جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

الغرب يحاصر حاملة الطائرات الروسية التي لا تغرق

كالينينجراد
الديار - حسام السيسي -

تسارعت التطورات المتصلة بالإقليم الاستراتيجي، منتصف يونيو بعدما أعلنت ليتوانيا منعها عبور قطارات الشحن الناقلة بضائع تخضع للعقوبات الأوروبية بين روسيا وكالينينجراد. مُنع عبور المعادن، الإسمنت، الكحول، الأسمدة، وستتوسع القائمة لاحقاً وفق واشنطن بوست لتشمل الفحم والنفط.

الكرملين، ردّ سريعاً. وصف الخطوة الليتوانية بغير المسبوقة، وغير القانونية استدعى كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي في موسكو. وقال سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، إن الرد سيكون له تأثير خطير على الشعب الليتواني.

لا يخفى دعم دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا) لأوكرانيا في مواجهة الأهداف الروسية. ربطاً بهذا، أعلنت شركة السكك الحديد الليتوانية (إل تي جي)، عدم سماحها بعد الآن بمرور البضائع الروسية المُعاقَب عليها أوروبياً عبر الأراضي الليتوانية. موسكو ترى في القيود هذه انتهاكاً لاتفاقية تجمعها والاتحادَ الأوروبي تعود لعام 2002، يوم انضمت ليتوانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

أنتون عليخانوف، حاكم كالينينجراد، قدّر أن ما بين 40 و50 في المئة من إمدادات الجيب عبر ليتوانيا يمكن أن تتأثر بالعقوبات الأوروبية. في البال جغرافيّة المنطقة. كالينينجراد تقع على الساحل الجنوبي لبحر البلطيق، بين ليتوانيا وبولندا، العضوين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسيوالإمدادت تصل عبر طريق ليتوانيا وبيلاروسيا.

تاريخياعُرفت كالينينجراد سابقاً باسم كونيجسبرج. كانت جزءاً من ألمانيا إلى حين استيلاء الجيش الأحمر عليها من النازيين عام 1945... ثم احتلها الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء الحرب في أوروبا.

عام 1946 أطلقت موسكو تسمية كالينينجراد على المدينة طَردت السكان الألمان منها ووطّنت أشخاصاً من روسيا وبيلاروسيا، لتغدو المدينة والميناء البحري موقعاً تابعاً للاتحاد الروسي، مفصولاً براً عن بقية روسيا.

تزيد مساحة الإقليم عن 200 كلم مربع بقليل. يقطنه نحو مليون نسمة، نصفهم تقريباً يسكن في مدينة كالينينجراد، وهي العاصمة الإدارية للجيب الحامل الاسم نفسه.

بحكم الجغرافيا، طالما تمتعت كالينينجراد بعلاقات اقتصادية وثيقة نسبياً مع الدول

الأوروبية في السنوات التالية لانهيار الاتحاد السوفياتي، قبل بدء العلاقات بالتلاشي خلال فترة حكم بوتين، بخاصة بعد هجوم روسيا عام 2014 على أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم وقتذاك فُرضت عقوبات على موسكو، ودان الاتحاد الأوروبي الخطوة الروسية.

تتمتع كالينينجراد بأهمية استراتيجية. تُعدّ موقعاً عسكرياً روسياً متقدماً، يحوي أسلحة روسية على مسافة قريبة من أوروبا الغربية هنا، المقر الرئيس للأسطول الروسي في البلطيق. وهنا المعقل خلال الحربين العالميتين، والحصن الدفاعي زمنَ الحرب الباردةكل هذا، برّر تشبيه كالينينجراد بحاملة طائرات لا تغرق.

في مواجهة توسع حلف شمال الأطلسي، عززت موسكو وجودها العسكري في كالينينجراد ونظمت فيها مناورات مهمة، وفي السنوات الأخيرة، نصبت موسكو في الجيب صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية وأنظمة دفاع جوي من طراز إس-400، بحسب .

في فبراير الماضي، نشرت روسيا في الجيب صواريخ فرط صوتية كان هذا قبيل بدء قواتها غزو أوكرانيا ومع بداية الربيع، أعلنت موسكو تنفيذها محاكاة لمنظومة صواريخ إسكندر ذات القدرة النووية هناك.

في زمن الحرب الباردة، صُوّرت كالينينجراد على أنها "هونج كونج البلطيق ومنذ عام 1996، عُدّ الجيب، كما تكتب "واشنطن بوست"، منطقة اقتصادية خاصة، ذات ضرائب منخفضة ومن دون رسوم استيراد تقريباً لتحفيز الاستثمار، رغم تعثر الاقتصاد بعد فرض العقوبات الغربية لأول مرة.

حكمت موسكو دول البلطيق الثلاث ذات يوم ومع نهاية الحرب الباردة اندفعت ليتوانيا، إستونيا ولاتفيا، نحو حلف شمال الأطلسي. اليوم، تُعرب الدول الجارة لروسيا عن قلقها من امتداد الحرب إليها.

روسيا قد تحاول الاستيلاء على امتداد استراتيجي رئيس من الأرض على طول الحدود البولندية الليتوانية، وفق "واشنطن بوست"، أي سيطرة روسية على الممر البالغ طوله 64 كلم، والرابط كالينينجراد ببيلاروسيا حليفة روسيا، يمكن أن تحرم دول البلطيق من ممر بري لبقية حلف الناتو.

الممر المعروف باسم سوالكي، اشتعل التوتر حوله عام 2016. وقتذاك، قرر وزراء دفاع الناتو إرسال 4000 جندي إلى بولندا ودول البلطيق. في اليوم نفسه، بدأت روسيا مناورة عسكرية استمرت أسبوعاً.