جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

اليوم ذكرى وفاة مؤسس المملكة السعودية الملك عبد العزيز آل سعود

الديار- أسماء جاد الحق -

تحل اليوم ذكرى وفاة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة وأول ملوكها، والحاكم الرابع عشر من أسرة آل سعود.

ولد عبد العزيز بن عبد الرحمن عام1876م، في مدينة الرياض في منطقة نجد في وسط الجزيرة العربية في السابعة من عمره عهد به والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل إلى القاضي عبد الله الخرجي لتعليمه القرآن الكريم.

وفي العاشرة من عمره تلقى تحصيله في الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وكان والده الإمام عبد الرحمن حريصاً على تعليمه ركوب الخيل والفروسية بكل معانيها فتم له ذلك في وقت مبكر، كان عبد العزيز يتمتع منذ صباه بذكاء مفرط وكانت تلك الفترة المفعمة بالأحداث السياسية المؤسفة، وقد تحالفت فيها الشدائد ضد أسرة آل سعود، كما كان عبد العزيز يرى عمومته يتنازعون السلطة فيما بينهم.

بعد تغلب محمد بن عبد الله الرشيد على آل سعود، واستيلائه على الرياض عام 1891م، اتجه الإمام عبد الرحمن الفيصل بأسرته إلى البادية، يلتمس مأوى ينأى به وبمن معه، عن يد محمد بن عبد الله الرشيد ولما صار في عرض الصحراء، استشعر من القبائل الضاربة في المناطق القريبة من الرياض، ذعرها من بن رشيد وتخوفها من بطشه، إن هي آوت كبير آل سعود فانطلق بمن معه موغلاً في منازل آل مرة والعجمان، بين يبرين والأحساء وبينما كان في انتظار الرد من الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين للسماح له بترك أسرته لديه مكث في صحراء شرق الجزيرة العربية يترقب الأحداث حين أتته الموافقة على الإقامة حيثما يشاء في المناطق الخاضعة للنفوذ العثماني بناء على شفاعة حافظ باشا المتصرف العثماني للأحساء، ولكن استقر رأيه على الإقامة في الكويت بعد أن رفُض طلبه الأول، تم قُبول طلبه الثاني من الدولة العثمانية وأذنت له بالإقامة في الكويت، وحددت له مساعدة شهرية أثناء إقامته وقد كان اختيار الإمام عبد الرحمن الفيصل للكويت كونها المكان الأنسب لمراقبة الأحداث والتطورات السياسية في نجد والمناطق المجاورة لها، وكانت الكويت في تلك الفترة تحت إمارة محمد الصباح.

خلال إقامة الإمام عبد الرحمن وابنه عبد العزيز بالكويت، وبعد تولي مبارك الصباح الحكم بعد أخيه محمد الصباح، كانا يراقبان الأحداث من حولهما. وأعينهما على نجد، وما يدور فيها، بل كانا يستطلعان الأخبار من القادمين منها، وكان عبد العزيز متوثباً ومستعداً لأمر جلل، كان يود أن يخوض غمار ذلك الصراع، ومما زاد الجذوة اشتعالاً في نفسه وفؤاده، أنه وصلت للإمام عبد الرحمن مكاتبات من اتباعه في نجد يحثونه على القدوم إليهم. كان الإمام عبد الرحمن قد أقام عند وصوله إلى الكويت فيما يعرف ببيت العامر؛ فمكث فيه مدة إقامته في الكويت.

في عام 1900م وعندما بلغ عبد العزيز 25 سنة، طلب عبد العزيز من والده، الإمام عبد الرحمن، السماح له باستعادة حكم أسرته آل سعود، إلا أن والده لم يسمح له بذلك، خوفاً عليه من عدوّه ابن رشيد الذي يفوقه في العدد والعدة لكن عبد العزيز نجح في إقناع والده، فقام بصحبة ستين رجلاً لاستعادة الرياض في عام 1901م، كان من ضمنهم عشرة رجال من أسرة آل سعود، وهم: أخوه محمد بن عبد الرحمن وعبد الله وعبد العزيز وفهد أبناء جلوي بن تركي آل سعود، وعبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود وعبد العزيز بن عبد الله بن تركي آل سعود، وعبد الله بن سعود بن عبد الله آل سعود ،وفهد بن إبراهيم بن مشاري آل سعود، وناصر بن سعود بن فرحان آل سعود وسعود بن ناصر بن سعود بن فرحان آل سعود.

وبعد سيطرت عبد العزيز على الرياض، أرسل إلى والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل يبشّره بالنصر ويطلب منه العودة بعد أن استتب الأمن في الرياض وما حولها، فأقبل الإمام بمن معه من الرجال واستقبله عبد العزيز، فدخل الرياض بعد غياب إحدى عشر سنة. وبعد عودة الإمام عبد الرحمن حاول عبد العزيز التخلي عن الحكم لوالده، لكن الإمام عبد الرحمن رفض. وتمت البيعة لعبد العزيز في اجتماع عام عقد بالرياض بعد صلاة الجمعة عام1902 حضره العلماء والوجهاء، ثم أعلن الإمام عبد الرحمن بن فيصل تنازله الكامل عن حقوقه في الملك لابنه عبد العزيز، وأهدى إليه سيف الإمام سعود الكبير الذي نصله دمشقي، وقبضته محلاة بالذهب وجرابه مطعّم بالفضة.

ثم ضم الملك عبد العزيز بعد تحصين الرياض بقيت أقاليم نجد.

كانت منطقة الأحساء، تعتبر غنية بمواردها الزراعية والحيوانية وموانئها التجارية، وذات أهمية لمنطقة نجد. وكان ذلك واضحاً من خلال مد نفوذ الدولة السعودية الأولى والثانية عليها. حيث كانت الأحساء جزءاً منهما.

حتى سيطرت عليها الدولة العثمانية عام 1871 وانتزعتها من الدولة السعودية الثانية، زمن الإمام عبد الله بن فيصل وبعد سيطرة عبد العزيز بن سعود على القصيم، وتثبيت حكمه في نجد، تحول اهتمامه إلى الأحساء، منتهزاً فرصة انشغال الدولة العثمانية بحرب البلقان، وضعفها بعد هزيمتها أمام إيطاليا، في طرابلس الغرب.

لم يمض سوى شهر على تأسيس السعودية، حتى بادر الاتحاد السوفيتي بالاعتراف بالسعودية كدولة مستقلة، وهي أول دولة في العالم تعترف بالدولة السعودية الناشئة على يد عبد العزيز آل سعود، وكان ذالك في 19 فبراير 1926، ودخلت أول حمولة نفط نقلت إلى السعودية قادمة من الاتحاد السوفياتي. ثم قام الأمير فيصل بن عبد العزيز، بزيارة إلى روسيا في عام 1932، وحظيت الزيارة باهتمام كبير من قبل القيادات السياسية في روسيا وفتحت الزيارة صفحة في تنامي العلاقات بين الدولتين في مختلف المجالات. وكانت السعودية أول دولة عربية أقامت موسكو معها العلاقات الدبلوماسية.

في عام 1942 عيّنت أمريكا قائماً بالأعمال في جدة بعد أن كانت مفوضيتها في القاهرة هي المسؤولة عن العلاقات تسارعت الاتصالات الرسمية واستقبل الملك عبد العزيز عدداً من المبعوثين الأمريكيين، وبدأت السعودية تحتل أهمية إستراتيجية في السياسة الخارجية الأمريكية، ووجّه الرئيس روزفلت الدعوة إلى الملك عبد العزيز لزيارة الولايات المتحدة، فاعتذر وأوفد ابنيه الأميرين فيصل وخالد اللذين وصلا إلى أمريكا في سبتمبر 1943، ودعاهم الرئيس الأمريكي إلى مأدبة في البيت الأبيض تكريماً للأميرين حضرها نائب الرئيس هنري ويليس، ووزير الخارجية كورديل هل، وكبار أركان الإدارة وأعضاء الكونغرس ثم في عام 1944 عيّنت الولايات المتحدة ويليام إدي على رأس مفوضيتها في جدة.

كان أول لقاء تاريخي جمع بين الملك عبد العزيز آل سعود والملك فاروق ملك مصر، في عام 1945، ليكون حجر الأساس لعلاقة قوية وإستراتيجية بين السعودية ومصر. وفي عام 1945 وافق الملك عبد العزيز على «بروتوكول الإسكندرية»، وأعلن انضمام السعودية للجامعة العربية.

في يوم عيد الأضحى من عام 15 مارس 1935، باشر الملك عبد العزيز الطواف مع الطائفين في المسجد الحرام ومعه ابنه الأمير سعود وبعض الحرس الشخصي. وعند بدايته في طواف الشوط الخامس وحينما أراد أن يستلم الحجر الأسود، انطلق رجل من مكان بقرب حجر إسماعيل نحو الملك عبد العزيز وكان في يده خنجر يريد قتله، فقام الأمير سعود بحماية والده وأمسك بصاحب الخنجر وأبعده عنه وحينها قام أحد الحراس بقتله. وبعدها مباشرة هجم رجل آخر محاولاً قتل الملك عبد العزيز ولكن طعنته أصابت كتف الأمير سعود الأيسر، بينما كان يحمي ظهر والده، وقام أحد الحرس بقتل المعتدي كذالك، ثم انطلق رجل ثالث من ناحية الركن اليماني ولما رأى صاحبيه قد تم قتلهما حاول الهرب، فتم إطلاق النار عليه وإصابته والقبض عليه. وكان الحجاج الثلاثة قد قدموا من اليمن، رغم ذالك أستمرت العلاقة الودية بين الملك عبد العزيز والإمام يحيى حميد الدين في اليمن.

أجرت مجلة «لايف» LIFE الأمريكية لقاء تاريخيًا مع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن تحت عنوان: ابن سعود «ملك السعودية» ملك صنع مملكة. وتصدرت صورة الملك عبد العزيز جالساً على كرسي، غلاف المجلة لعددها الصادر في 31 مايو 1943، مبرزة أهمية تلك الشخصية السياسية. ووصفت المجلة الملك عبد العزيز بأنه أحد أقوى الرجال في عصره وقام بعمل عظيم لا مثيل له في تلك المرحلة الحرجة، فيما يعد التقرير أول لقاء رسمي لصحيفة غربية مع جلالة الملك عبد العزيز في الرياض، كما تعد المجلة مرجعاً تاريخياً مهما تناولت الكثير من الجوانب الخاصة بالمملكة. ورصدت المجلة صوراً ضوئية من الحياة اليومية والأماكن التاريخية والأثرية، إلى جانب توثيق طريق الرحلة من جدة إلى الرياض مروراً بمحطات التوقف بين المدينتين، وضمت المجلة رؤية ومشاهدات مهمة لسني نهضة السعودية.

توفي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في قصره في محافظة الطائف المدينة التابعة لمنطقة مكة المكرمة في صباح يوم ٩فبراير عام 1953 بنوبة قلبية بعد معاناته من مرض تصلب الشرايين، وتمت الصلاة عليه في الحوية ثم تم نقل جثمانه من الطائف إلي الرياض، حيث دفن في مقبرة العود.