جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

يوتيوب الجيل .. عاشق الأطياف

علا السنجري
علا السنجري -

رجل عاش حياته منذ الطفولة ، عاشقا السينما يعشق ، ومشاهدة الأفلام التي يتذكر تفاصيل كل عمل منها حتى اللحظات الأخيرة في حياته ، في السينما لم تكن له مجرد وسيلة عمل أو مهمة ، بل هي أساس حياة تمده بالروح ، و تجري في دمه .

اعتاد الكثيرون من أجيال الثمانينيات على متابعة برامجه التي شكلت وجدانهم وفتحت مداركهم، والتي وصفت من قبل السينمائيين أنها كالنافذة التي نشرت الثقافة السينمائية، ترك الكثير من الثقافة السينمائية حتى لأصحاب الثقافة البسيطة والذين تفاعلوا مع برامجه التي قدمها بالتليفزيون ، وكان سببًا في دخول الكثير معهد السينما .

من مواليد ٥ سبتمبر ١٩٤٢ في حي غمره في القاهرة، التفوق عنوانه عندما حصل على المركز الخامس على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة ، التحق بكلية السياسة والاقتصاد ، وبعد التخرج التحق بالعمل في وزارة الإرشاد القومي حينها "الإعلام" في قطاع الاستعلامات ١٩٦٧ لكنه لم يحب العمل بها ، حصل على دبلومة من معهد التليفزيون ليدخل المبنى الشهير "ماسبيرو" من باب قطاع الأخبار والذي تدرج في مناصبه حتى وصل إلى رئيس تحرير. عمله في الأخبار لم يجعله ينسى عشقه الأساسي لـ"السينما" ، كان يكتب مقالات سينمائية بعدد من المجلات الصحفية، إلى جانب مشاركته في نادي القاهرة للسينما الذي كان يعرض فيلمًا للجمهور ويفتح نقاشًا معهم ، ومن هنا جاءته فكرة ليعد برنامج "نادي السينما" ، هذا البرنامج يعتبر مؤسس حب السينما العالمية لكثير من الناس ، استكمل رحلة النجاح برنامج "أوسكار" ١٩٨٠ ، والذي كان يمزج فيه بين التجربة السينمائية والتاريخية والاجتماعية ، أسند إليه إعداد وتقديم برنامج آخر عن السينما المصرية بعنوان "نجوم وأفلام" والذي سجل منه العديد من اللقاءات مع العديد من رموز السينما المصرية.

اعتاد الكثيرون من أجيال الثمانينيات على متابعة برامجه التي شكلت وجدانهم وفتحت مداركهم، والتي وصفت من قبل السينمائيين أنها كالنافذة التي نشرت الثقافة السينمائية، قالت عنه الفنان إسعاد يونس، في إحدى حلقات برنامجها «صاحبة السعادة»، أنه النجم المُلقب بـ"يوتيوب جيلهم"، لما كان يقدمه ويعرضه من برامج في ظل التطور التكنولوجي البسيط حينها .

رغم عدم وجود أقمار صناعية حينها للتواصل وعمل المداخلات، إلا أن ذلك لم يجعله يقف عاجزا ، قدم وأعد برنامج «ستار»، الذي اعتمدت فكرته على الجمع بين فنانين اجانب ومصريين، من خلال تسجيل حلقة مدتها ساعة مع فنانين مصريين مختلفين من حلقة لأخرى، يقومون بدورهم بسؤال الفنان سواء كان متألقا في عالم التمثيل أو الإخراج وغيره من السينما الأجنبية، يليه تسجيل مماثل مع الفنان الأجنبي للرد على تلك الأسئلة، وذلك بالاتفاق والترتيب مع المركز الثقافي الأمريكي.

وعقب تسجيل الحلقتين، ووصول الشريط الذي يحمل أجوبة النجم الأجنبي، كان رزق الله يقوم بالتعديل والدمج عن طريق المونتاج وإضافة الترجمة، حتى تتكون حلقة مدتها ساعة، تعرض على القناة الثانية المصرية، يليها إذاعة فيلم لضيف البرنامج.

قدم العديد من البرامج في حب السينما منها : "تيلي سينما" ١٩٨١ - ١٩٩٥، "سينما فى سينما" ١٩٩٤ - ٢٠٠٤، "الفانوس السحرى على قناة نايل لايف" ٢٠٠٤ - ٢٠٠٨، "سينما رزق الله على قناة نايل لايف" ٢٠٠٨- ٢٠١٠ . أول من وضع اسم مصر في الكثير من المهرجانات العالمية الكبرى مثل كان وبرلين ، كان يخص التليفزيون المصري برسائله منها ، إلى جانب بخلاف لقاءات محورية مع نجوم ، والحديث عن أعمالهم ، ليكون واجهة مشرفة لمصر في العالم ، يوضح مدى اهتمام مصر ومتابعتها غير المحدودة للسينما وتطلعها للتواصل مع المبدعين في الصناعة بالخارج.

تم تكريمه خلال دورة مهرجان القاهرة السينمائي الأربعين الأخيرة في نوفمبر الماضي ، مما دفع الحضور في ليلة الافتتاح للانحناء والتقدير للناقد فور صعوده على المسرح لاستلام جائزته لم يكن مديرا فنيًّا عاديًا لمهرجان القاهرة السينمائي بل كان يتابع كل صغيرة وكبيرة ويلتزم المكوث في العمل بمكتب المهرجان ومشاهدة مئات الآفلام بصورة متواصلة تحديدًا خلال الست أشهر الأخيرة قبل انطلاق دورة المهرجان الجديدة في كل عام، وما أن يبدأ الحدث يصبح في طاقة وقوة شابًا صغيرًا يبدأ عمله من الصباح الباكر متواجدًا في فعاليات المهرجان يتابع عرض الأفلام وندوات المكرمين ويحاول حل المشكلات الفنية التي كانت تنتج في دورات سابقة ولا يتسنى في الرد والاستفسار عن أي أزمة بل أن الراحة وعدم إخفاء المعلومة كانت عنوانًا رئيسيًّا.

يوسف شريف رزق الله يظل اسمه رمزًا وأيقونة للفن والسينما المصري بشقيها العالمي والمصري ، تعتبر برامجه ومقالاته علامة فارقة لأجيال رحلت وآخرى مستمرة وقادمة .