جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

الإمارات تخطط لزيادة إنتاجها البترولي إلى 6 ملايين برميل يومياً

الديار- محمد فهمي -

كشفت دولة الإمارات العربية عن استراتيجيتها المتعلقة بأمن الطاقة العالمي واستمرارها في تعزيز النفط مع التوسع في الطاقة النظيفة.

وأوضحت أن هناك عدة دوافع وراء ذلك، حيث تضمن الاستراتيجية دور الدولة بصفتها مصدراً موثوقاً وآمناً للطاقة وبالتالي توسيع الاستثمار الإماراتي في زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز، بينما لا يتعارض ذلك مع التوجّه الجادّ نحو الطاقة النظيفة والحياد الكربوني والاستعداد لعصر ما بعد النفط وتنويع مصادر الدخل، وفقا لإيجاز نشره مركز الإمارات للسياسات.

وأفاد الإيجاز بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تتبنى مسارين متكاملين في إدارة سياساتها الطاقوية والمناخية، ولا ترى أنهما مُتعارضان.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه دولة الإمارات عن أنها الدولة الشرق أوسطية الأولى التي التزمت بتحقيق الحياد الكربوني في العام 2050، وبأن جهودها نحو الطاقة النظيفة يؤهلها لاستضافة مؤتمر المناخ العالمي COP28 العام المقبل، فإنها تسعى لزيادة طاقتها الإنتاجية النفطية، وتحاول الاستفادة من احتياطياتها من الخام قبل أن ينتقل العالم إلى طاقة أنظف.

وعن الدوافع، قال مركز الإمارات للسياسات إن دولة الإمارات أعلنت بوضوح كامل عن رغبتها في تأمين حصة أكبر من سوق النفط المتقلص بعد عام 2050.

وباعتبارهما المنتجين الأقل تكلفة في العالم، فإن الرياض وأبوظبي في وضع أفضل من معظم الدول لمواصلة ضخ النفط وزيادة إنتاجه.

وعلى الرغم من أن استراتيجية الاستثمار الإماراتية طويلة الأجل لا تزال تنتقل إلى اقتصاد ما بعد النفط، إلا أنها ترغب في تسييل الأصول الخام في أسرع وقت ممكن، مع إعداد استراتيجيات استثمار بديلة وصديقة للبيئة في الوقت نفسه، ومن الواضح أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في مركز تلك الاستراتيجيات.

لقد كان الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، واضحاً في التنبيه، منذ وقت مبكر، إلى أن الاستثمارات في الوقود الأحفوري ضرورية لتفادي اضطرابات السوق.

وفي 14 مارس 2020 قال الوزير الإماراتي إن الاستثمارات في قدرات النفط والغاز ضرورية لتفادي حدوث اختلالات في العرض والطلب، مؤكداً أن التقلبات غير المسبوقة في أسواق الطاقة ترجع إلى نقص الاستثمارات في الوقود الأحفوري.

وفي سياق تأكيد هذا المسار الإماراتي، أفاد تقرير نشرته وكالة بلومبرج في التاسع عشر من سبتمبر الجاري، بأن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تسعى لأنْ تكون قادرة على إنتاج 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2025.

ولفتت الوكالة الأنظار إلى أن هذا أقرب من الهدف الذي كُشِفَ عنه سابقاً، وحدد العام 2030 موعداً لتحقيق ذلك. لقد كان ثمة تخطيط لتقديم الهدف إلى عام 2027، قبل اتخاذ التوجّه بشأن عام 2025.

وتتجه دولة الإمارات لبيع المزيد من النفط والغاز الطبيعي بينما تظل أسعار الوقود الأحفوري مرتفعة. فقد ارتفع سعر برميل النفط الخام إلى 120 دولاراً للبرميل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. في حين أنه انخفض منذ يونيو 2022 إلى نحو 90 دولاراً وسط مخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي العالمي، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من تكاليف الإنتاج في الإمارات.

وفي هذا الإطار،ا أوضحت "أدنوك" في بيان إلى وكالة بلومبرج، بأنه "بينما تتبنى الشركة تحول الطاقة وتدعم أعمالها في المستقبل، ستواصل استكشاف الفرص المحتملة التي يمكن أن تفتح المزيد من القيمة وتحرر رأس المال وتعزز العوائد".

وتشير الوكالة إلى أنه إذا نجحت الإمارات في الوصول إلى هدف 2025، فقد تحاول زيادة قدرتها إلى 6 ملايين برميل يومياً بحلول نهاية العقد.

وكانت شركة أدنوك قد كشفت في وقت سابق عن خطط لاستثمار 127 مليار دولار حتى عام 2026، للوصول إلى قدرة إنتاجية بواقع خمسة ملايين برميل يومياً.

بالتزامن مع إعلان شركة "أدنوك" السابق الذكر، أُعلِنَ خلال أسبوع المناخ في مدينة نيويورك عن تأسيس "مشروع مُسرّعات العمل لتفادي التغير المناخي لدولة الامارات العربية المتحدة"، وهو كيان مُستقل ومحايد للعمل المناخي سيجمع بين أعضاء من القطاعين العام والخاص، بما في ذلك المؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية لدفع التزام دولة الإمارات بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وفي إطار التحضير للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) التي تستضيفها دولة الإمارات عام 2023 في مدينة إكسبو دبي، سيُشكِّل مشروع مُسرِّعات العمل أول هيئة مستقلة من نوعها على مستوى العالم.

نحن، إذن، إزاء مسارين متكاملين، وليسا متعارضين؛ فالإمارات تعمل على زيادة طاقة إنتاج النفط بينما تحاول أيضاً تحييد انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، جزئياً من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية وأنواع الوقود الأنظف مثل الهيدروجين.

وتقول دولة الإمارات إن سهولة الوصول إلى احتياطياتها النفطية وتقنياتها مثل احتجاز الكربون ستجعل نفطها الخام من بين الأقل تلويثاً.

ومثل المملكة العربية السعودية، أوضحت الإمارات أن الطلب على النفط سيظل مرتفعاً لعقود من الزمان، وأن كبار المنتجين بحاجة إلى الاستثمار في التنقيب لتجنُّب نقص الإمدادات في المستقبل.

وتحاول السعودية زيادة طاقتها الخام إلى 13 مليون برميل يومياً من 12 مليوناً بحلول عام 2027.

وفي العشرين من سبتمبر الجاري انتقد رئيس شركة أرامكو السعودية، أمين الناصر، الخطط العالمية لتحوّل الطاقة التي وصفها بأنها "غير واقعية"، داعياً للتوصل إلى "توافق عالمي جديد"؛ يشمل ضخّ استثمارات كبيرة في الوقود الأحفوري لمواجهة النقص الكبير في الإمدادات.

وأعرب الناصر في كلمته أمام مؤتمر في سويسرا عن أسفه إزاء "سوء الفهم العميق" الذي تسبب في أزمة الطاقة الحالية، ذاهباً إلى أنّ "عامل الخوف" يعوق مشاريع النفط والغاز "المهمين" على المدى الطويل.

ويتضمن "توافق الطاقة العالمي الجديد" الذي اقترحه رئيس شركة أرامكو، إدراك صانعي السياسات بأن إمدادات الطاقة التقليدية لا تزال مطلوبة على المدى الطويل، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، وإنتاج "طاقة متجددة وطاقة منخفضة الكربون" تُكمِّل بشكل مطّرد المصادر التقليدية المعروفة.

التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بمساري زيادة إنتاج النفط والغاز مع التوجّه نحو الطاقة النظيفة وتنفيذ أجندة الحياد الكربوني ومواجهة تغير المناخ يتطلب استثمارات في هذين المسارين، وعليه، فإن هناك توقعات بأننا "سنرى -ونشهد- المزيد من مشاريع البنية التحتية للنفط والغاز المصممة لزيادة القدرات الإنتاجية (وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الخدمات الهندسية عالية المهارات)".

وقد عُزِّزَت استراتيجية أدنوك لزيادة إنتاج النفط في فبراير 2022، عندما منحت اتفاقيات إطارية للعديد من الشركات لحفر آلاف الآبار الجديدة".

وفي هذا الإطار يُمكن فهم تأكيد الإمارات بأن استراتيجيتها المقبلة، الهادفة إلى تصفير بصمتها الكربونية مع العام 2050، وتحقيق أقصى استفادة من احتياطياتها قبل أن يتراجع الطلب العالمي على النفط والغاز خلال العقود المقبلة، تقوم على الاستثمار في النفط منخفض التكلفة ومنخفض الكثافة الكربونية، بالإضافة إلى موارد الغاز في الدولة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بما يتفق مع خططها للخمسين عاماً المقبلة.