جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

ثورة يوليو والإنقلاب من أبناء ”المعذبون في الأرض” علي عبد الناصر”

محمد سعد عبد اللطيف
-

بقلم ؛-محمد سعد عبد اللطيف ؛-مصر ؛

سوف یظلّ السِّجال ساخناً والخلاف محتدماً علی حقبة تاریخیة لماضٍ ومستقبل من الجدل حول شخصیة" جمال عبد الناصر " ومازال الحاضر الغائب غير أن هذه الفئة الضالة الكريهة ،لعبد الناصر لم تنتهي ،رغم رحيلة عن عالمنا منذ أكثر من نصف قرن ، وفي الغالب لن تنتهي ، فالحياة لا تخلو من هؤلاء ، لا تخلو من الشر لكي نُدرِكْ معنى الخير والفضيلة والحب ، لا تكتمل الحياة دون وجود هذه الفئة ، التي تستوي في الغوغائية والحقد والكراهية مع الشياطين والمنافقين وكل عام نحن علي موعد من الافتراءات والكذب علي شبكات التواصل الاجتماعي من كتائب من الرعاع والسفلة من العهد البائد .وايدولوجيات رجعية .فشلوا في اول تجربة لهم فكونوا كتائب من اللغو الالكتروني لمهاجمه رجل شريف فلم يستطعيوا هم واسيادهم ان يثبتوا عليه في ذمته المالية وكل عام نحن علي موعد الكذبة المفضوحة هذا العام عن ثروة ابناء عبد الناصر الدكتورة هدي عبد الناصر ؛- تركوا فشلهم وليس امامهم سوي شخصية عبد الناصر ؛- صنعوا للانفسهم حائط المبكي في ذكري النكسة ؛- وللأسف تجد طبقة من ابناء المستفدين من ثورة يوليو من أناس لو بحثت عن الأصول الإجتماعية لغالبيتهم ، ستجد أنهم من أبناء الفلاحين أو العمال أو صغار الموظفين ، بمعنى آخر ، أنهم من أبناء الطبقات والفئات الإجتماعية المهمشة (المعدوميين) التي استفادت من قوانين العدالة الاجتماعية ، مثل : مجانية التعليم ، والإصلاح الزراعي والحد الأدنى للأجور ، وغيرها من تلك القوانين التي لولاها ما شهد هؤلاء الناكرين للجميل الكارهين للثورة وللأنفسهم ، يوماً واحداً من الكرامة وعزة النفس ...كما جاء في حديث صديقنا الكاتب القومي /صلاح ذكي مع المرحوم الكاتب /محمد عودة .قال

هؤلاء . لا يتم علاجهم إلاّ في مصحة عقلية أو البحث عن مستشفى مُتخصص في معالجة غدد الكراهية ، وفقدان البصيرة "هناك نوع من الناس ، الذين يطلقون على أنفسهم ، وصف " مثقفين " أصحاب غُدة من الكراهية والحقد لا تعرف عن ثورة يوليو وتاريخها غير بعض الإخفاقات ، ولا يذكرون أي إنجاز أو مكسب تحقق للأغلبية الساحقة من الشعب المصري .لا نرید خلط الأوراق لرجل له ما له وعليه ما علیه، لم يعرف كما فعلتم من تسقيع الأراضي والاستحواذ علي اراضي الدولة والتوكيلات العالمية والبزنس مات وعمرة 52 يوماً

في مذبحة "ايلول الأسود" لوقف الدم العربي في عمان مات من هموم التصرفات والخيانات العربية عبد الناصر لیس نبیاً ولا رسولاً، ولكنه كان لماض ذهب عن الأمة بریقه.أين انتم في ظل الهيمنة والتطبيع والحجيج الي تل ابيب . المانيا هزمت .واوروبا اجتاحها هتلر .ولكن اعادوا البناء لقد اعاد بناء القوات المسلحة وخاض حرب الاستنزاف . واعد لمعركة اكتوبر .ولكن كان قدرة ان يموت يوم ان تجمع كل العرب في القاهرة لوقف نزيف الدم العربي العربي في عمان .

لقد انتهى وانتهت معه ثورة یولیو/تموز، کمشروع وتجربة سوف یحکم علیها المٶرخون الذین یکتبون التاریخ للمنتصر کما قال " تشرشل". لم یتعرَّض رٸیس لحملة تشویه بعد وفاته کما تعرَّض هذا الرجل من الداخل والخارج، من قوى کثیرة لها مصالحها الأیديولوجیه، وجماعات رجعیة ورأسمالیه متوحشه، ومخابراتیة، لإلصاق کل التهم،

كفانا إذن حديثاً عن مزايانا ومناقبنا، فهي مؤكدة ومقرَّرة، وهي كفيلة بنفسها، ولْنركّز من الآن، لننظر إلى عيوبنا في عيون المتربصین بالأمة، في مواجهة وشجاعة، لا لننسحق بها، ولكن لنسحقها، لا لنسيء إلى أنفسنا، ولكن لنطهّر أنفسنا من الحقد الدفین والکراهیة.شعب يبحث عن ماضية .ويحمل رجل كل ما يحدث الأن ماذا فعلتم انتم ؟

ماذا تریدون؟ اذهبوا إلی أسوان، واهدموا، "السد العالي واهدموا ما تبقَّی من مباني الإصلاح الزراعي، وأعلنوا في مزاد عمّا تبقَّی من قطاع عام لحل الأزمة الاقتصادیة، حتي یتم طمس عبدالناصر، الذي ینزعج الکثیر من اسمه

الي《 الذين يحرقهم الشوق الي العدل والي الذين يؤرقهم الخوف من العدل اسوق هذا الحديث 》.من رواية الدكتور طة حسين "المعذبون في الارض " لحالة المواطن المُعدم الفقير ، يمشي حافي القدمين ، وبؤس الدنيا على وجهه؛-نشر الأستاذ العميد ، الدكتور " طه حسين " بضع مقالات ناقدة وفاضحة وكاشفة للظلم والقهر الإجتماعي الذي كان يعيشه الملايين من الشعب المصري ، فما كاد المقال يعرف طريقه للنشر إلاّ وتُصادر الصحيفة الناشرة له ، ويُستدعى " طه حسين " للنيابة العامة للإستجواب والتحقيق معه ...

ولم يُتّح للدكتور " طه " نشر هذه المقالات في كتاب إلاّ بعد قيام الثورة ، ثورة يوليو؛-

وكان عنوان الكتاب قاسياً ومؤلماً ، كان العنوان هو " المعذبون في الأرض " ...

غير أن الإهداء كان أقسى وأقصى ، حتى بات أهم وأخطر إهداء لعمل أدبي أو فكري في تاريخ العرب الحديث؛-ففي اوائل الخمسينيات دعي وجهاء القرية في مسقط رأسي تلبانة /مركز المنصورة المرحوم /احمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة وتعتبر قريتنا والقري المجاورة معقل للأراضي التابعة للخاصة الملكية .ووقف تحت شجر الجميز يخطب خطاباً مشهوراً.عندما شاهد لسيدتين من القرية يضعون عليهم (غبيط)مصنوع من الياف التيل لحمايتهم من البرد والصقيع والامطار اثناء سقوطها اثناء إلقاء خطابة فتم تصويرهم .ووضعها علي غلاف صحيفة "مصر الفتاة " واثناء عودتة الي القاهرة .وجد تجمع مئات من المصريين الفقراء الذين يفترشون الأرصفة في أكبر ميادين العاصمة ، "ميدان الإسماعيلية" ، التحرير ، فيما بعد ، في يوم شتاء بارد وعاصف وقاسٍ ، ويكتب تحتها ، وبمانشيت عريض عبارة ؛-

"هاهم رعاياك يا مولاي الملك !!!

من احدي قري المنصورة وميدان الاسماعيلية بالمشيت العريض .صور مُعبرة ، غير أنها صور مؤسفة ومُهينة وحزينة ومؤلمة ، وقد ختمها بصورة كبيرة لجريدة حزب مصر الفتاة ؛- فكثير من يريدون ان يلبسوا ثياب اخر .انهم من طبقة النبلاء ..كانت الأجانب يشمئزون من اجدادكم ..فطلبوا عمل حملة تبرعات وجري احتفالا فخم من الاثرياء وتجمع

المئات من زوجات وأميرات الأسرة الملكية ، وعشيقات الأمراء ، وزوجات السفراء والوزراء والباشوات ، والهدف ، هو القيام بحملة خيرية ، تحت رعاية صاحبة السمو الملكي ، الملكة " ناريمان " لجمع التبرعات لمكافحة ظاهرة الحفاء بين أبناء الشعب المصري!! هاهي القاهرة التي كتب عنها "نجيب محفوظ " القاهرة 30 /كذلك" الاستاذ خالد محمد خالد "في عنوان كتابة الذي لن يري النور الا ساعات قبل مصادرتة 《مواطنون لا رعايا 》يشرح فيه صور البؤس والفقر والحاجة ، والفقر الذي يصل ، والعياذ بالله ، الى حد الْكُفْر؛-

اهتم عبد الناصر . بالتعليم والصناعة .والزراعة .وعلي الصعيد العربي والاقليمي . فكانت دوائر ناصر الاستراتيجية؛-

الدائرة الأولى؛- هي العالم العربي، والدائرة الثانية ؛- القارة الإفريقية، والدائرة الثالثة ؛- الأوسع العالم الإسلامي، فالاهتمام بهذه الدوائر ناتج عن فهم كبير، مستمد من علم الجغرافيا السياسية، استمده عبدالناصر كمدرس لعلم الاستراتيجي بكلية أركان الحرب، وطبَّقه بعد ذلك في السياسة، بعد أن أصبح رئيساً لمصر، وزعيماً للأمة العربية كلها، ومدافعاً عن الثوار والحركات الثورية بالعالم، ضد الاستعمار والاستغلال والإمبريالية العالمية، فكوّن كثيراً من الروابط السياسية والشعبية في نطاق الدوائر السياسية الثلاث، كمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة عدم الانحياز، ومشاركته الفاعلة في إنشاء هذه المنظمات في دوائر الاهتمام الثلاث، مما أكسبه شعبية ليست محلية أو إقليمية فقط، بل أصبحت شعبيته عالمية، لدعمه المتواصل للحركات الثورية في العالم كله ضد الاستعمار، كأحد أهم دروس الجغرافيا السياسية أيضاً، لأن الاستعمار كخيوط العنكبوت، عليك أن تقطع كل خيوطه المحيطة بك حتى لا تلتفّ عليك ثانیة.

فكثر منتقدوه لعدم وعيهم الكافي بالجغرافيا السياسية، والفكر الاستراتيجي، فهناك مَن انتقد قراره الجريء بتأميم قناة السويس، وبناءه السد العالي.

فيقول مَن تعلمنا منه علم الجغرافیا السیاسیة، جمال حمدان، في ذلك: تبدو مصر من منظور جغرافي استراتيجي قد نقص وزن موقعها بشدة، ومن منظور اقتصادي تقلصت قيمة موضعها، وهكذا أصبحت بلا حول ولا قوة؛ لأنها فقدت القدرة على الخيال والحكم، لتشتري الموقع بالموضع، كما فعل جمال عبدالناصر.

واشترى بقناة السويس السد العالي، فعوض بعضاً من خسارة الموقع ببعض القوة في الموضع. إن مصر المستقلة لم تبدأ إلا منذ ارتفع فيها الموضع إلى مستوى الموقع، فعليها دائماً أن تعمّق موضعها وتكثفه؛ لكى يظل ذات كفاءة لموقعها الحاسم.


مات آخر من حکم مصر، کان أجنبیاً أو مصریاً بالجغرافیا، وهو عبدالناصر، وآخر من حوّل الجغرافیا السیاسیة إلی واقع في الشرق الأوسط هو هنري کسنجر، عن طریق الصراع العربي الإسراٸیلي.

وللأسف، المفکرون الحقیقیون في عالمنا العربي قلة، وکل مفکر مثقف، ولکن لیس کل مثقف مفکراً، کما أن کل مثقف متعلم، ولکن لیس کل متعلم مثقفاً.

مات عبدالناصر، وقدر مصر أن تظل سیرته أطول من حیاته!!


"محمد سعد عبد اللطيف "

كاتب مصري ومتخصص في علم الجغرافيا السياسية ""