هل بدأت إثيوبيا تنفيذ خطة لإغراق مصر والسودان؟

تشهد منطقة حوض النيل حالة من القلق والتساؤل بعد القرار المفاجئ الذي اتخذته الحكومة الإثيوبية بفتح بوابات سد النهضة بشكل كامل قبل أيام قليلة، في خطوة أحادية وصفت بأنها الأعنف منذ إنشاء السد، وأثارت مخاوف من تأثيرات مائية خطيرة على كلٍّ من السودان ومصر.
فتح البوابات بالكامل رغم فشل تشغيل التوربينات
المفاجأة جاءت بعدما أعلنت أديس أبابا فتح بوابات التصريف كافة، رغم فشل تشغيل التوربينات الكهربائية واستمرار تخزين المياه حتى امتلأت بحيرة السد إلى أقصى سعتها. ومع استمرار هطول الأمطار الغزيرة، بدأت المياه تتدفق عبر الممر الأوسط للسد بكميات غير مسبوقة.
ووفقًا لمصادر مائية، ارتفع معدل تصريف المياه من إثيوبيا إلى نحو 750 مليون متر مكعب يوميًا بدلاً من 250 مليونًا، وهو ما أدى خلال الأيام الثلاثة الأخيرة إلى ارتفاع منسوب النيل الأزرق بشكل حاد، ودفع السلطات السودانية لإصدار تحذير أحمر تحسبًا لفيضان واسع النطاق، تسبب بالفعل في غرق مساحات زراعية ضخمة وضياع موسم كامل من المحاصيل.
مصر تتخذ إجراءات عاجلة
في المقابل، اتخذت مصر إجراءات استباقية لمواجهة موجة الفيضان، أبرزها فتح بوابات السد العالي وخزان أسوان لاستيعاب كميات المياه الإضافية، مع توقعات بارتفاعها إلى مليار متر مكعب يوميًا إذا استمر هطول الأمطار في الهضبة الإثيوبية بنفس المعدل.
وتشير تقديرات إلى أن هذه الكمية قد تكون الأعلى في تاريخ نهر النيل الحديث.
خلفيات سياسية وأمنية محتملة
وربطت بعض التحليلات السياسية بين القرار الإثيوبي الأخير وتوترات إقليمية متصاعدة، حيث اعتبرت أن التحركات الأحادية من أديس أبابا قد تحمل أبعادًا سياسية أو ضغوطًا إقليمية، خاصة بعد مواقف مصر الأخيرة الرافضة لأي سياسات تمس أمنها القومي أو مصالحها المائية.
ورغم هذه التقديرات، لم يصدر أي تأكيد رسمي حول وجود تدخلات خارجية في القرار الإثيوبي.
استعدادات مصرية طويلة المدى
على مدى السنوات الماضية، نفذت مصر خطة استراتيجية شاملة لتقليل مخاطر الفيضانات والجفاف، تضمنت:
-
تطوير مفيض توشكى بسعة تخزينية تصل إلى 56 مليار م³ عبر ثلاث بحيرات رئيسية.
-
إنشاء “النهر الصناعي” بالصحراء الغربية بطول 114 كم لريّ 2.2 مليون فدان واستيعاب الفائض المائي.
-
توسيع وتحديث القناطر والممرات المائية للتحكم في تدفقات النيل ورفع كفاءة إدارة المياه.
التحركات الدبلوماسية والعسكرية
على الصعيد السياسي، أكد السفير بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، خلال اجتماعات الأمم المتحدة، أن «إثيوبيا تتوهم أن مصر قد تتنازل عن حقوقها ومصالحها المائية»، مشددًا على أن القاهرة لن تسمح بالمساس بحقوقها الوجودية في مياه النيل.
كما عززت مصر تعاونها العسكري مع عدد من دول القرن الأفريقي، من بينها اتفاقية دفاع مشترك مع الصومال، لتأمين مصالحها الإقليمية وردع أي تهديد محتمل.
تتجدد اليوم التحذيرات المصرية من خطورة التعامل الأحادي في إدارة سد النهضة، بينما يعيش السودان تداعيات فيضانات غير مسبوقة.
ويبقى السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه: هل ما يحدث هو أزمة طبيعية ناتجة عن الأمطار الموسمية، أم بداية لمرحلة جديدة من الصراع المائي في حوض النيل؟



