيمةً تمرُّ على روحيْنا، وينعتوننا بالصلافةِ والعار!
وما قتلتُ وإيّاكَ أبنَ بنتِ رسولِ الله في العراق، وماسبينا ذريته من كوكبةِ آلٍ أطهار..
ومافجرّنا مرقد طلحةَ بن عبيدالله، وما قتلنا الزبير، وما شتمنا أحداً من صحبٍ أبرار..
بل وماطعنَّا بعرضِ رسولِ الله أطهرُ الثقلينِ،وخيرُ مَن وطئت قدماهُ الثرى والامصار..
أفٍّ لهم أفّ..
أفٍّ لهم، ولِمَا يتمَلَّقون من خَوضٍ، أفٍّ مغمسةٌ بدخانِ صنفٍ كوبيٍّ من أجودِ أصنافِ السيجار.