جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

حرب إلكترونية خفية تستهدف مصر: وزارة الداخلية في المواجهة

ارشفيه
الديار - عبد السلام شعيب -

في ظل تصاعد وتيرة الشائعات والأكاذيب التي تُبث عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف ضرب استقرار الدولة المصرية وزعزعة الثقة في مؤسساتها، تبرز وزارة الداخلية كخط الدفاع الأول في مواجهة هذه الحملات الممنهجة، لا سيما تلك التي تقودها جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها الإعلامية في الخارج. ومع تطور أساليب الفبركة الرقمية وتنامي منصات البث غير الرسمية، تتعاظم التحديات الأمنية في الفضاء الإلكتروني، ويزداد معها دور الدولة وأجهزتها في ضبط المشهد المعلوماتي وحماية الأمن القومي.


تسعى جماعة الإخوان، المدعومة من قوى خارجية معادية لمصر، إلى بث الفوضى النفسية والاجتماعية داخل المجتمع المصري، عبر الترويج لمقاطع فيديو مفبركة ومعلومات مغلوطة، تستهدف مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية. وتتمثل أخطر هذه الوسائل في إعادة نشر فيديوهات مجتزأة أو قديمة، أو مفبركة تقنيًا، مع تعليقات تحريضية بغرض إشعال الرأي العام وبث مشاعر الغضب والإحباط.

ومن بين أحدث هذه الشائعات، تداول مقطع فيديو يزعم احتجاز ضابط شرطة داخل أحد الأقسام بسبب خلافات داخلية، وهو ما نفته وزارة الداخلية جملة وتفصيلًا.


كذلك، حاولت بعض الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان تشويه صورة مراكز الإصلاح والتأهيل، عبر بث فيديوهات كاذبة عن "سوء المعاملة"، وهي روايات دحضتها الوزارة بالأدلة، حيث أظهرت جولات حقوقية وإعلامية مستقلة مدى التزام هذه المراكز بالمعايير الدولية في التعامل مع النزلاء، وتوفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهم.


تتبع وزارة الداخلية سياسة استباقية في التعامل مع هذه الهجمات الإعلامية، حيث يتم رصد وتتبع المحتوى المضلل على مدار الساعة من قبل قطاع الإعلام والعلاقات، وقطاع الأمن الوطني، وفرق متخصصة في الأمن السيبراني. ويتم إصدار بيانات رسمية فور التحقق من زيف المحتوى المنتشر، مصحوبة بالأدلة والشهادات الموثقة لدحض المزاعم.

كما تنفذ الوزارة حملات توعية موسعة تستهدف المواطنين، لشرح أساليب التضليل الإلكتروني وطرق التحقق من صحة المعلومات، بالتوازي مع رفع مستوى التنسيق مع الجهات الإعلامية الوطنية للتصدي للأكاذيب قبل انتشارها.


لا تقتصر المواجهة على الجهود الميدانية فقط، بل تستند إلى أطر قانونية حاسمة. ويعد قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 من أبرز الأدوات التي تجرّم نشر الأخبار الكاذبة والشائعات التي تهدد الأمن العام. وتنص المادة 29 من القانون على أن "يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من أنشأ أو استخدم موقعًا إلكترونيًا بغرض الترويج لأفكار متطرفة أو نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام".

وفي السياق ذاته، يوفر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، المعروف بقانون "الجرائم الإلكترونية"، إطارًا حازمًا لملاحقة المتورطين في بث أو إعادة نشر محتوى مفبرك يهدد استقرار الدولة. وتنص المادة 25 على أن "كل من تعمد نشر أو ترويج أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي أو النيل من النظام العام، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة تصل إلى مائة ألف جنيه".


تدرك وزارة الداخلية أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي، بل لابد من إشراك المواطن كطرف فاعل في معركة الوعي. ومن هنا، تعوّل الوزارة على وعي المصريين في عدم الانجرار خلف الشائعات، وعدم تداول محتوى مشبوه دون التحقق من مصادره الرسمية. وقد أظهرت الأزمات الأخيرة – من بينها مقاطع فيديو مزعومة عن التعذيب أو انفلات أمني – كيف أن سرعة تكذيب الشائعة من قبل المواطنين والجهات الإعلامية الوطنية لعبت دورًا كبيرًا في إحباط المحاولات الخبيثة.

في معركة الوعي والسيادة والمعلومات، تواصل وزارة الداخلية المصرية أداء دورها المحوري في حماية أمن الوطن والمواطن، ليس فقط في مواجهة الجرائم التقليدية، بل في التصدي لحرب إلكترونية خفية تستهدف القيم والثقة والاستقرار. وبينما تواصل الجماعة الإرهابية بث سمومها، فإن الدولة المصرية تقابلها بمزيج من الحسم القانوني، والكفاءة الأمنية، والشفافية الإعلامية، ليبقى الوطن آمنًا مستقرًا رغم كيد الحاقدين.