جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

رفع التصنيف الائتماني لمصر.. شهادة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري

-

أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية عن رفع التصنيف الائتماني لمصر من درجة -B إلى B مع نظرة مستقبلية "مستقرة"، مشيدة بالتقدم الذي حققته الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي.
ويُعد هذا القرار أول رفع لتصنيف مصر منذ خمس سنوات، وهو مؤشر على عودة المسار الاقتصادي المصري إلى الاتجاه الصحيح بعد فترة من الضغوط والتحديات العالمية والإقليمية.

عودة الثقة الدولية

رفع التصنيف الائتماني يعني ببساطة أن قدرة الدولة على سداد ديونها أصبحت أفضل، وأن المخاطر المرتبطة بالاقتراض من الأسواق العالمية قد انخفضت.
ورغم أن التحديات الاقتصادية لم تنتهِ بعد، فإن الرسالة الأهم التي يحملها هذا القرار هي أن مصر تسير في طريق الاستقرار المالي، وأن الإصلاحات الأخيرة بدأت تؤتي ثمارها.

ويُذكر أن وكالة فيتش أبقت على تصنيفها لمصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى إمكانيات النمو المرتفعة والدعم القوي من الشركاء الدوليين، في حين حافظت وكالة موديز على تصنيفها عند Caa1، لكنها عدلت نظرتها المستقبلية إلى "إيجابية" في مارس 2024، وهو ما يعكس تحسن الثقة تدريجيًا في الاقتصاد المصري.

إصلاحات اقتصادية تُغيّر الواقع

تؤكد وكالة ستاندرد آند بورز أن رفع التصنيف جاء نتيجة الإصلاحات الهيكلية والمالية التي نفذتها الحكومة المصرية خلال الـ18 شهرًا الماضية، وأبرزها التحول إلى نظام سعر صرف مرن يعكس العرض والطلب الفعلي في السوق، وهو ما دعم الاستقرار النقدي وساهم في جذب الاستثمارات.

كما لعب برنامج صندوق النقد الدولي دورًا رئيسيًا في تعزيز مصداقية الإصلاحات، خاصة مع تبني الحكومة لسياسات أكثر انضباطًا في إدارة المالية العامة.
وأشارت الوكالة إلى أن معدل النمو الاقتصادي ارتفع من 4.2% إلى 4.4% خلال العام المالي الأخير، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط نمو 4.6% خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهي نسبة تُعد جيدة في ظل الأوضاع العالمية الراهنة.

تحسن المؤشرات الاقتصادية

شهدت الأشهر الماضية تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات الاقتصاد المصري، إذ تراجع معدل التضخم السنوي من ذروته البالغة 38% في سبتمبر 2023، مدعومًا ببرنامج دعم من صندوق النقد بقيمة 8 مليارات دولار.
كما سجلت عائدات السياحة ارتفاعًا بنسبة 20% في الربع الأخير من العام المالي 2025، إلى جانب زيادة تحويلات المصريين في الخارج بنسبة 36.5%، مما وفر سيولة دولارية مهمة للاقتصاد المحلي.
كل هذه المؤشرات تعكس تعافي مصادر الدخل القومي وتراجع الضغوط على العملة المحلية.

مخاطر قائمة ولكنها تحت السيطرة

ورغم الإشادة الدولية، لم تغفل الوكالات الائتمانية الإشارة إلى بعض المخاطر الخارجية، وعلى رأسها استمرار الحرب في غزة وتداعياتها الإقليمية، إضافة إلى تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، ما قد يؤثر على إيرادات قناة السويس.
لكن ستاندرد آند بورز أكدت في المقابل أن مصر تظل بعيدة عن الصراعات المباشرة، وتلعب دورًا متوازنًا ومحوريًا في الوساطة الإقليمية، ما يقلل من احتمالات تأثرها المباشر بالأوضاع الأمنية في المنطقة.

ماذا يعني رفع التصنيف الائتماني للمواطن المصري؟

قد يتساءل المواطن العادي: ما فائدة هذه التصنيفات الدولية بالنسبة لي؟
الإجابة ببساطة أن رفع التصنيف الائتماني لا يقتصر على الأرقام والتقارير، بل ينعكس بشكل مباشر على حياة الناس.

فعندما تُعلن وكالات عالمية مثل "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" تحسن نظرتها للاقتصاد المصري، فإن ذلك يزيد ثقة المستثمرين والبنوك الدولية في الاقتصاد المصري، ما يؤدي إلى انخفاض تكلفة الاقتراض الخارجي، وبالتالي تخفيف الضغط على الموازنة العامة وتقليل الحاجة للاقتراض المحلي.

ومع تحسن الثقة في الاقتصاد، تتوسع الاستثمارات الجديدة وتُخلق فرص عمل إضافية، ما يُسهم في خفض معدلات البطالة وتحسين مستويات الدخل تدريجيًا. كما يساعد استقرار سعر الصرف وتراجع التضخم في خفض أسعار السلع الأساسية وتراجع تكلفة المعيشة للمواطن.

بمعنى آخر، كلما تحسن التصنيف الائتماني لمصر، شعر المواطن بثمار الاستقرار في جيبه — سواء في شكل أسعار أكثر استقرارًا، أو فرص عمل أكثر، أو خدمات حكومية أفضل نتيجة تحسن موارد الدولة.

خلاصة القول

قرار رفع التصنيف الائتماني هو شهادة ثقة من الأسواق العالمية في قدرة الدولة المصرية على مواصلة طريق الإصلاح، وهو أيضًا رسالة طمأنة للمستثمرين والمواطنين على حد سواء بأن الاقتصاد المصري يسير نحو الاستقرار بعد سنوات من الضغوط.

ومع استمرار الحكومة في تنفيذ خططها الإصلاحية، ودعم بيئة الاستثمار، وتحفيز القطاعات الإنتاجية، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد المصري مرحلة من التعافي التدريجي والمستدام، تُمهد الطريق نحو تحسين مستوى المعيشة وازدهار حياة المواطن المصري.