الذهب يتراجع.. هل اقتربت نهاية الحرب؟!

بينما يترقب العالم أخبار الحرب، لا تتحرك الجيوش وحدها على الأرض، بل تتحرك الأسواق أيضاً، ويبدو أن الذهب – هذا المعدن الذي يلجأ إليه العالم وقت الخوف – بدأ يتراجع اليوم مع تصاعد الآمال بانفراجة محتملة في الحرب الروسية الأوكرانية.
ففي تعاملات صباح اليوم الثلاثاء، سجل الذهب انخفاضًا بنسبة 0.4% في المعاملات الفورية ليصل إلى 3215.31 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 03:00 بتوقيت غرينتش، في حين تراجعت العقود الآجلة بنسبة 0.5% لتُسجل 3218.40 دولارًا.
هذا التراجع، الذي قد يراه البعض طفيفًا، يحمل في طياته مؤشرات كبيرة على تحولات محتملة في المشهد الجيوسياسي والاقتصادي العالمي، إذ تزامن مع تعافٍ طفيف في أداء الدولار الأمريكي، الذي جعل الذهب أقل جاذبية للمستثمرين من حائزي العملات الأخرى.
الذهب ينزل.. والدولار يتنفس
المحلل المالي كايل رودا من شركة "كابيتال دوت كوم" علّق على هذا التحرك قائلاً:
"نشهد تلاشي رد الفعل المبالغ فيه على تخفيض التصنيف الائتماني لديون أمريكا السيادية. وهناك بالتأكيد أمل بالتوصل إلى هدنة بين أوكرانيا وروسيا."
وأضاف رودا:
"نشهد ظهور مشترين عند انخفاض الأسعار عن مستوى 3200 دولار، لكن لا يزال هناك احتمال لتراجع أكبر، خاصة إذا استمرت المخاطر الجيوسياسية في الانحسار."
ترامب يدخل على الخط
في تطور لافت، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب – الذي لا يزال يتمتع بتأثير كبير على السياسة الأمريكية – أنه أجرى اتصالًا مباشرًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن الطرفين وافقا على بدء مفاوضات فورية لبحث وقف إطلاق النار.
الخبر الذي أشعل منصات التحليل السياسي لم يمر مرور الكرام على الأسواق، فقد تلقفته كإشارة على إمكانية نزع فتيل الصراع، ولو جزئيًا، في واحدة من أخطر بؤر التوتر العالمي في السنوات الأخيرة.
ماذا يعني هذا للمستثمرين؟
يُعرف الذهب بأنه "ملاذ آمن" في أوقات الأزمات، لكن مع كل نسمة أمل في استقرار سياسي، يعيد المستثمرون النظر في وجهتهم. فهدوء البنادق يعني بالضرورة تراجع الإقبال على الذهب، وعودة الانتباه إلى أسواق أخرى أكثر مخاطرة وربحًا.
من جهته، لا يزال البنك المركزي الأمريكي يتعامل بحذر مع تداعيات تخفيض التصنيف الائتماني وواقع الأسواق المضطرب، في ظل اقتصاد يترنح بين تباطؤ محتمل ومخاوف تضخم.
المواطن المصرى يتساءل: "هل أخيرًا الذهب هينزل؟"
في الشارع المصري، لا يُنظر للذهب باعتباره مجرد استثمار أو وسيلة تحوّط، بل يُعتبر "أمان اجتماعي" للمقبلين على الزواج، ومدخرات العمر لكثير من الأسر، وملاذًا تقليديًا أمام تقلبات الجنيه.
يقول الحاج إبراهيم، صاحب محل ذهب بمنطقة الحسين:
"الناس على أعصابها... كل ما يسمعوا إن الذهب نزل برّه، بيجروا يسألوا عن الأسعار هنا.... بس إحنا متعودين، مش كل نزول عالمي بيترجم فورًا في السوق المحلي."
ماذا عن الاقتصاد المصري؟
من الناحية الاقتصادية، قد يكون تراجع أسعار الذهب عالميًا فرصة لمصر من زاويتين:
تقليل الضغوط على الاحتياطي النقدي: انخفاض أسعار الذهب يقلل من قيمة فاتورة استيراد الذهب الخام، ما يخفف الضغط على الدولار في السوق المحلية.
تهدئة سوق المضاربات: انخفاض أسعار الذهب عالميًا قد يحد من شهية المضاربين الذين تسببوا سابقًا في ارتفاعات غير مبررة داخل السوق المصري، مما قد يؤدي إلى استقرار تدريجي في الأسعار.
لكن رغم هذه الإيجابيات المحتملة، تبقى الأمور مرهونة بحجم الهبوط واستمراره، وكذلك بسعر صرف الدولار محليًا، وهو العامل الأهم في تحديد أسعار الذهب بمصر.
تأثير محدود.. ولكن ملموس
المحللون يرون أن أي انخفاض في السعر العالمي لن يُترجم فورًا إلى انخفاض كبير في السوق المصرية، بسبب عوامل محلية مثل الضرائب، المصنعية، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار.
تحذير للمواطن: لا تندفع في الشراء أو البيع
يُحذر الخبراء المواطن المصرى من الاندفاع وراء الأخبار العالمية في اتخاذ قرارات البيع أو الشراء، خاصة في ظل تقلبات الأسواق.
يقول الخبير الاقتصادي د. كريم حسن:
"من الأفضل للمواطن العادي أن يتعامل مع الذهب كادخار طويل الأجل، لا كوسيلة للربح السريع. الأسواق قد تنقلب خلال يوم واحد."ال
نهاية القول.........
الذهب العالمي انخفض... ولكن المواطن المصري لم يشعر حتى الآن بانخفاض يُذكر في السوق المحلي.
فهل سنشهد قريبًا تحولًا حقيقيًا؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
كما يبقى السؤال حاضرًا على لسان كل بيت مصري:"هل ينزل الذهب بكرة؟!"