جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

مصانع تدوير الزيوت المستعملة وباء قاتل يهدد حياة المصريين

تدوير الزيوت المستعملة
تحقيق : أحمد عبد الحليم -

3000 مفتش فقط على مستوى الجمهورية
طلبات إحاطة لمنع إنتشار الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها
استخدام مواد محرمة دولياً لاعادة تدوير الزيت المستخدم
انتشار الباعة الجائلين بمختلف المحافظات والكيلو بـ10 جنيه
مصانع بير السلم تنتشر بالمحافظات والرقابة خارج نطاق الخدمة

تحقيق : أحمد عبد الحليم
إنتشرت مؤخراً مصانع بير السلم لإعادة تدوير زيت الطعام المستعمل، بعدما اطلقت مندوبين بمختلف محافظات الجمهورية يجوبون الشوارع والازقة لشراء أي كمية من تلك الزيوت بهدف إعادة تدويرها ومن ثم بيعها للمطاعم والبقالات مرة أخرى، دون النظر لما يسببه ذلك من اصابة بالامراض السرطانية وتصلب الشرايين والجلطات الدماغية.
وللأسف استغلت تلك المصانع ارتفاع أسعار الزيوت وغياب الدور الرقابي المنوط به بمختلف المحافظات، فضلاً عن حاجة المواطنين لأي نقود تمكنهم من الوفاء بالتزاماتهم، ورغم خطورة إستخدام تلك الزيوت قبل وبعد التدوير إلا أن العديد من المواطنين البسطاء لا يزالوا يقعون فريسة في براثن تلك المصانع التي شكلت خطراً داهماً داخل المجتمع يهدد حياة المصريين.
طلب إحاطة
بداية أكدت النائبة ميرال جلال الهريدي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب أنه ورد إليها عدد من الشكاوى والتخوفات من جانب المواطنين، بسبب انتشار ظاهرة قيام بعض الأفراد المتجولين بتجميع وشراء زيوت الطعام المستعملة بهدف إعادة تدويرها وطرحها مرة أخرى بالأسواق.
وعلى اثر ذلك تقدمت بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الصحة والسكان، والتنمية المحلية، والتموين، والبيئة، بشأن هذه الظاهرة والأضرار الصحية المترتبة على إعادة استخدام هذه الزيوت بعد تدويرها من خلال مصانع تحت بير السلم، في إطار مواجهة هذه الكارثة.
وأشارت النائبة البرلمانية، إلى أنه بالبحث في أبعاد وملابسات ذلك الأمر تم التوصل إلى ظهور عدد كبير من الأفراد المتجولين بشوارع مصر يقومون بشراء كافة أنواع زيوت الطعام المستعملة بأسعار تتراوح ما بين10 و15جنيها للكيلو الواحد دون تحديد سبب شرائهم لهذه الزيوت، مما شجع المواطنين للاستجابة وبيع زيوت الطعام المستهلكة لهؤلاء التجار.
وطالبت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، في طلب الإحاطة المقدم بالمجلس بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات التنفيذية المختصة من أجل منع إنتشار تلك الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها بشكل حاسم وسريع.
ولفتت عضو مجلس النواب إلى أن تلك المصانع تعمل على إعادة تدوير تلك الزيوت المستعملة ومن ثم إعادة بيعها مرة أخرى إلى البقالات وبعض محال بيع الأطعمة الجاهزة والسريعة بمختلف أنواعها.
وأفادت بأن تلك الزيوت تعد سموم قاتلة ومواد مسرطنة بشهادة خبراء الصحة العامة ولا يمكن بأي حال من الاحوال استخدامها مرة اخرى في طهي الأطعمة التي تشكل خطورة بالغة على صحة وسلامة المواطنين، لتسببها في الإصابة بمختلف الأمراض السرطانية وتصلبات الشريين والجلطات القلبية والدماغية.
شركات بدون ترخيص
من جانبه أكد المستشار الاقتصادي ورئيس الإتحاد العام للتموين والتجارة الداخلية العربي ابو طالب أن زيوت الطعام المستعملة يتم تجميعها لإعادة تدويرها بهدف إنتاج الشمع والصابون والبيوديزل لأن تكلفته عالية جداً وسعر اللتر منه غالي جداً ليستخدم كوقود لمحركات من نوع خاص مثل الطائرات.
وتابع : هناك شركات استثمارية متعاقدة مع بعض الأشخاص لتجميع هذه الزيوت وتصديرها للخارج و جزء منها يتم تداوله داخل مصر بشكل رسمي تحت مرآى ومسمع من الجهات المعنية و الرقابية في مصر، إلا أن هناك شركات غير رسمية وليس لديهم تراخيص يقومون بتجميع تلك الزيوت المستعملة من خلال أفراد متجولين في الشوارع، ومن ثم إعادة تدويرها داخل مصانع مجهولة تحت بير السلم بعلامات تجارية مغشوشة وللأسف يعاد بيعها مرة اخرى للمواطنين.
وأفاد بأن تلك الزيوت يتم تسخينها في غلايات مع إضافة مادة النشادر أو الكربوناته ومواد اخرى محرمة دولياً لإعادة لونها الأصلي وبعدها تتم عملية الهدرجة وتعَبَّئتها في زجاجات وبيعها للمستهلك من جديد، مما تؤثر على صحة الإنسان بشكل عام وقد يؤدي ذلك للإصابة بالأورام السرطانية والفشل الكلوي.
وأكد أبوطالب أن إنتاج هذه الزيوت يتم في مصانع مجهولة، مما يصعب على الرقابة الوصول إليها، إلا إذا تم القبض عليهم وقت التصنيع، هذا إلى جانب أن الأمر يحتاج لعدد كبير من المفتشين والحملات الرقابية على الأسواق وحالياً غير متوفر.
وأشار إلى أن عدد المفتشين على مستوى الجمهورية لا يتعدى 3000 مفتش ولكي يتم تشكيل لجان رقابية ثلاثية مطلوب تنظيم العديد من الحملات التي تتطلب عدد مفتشين أكبر وهو ما نفتقر إليه حالياً حتى نتمكن من التصدى لحالات الغش المتنوعة.
وطالب رئيس الإتحاد العام للتموين، بتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة والمواطنين والمجتمع المدني لتعزيز عمليات التوعية والتثقيف من خلال عقد الندوات والمحاضرات والحملات لتوعية المواطن البسيط صاحب الدخل المحدود وحثه على عدم التعامل مع تجار تلك الزيوت التي تشكل خطراً على صحة الإنسان.
وفي سياق متصل أفاد استشاري التثقيف والإعلام الغذائي الدكتور مجدي نزيه بأن المنع من المنبع أمر ضروري للقضاء على هذه الظاهرة، ويجب على المستهلك ألا يتعامل مع الأفراد التي تقوم بجمع الزيت المستعمل بهدف إعادة .
كما يجب الاهتمام بتوعية وتثقيف المواطن بأن يتوخي الحذر بعدم التعامل مع هؤلاء التجار، حيث لا يوجد ضمانة واحدة أن الزيت الذي يستلمه المستهلك أن يكون نظيف وغير ضار بالصحة.
ونصح نزيه، المستهلك في حالة ما إذا كان يرغب الاستفادة من الزيت المستعمل فعليه بتعلم طريقة عمل الصابون من هذا الزيت ويصنعه بنفسه، لتفادي أي خطورة يمكن ان يتعرض لها جراء تلك السموم.
وأردف بأن الزيت المستعمل لعدة مرات مثله كمثل الزيت الذي يعاد تدويره حيث أنه يتم إعادته إلى لونه الطبيعي مرة أخرى ولكن ظاهرياً فقط ولم يتم إعادة التركيب الكيميائي للزيت، فلم يستطع أحد فعل ذلك.
كما أن الزيت المستعمل لعدة مرات له سلبيات عديدة يصعب تحديدها لكثرتها، ولكن بشكل عام يُعد خطراً على الصحة، فقد يؤثر على الجهاز الهضمي والكبد والكليتين والجهاز العصبي والشرايين، فضلا عن دورة في الإصابة بالأمراض السرطانية والجلطات القلبية والدماغية.
آثار مدمرة للصحة
وحول خطورة تلك الزيوت أوضح رئيس وحدة الغسيل الكلوي واستشاري أمراض الباطنة بمستشفى 15 مايو الدكتور على عبد الحفيظ أن تدوير زيت الطعام المستعمل واستخدامه في الطهي يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان.
وأشار إلى أن معالجة الزيت المستعمل لم تتحقق بعد التدوير وإضافة مادة النشا والنشادر وغليه تحت درجة حرارة عالية ولكن بغرض تنقيته وإعادته إلى لونه الطبيعي فقط لأن ضرره قبل المعالجة لا يزال موجود بعد المعالجة وكلاهما ضار بصحة الإنسان.
وشدد على ضرورة توخي الحذر واستخدام الزيوت المأمونة للطعام من شركات معروفة بالجودة والإبتعاد عن الزيوت مجهول الصنع، لافتا إلى عدم استخدام صابون المواعين السائل مجهول الصناعة والمنتشر في الأسواق لأنه ضار بالصحة أيضاً ويسبب سرطان على المدى القصير.
وشدد على أن تلك الزيوت ضارة جداً للصحة لكونها تتسبب في الاصابة بالأمراض السرطانية والسكر وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي والتليفات الكبدية.
وأردف بأن عملية اعادة التدوير لتلك الزيوت ئؤدي إلى تكوين الجذور الحرة وهي جزيئات مُسببة للكثير من الأمراض، لأنها تفقده قيمته الغذائية والفيتامينات التي يحتويها مثل فيتامين "هـ" نتيجة حدوث بعض التفاعلات الكيمائية التي تحلله وتكون المواد السامة عند تكرار التسخين.
وقال : الأحماض الدهنية الموجودة في جميع أنواع الزيوت مادة تسمى HNE وتناول الأطعمة التي تم قليها بهذا الزيت يسبب أمراض كثير مثل تصلب الشرايين و ألزهايمر وأمراض الكبد.
وأضاف عبد الحفيظ، إن هذا الزيت يصبح بيئة خصبة لتكوين البكتريا الضارة التي تتغذى على بقايا الطعام المقلي مما تسبب في الإصابة بسموم غذائي، وبالطبع تأكسد الزيت بعد استعماله يكون مركبات كيميائية تسمى بروكسيديات، خاصة عندما يتعرض لدرجات حرارة عالية نتيجة تأكسده وتحلله لذلك يفضل عدم قلي الأطعمة في الزيت أكثر من مرة حفاظاً على صحة الأسرة، والأفضل استخدامه لمرة واحد ولا نعرضه للتسخين بدرجة حرارة عالية.