ماذا لو صادف عيد الأضحى يوم الجمعة؟

أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن من يجمع بين صلاتي العيد والجمعة في يوم واحد لا يُعفى من أداء الجمعة، معتبرًا أن المسألة أسيء فهمها في كثير من الأحيان.
وأشار كريمة إلى أن المذاهب الفقهية تختلف في هذه المسألة؛ فالحنفية والمالكية يرون أنه لا يجوز التخلف عن الجمعة لمن صلى العيد، مستشهدًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من سكان الحضر كانوا يؤدون الصلاتين معًا، رغم تخفيفه عن أهل البادية ممن يتكبدون عناء السفر.
وأضاف في تصريحات سابقةله أن الحديث النبوي الذي يجيز لمن صلى العيد أن يترك الجمعة كان خطابًا موجهًا خصيصًا للبدو الذين يسكنون أماكن بعيدة، ولم يكن المقصود به أهل المدن، ولهذا فإن على المسلم المقيم في الحضر أن يصلي العيد ثم يعود لصلاة الجمعة إذا تزامنا في يوم واحد.
كما أورد كريمة ما ذكره فقهاء المالكية والحنابلة من اختلاف في الرأي، موضحًا أن الحنابلة أجازوا ترك الجمعة لمن شهد العيد بشرط أن يصلي الظهر بدلًا منها، معتبرين سقوط الجمعة هنا سقوط حضور وليس سقوط وجوب، أي أن الجمعة لا تسقط عن الإمام أو من لا عذر له.
وأوضح أن هذا التخريج الفقهي مبني على أحاديث صحيحة وأخرى فيها خلاف، مثل الحديث الذي رواه أبو داود عن اجتماع العيدين، والذي صحح بعض العلماء إرساله، بينما دعّمه ابن حجر بشواهد أخرى تقويه.
وتابع كريمة مشيرًا إلى رأي الإمام أحمد بن حنبل الذي قال إن من قدّم الجمعة في وقت العيد أجزأه ذلك، بشرط أن يصلي في وقت العيد ويكتفي بها عن الظهر أيضًا.
في المقابل، سمح الشافعية لأهل القرى البعيدة الذين حضروا صلاة العيد ولم يمكنهم الرجوع لصلاة الجمعة بالتغيب عنها، بشرط ألا يتأخروا حتى دخول وقت الجمعة.
وفي ختام حديثه، شدد الدكتور كريمة على أن هذه المسألة كانت مناسبة لزمن النبي صلى الله عليه وسلم، حينما كان بعض الصحابة يأتون من أماكن نائية.
أما في وقتنا الحالي، فالوضع مختلف تمامًا: المدن مكتظة بالمساجد، والطرق ممهدة، ووسائل النقل متاحة، وبالتالي فلا مبرر للتخلف عن الجمعة بدعوى مشقة التنقل.
وأكد كريمة على أن الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان، وأنه لا ينبغي الجمود على ظاهر النصوص دون مراعاة مقاصد الشريعة وظروف العصر، داعيًا من يتمسكون بالحرفيات أن ينظروا للأحكام بروح الشريعة لا بمجرد ظاهرها.