جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: فِي بُيُوتِ اللَّه

-

إن للمساجد دورًا عظيمًا في الإسلام ، إنها بيوتُ الله تعالى وهي أشرف البقاع على وجه الأرض .

حيث يُذكَر فيها اسم الله جل وعلا ليلَ نهارَ وصباح مساء ، ويحضرها رجال لا يغفُلون عن طاعته سبحانه وتعالى .

قال تعالى:﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾

سورة النور

والوصول إلى المساجد والحضور إليها أمر عظيم يوجب للإنسان المغفرة .

فإن مَن يذهب المسجد لأداء الصلوات لا بد لنا أن نشهد له بالإيمان .

لأنه قال سبحانه وتعالى :

﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾

سورة التوبة

والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال :

بشِّرِ المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة .

فالمساجد هي أحب البقاع إلى الله وهي بيوته التي يُعبَد فيها ويُوحَّد .

فقد قال تعالى :

﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾

سورة النور

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

أَحَبُّ البِلادِ إِلى اللهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ البِلادِ إِلى اللهِ أَسْوَاقُهَا .

بل إن المسلم إذا خرج مِن بيته إلى المسجد فقد ضمِن الله له رزقه إن عاش ، وضمن له الجنة إن مات .

قال صلى الله عليه وسلم :

ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ علَى اللهِ عزَّ وجلَّ :

ومنها ورجلٌ راحَ إلى المسجدِ ، فهو ضامنٌ علَى اللهِ حتَّى يتوفَّاه فيدخلَهُ الجنَّةَ أو يردَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةٍ .

والمسلم إذا توضَّأ ثم خرج إلى المسجد كان ثوابه كأجر مَن ذهب ليؤدي عُمرة .

قال صلى الله عليه وسلم :

مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ المُحرِمِ .

وَمَن خَرَجَ إلى تَسبِيحِ الضُّحَى لا يُنْصِبُهُ إِلا إِيَّاهُ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المُعْتَمِرِ

وَصَلاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلاةٍ لا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ .

وعن أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

مَن تطهَّر في بيته ثم مشَى إلى بيت من بيوت الله ليقضيَ فريضة من فرائض الله ، كانت خُطوتاه إحداهما تحطُّ خطيئة والأخرى ترفع درجة .

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :

مَن غدا إلى المسجد أو راح ، أعدَّ الله له في الجنة نُزُلًا كلما غدا أو راح .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

ألا أَدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟

قالوا : بلى يا رسول الله .

قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط .

وتزداد قيمة المسجد إذا جاء يوم الجمعة لأنه سيد الأيام :

فعن أبي هريرة قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

مَن توضَّأ فأحسَنَ الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت ، غُفِر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام .

والمسجد منزل الأتقياء فقد قال صلى الله عليه وسلم :

المسجد بيت كلِّ تقيٍّ .

بل انظر إلى استغفار الملائكة للمسلم ما دام ينتظر الصلاة في مُصلَّاه .

فقد قال صلى الله عليه وسلم :

إنَّ الملائكةَ تُصلِّي على أحدِكم ما دام في مجلسِهِ تقولُ :

اللهمَّ اغفِرْ له ، اللهم ارحَمْه ، ما لم يُحدِثْ وأحدُكم في صلاةٍ ما كانتِ الصلاةُ تحبِسه .

وانظر إلى قيمة من يقوم بتنظيف المسجد :

فعن أبي هريرة رضي الله عنه :

أنَّ امرأةً سوداءَ كانت تَقُمُّ المسجدَ ففقدها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسأل عنها فقالوا ماتت .

قال : أَفَلا كنتُم آذَنْتُموني ؟

قال : فكأنهم صَغَّروا أمرَها .

فقال : دُلُّوني على قبرِها فدَلُّوه ، فصلَّى عليها ثم قال :

إنَّ هذه القبورَ مملوءةٌ ظُلمةً على أهلِها وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُنوِّرُها لهم بصلاتي عليهم .

ولهذا نجد أن المسجدِ بيتٌ مِن بيوت الله فالمسجد ليس ملكَ أحدٍ ؛ لأن الذي بنَى المسجد سيأتي عليه يوم ويموت .

قال تعالى :

﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

سورة الأعراف

قال عثمان بن عفان :

سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

مَن بنى مسجدًا يبتَغي به وجهَ اللهِ بنى اللهُ له مِثلَه في الجنةِ .

فمن بنى مسجدًا لله فقد أخذ المقابل وهو :

بنَى الله له مثلَه في الجنة .

وما دام قد أخذ المقابل ، فقد أصبح المسجد ملكًا لله وحدَه .

ولذلك قال تعالى :

﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾

سورة الجن

ويجب على التئام تنزيه المسجد من رفع الصوت ، والمشاحنات وإنشاد الضالة والغوغاء والضجيج فهذا كلُّه مما ينبغي ألا يكون في المساجد .

#عَلَى المُسلِم أن يحرصَ عَلَى عِمارة المسجد وذلك بالمُحافظةِ عَلَى الصَّلوات الخمس والحِرصِ عَلَى أداء النَّوافلِ والْمُستحبَّات وقراءة القُرْآن والاعتكاف واللبْث فيه

فقد جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث السَّبْعة الذِين يُظلُّهم اللهُ فِي ظِلِّه يوم لا ظلَّ إِلَّا ظِلُّه وذكر مِنهُم :

وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلقٌ بِالمَسَاجِدِ .

وعلى المسلم توقيرُ بيت الله واحترامُهُ وتبجيلُه .

#ولا بدَّ مِن تعظيم المسجد :

فمَن يستخفَّ بالمسجد أو يلعَنِ المسجد فقد عرَّض نفسه لغضب الله لأن الله تعالى يقول :

﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

سورة الحج

إن المساجد خيرُ الأماكن لتربية المسلمين فإنها تُلقي على الحضور درس الأخوّة والمساواة يحضر فيها المسلمون ويجتمعون في مكان واحد ويقومون في صف واحد .

ويصلُّون خلف إمام واحد ؛ فلا فرق بين العبد والسيد والملِك والخادم والغني والفقير والشيخ العالم والرجل العادي ، كلهم سواء أمام الله جل وعلا .

لا يفضل أحدٌ منهم على الآخر إلا بالتقوى .

فالمساجدَ تعلم الناس أن يعيشوا سويًّا متكاتفين ومتضامنين، ولا يعتدي أحد على الآخر بحسَبه ونسبه، أو بمنصبه أو شغله أو وظيفته.

والمسجد مبعث النور في ومصدر الحياة فإنه يؤهل المسلمين للحياة النافعة الكريمة، ويحثهم على التقوى والتطهير ويطالبهم ألا يدخلوه إلا بطهارة أبدانهم وقلوبهم .

كما قال تعالى :

﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾

سورة التوبة

والوصول إلى المساجد والحضور إليها أمر عظيم يوجب للإنسان المغفرة؛ فإن مَن يرتاد المساجد لأداء الصلوات لا بد لنا أن نشهد له بالإيمان لأنه قال سبحانه وتعالى :

﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾

سورة التوبة

ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال :

بشِّرِ المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله :

أعظَمُ الناسِ أجرًا في الصلاة أبعَدُهم إليها مَمْشًى فأبعَدُهم .

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

سورة المؤمنون

والمسجِد في حياةِ المسلمين له مكانةٌ عظيمة وله تاريخُه العريق وله دَوْره الرائِد ويجهل كثيرٌ مِن المسلمين تاريخَ مسجدهم ودَوْرَ مسجدهم .

ويكفي أن تعلمَ أنَّه عندما وصَل النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة مهاجرًا من مكَّةَ كان أوَّلعمل قام بتنفيذه أنْ وضَع حجر الأساس لبناء ذلك المسجد لتنطلق منه الدعوةُ الإسلامية .

بنى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مسجدَه ليكون روضةً مِن رياض الجنة .

وعلينا أن نتذكر كما قال تعالى :

﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾

سورة الجن

أي إنَّ المساجد لعبادة الله وحْدَه فلا تعبدوا فيها غيرَه وأخلِصوا له الدعاء والعبادة فيها فإنَّ المساجد لم تُبْنَ إلا ليُعبَدَ اللهُ وحْدَه فيها .

والمساجِد بيوتُ الله وعُمَّار المساجد ورُوَّادها هم أولياءُ الله عزَّ وجلَّ وأحبابه مِن خلْقه ، شهِد الله لهم بالإيمان .

فقال سبحانه :

﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾

سورة التوبة

ويجِبُ أن نعمل جميعًا على طهارةِ المسجد ونظافتِه وتطييبه فهذا شرفٌ عظيم لمَن يقومُ به .

﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ... ﴾

سورة الحج

اللهم اجعَلْنا مِن أهل المساجِد وروَّادها وحبِّب إلينا البقاءَ بها لنكون من أهل الله الصالحين .