حكم تأخير صلاة الفريضة لعدم الاغتسال من الجنابة

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال عبر اتصال من شخص تساءل عن حكم تأخير الغسل من الجنابة وما إذا كان لذلك أثر في تفويت فرض من فروض الصلاة، وهل يجوز للمسلم أن يؤخر الغسل فيمثل ذلك مبرراً لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها.
فكان رد الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى واضحاً ومفصلاً في هذا الشأن، حيث بين أن تأخير الغسل جائز شرعًا ما دام هذا التأخير لا يخرج الصلاة عن وقتها الشرعي المحدد، موضحاً أمثلة على ذلك للتقريب إلى الفهم: فإذا أحدث الإنسان جنابة بعد صلاة العشاء ثم تكاسل عن الاغتسال فنام واستيقظ قبل أذان الفجر وقبل انقضاء وقت صلاة العشاء، فقد جاز له أن يصلي لأنه لم يخرج الصلاة عن وقتها الشرعي، فلا حرج عليه في ذلك.
أما إذا نام حتى أذان الفجر وهو لم يصلِّ صلاة العشاء فإنه في هذه الحالة يكون فعله محرماً لأن الصلاة قد خرجت من وقتها، ويصبح تارك الصلاة بذلك آثماً ومقترفاً للمعصية، حيث نبه أمين الفتوى إلى خطورة ترك الصلاة، وأن من يتهاون في أداء الفرض ويترك الصلاة عمداً يكون فاسقاً وآثماً ومجرماً، ويكون جزاؤه عند الله شديداً، لأن ترك الصلاة من أفظع الذنوب بعد الشرك بالله تعالى.
وأضاف أمين الفتوى أن لهذا الموضوع جانباً مرتبطاً بموقف مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، الذي عرض سابقاً سؤالاً مماثلاً حول حكم تأخير الغسل من الجنابة أو الحيض وما إذا كان لذلك أثر في صحة الصوم، فجاء بيان المجمع مفيداً في هذا المقام.
فقد أفاد الدكتور حسين مجاهد عضو مجمع البحوث الإسلامية أن من نوى صيام اليوم من الليل ثم أصابته جنابة قبل طلوع الفجر ولم يتمكن من الاغتسال قبل دخول وقت الفجر، وكذلك المرأة التي طهرت من حيضها ولم تتمكن من الاغتسال قبل طلوع الفجر، فصوم كلاهما صحيح ولا يلحقه البطلان لمجرد تأخر الغسل إلى ما بعد دخول وقت الصوم، مؤكداً أن الطهارة ليست شرطاً لصحّة الصوم، واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل بعد ذلك ويصوم، وهو دليلٍ عملي على جواز صوم من لم يغتسل قبل الفجر إذا نوى الصوم ليلاً.
وركزت آثار البيان على ضرورة المبادرة إلى الاغتسال من قبل الحائض أو الجنب بمجرد تمكّنها من ذلك، وذلك حتى يتسنى لهما أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها وعدم تعطيل الفروض، فالإسراع بالاغتسال واجب ومطلوب من أجل المحافظة على الصلوات في مواقيتها.
كما شدد البيان والإفتاء على أن تأخير الغسل المسوّغ فقط هو الذي لا يفضي إلى تفويت الصلاة، أما ما يؤدي إلى تفويت الصلاة فهو محظور ويتوجّب على المسلم المبادرة بالاغتسال قبل انتهاء وقت الصلاة أو المسؤولية عن ترك الفريضة.
الخلاصة: يتبين أن الأصل في تأخير الغسل من الجنابة هو الإباحة المشروطة بعدم خروج الصلاة عن وقتها، أما إذا أفرط الشخص في التأخير فأخلّ بمواقيت الصلاة وترك الفرض فلا يجوز ذلك ويقع تحت حكم النهي والتحريم، وعليه أن يلتزم بالمبادرة إلى الطهارة فور إمكانية ذلك حفاظاً على الفرائض الدينية.

