هل التوبة والندم تمحي الصلوات التي لم يؤدها الشخص؟

تلقت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك سؤالًا من أحد المتابعين يقول فيه: عندما يتوب الإنسان إلى ربه؛ هل تُمحى الصلوات التي لم يصلها من قبل؟ وهل تُحسب عليه؟
وردت دار الإفتاء موضحة أن قضاء الصلوات المفروضة الفائتة واجب باتفاق الأئمة الأربعة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْضُوا اللهَ الذي لَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رواه البخاري، مشيرة إلى أن المسلم في هذه الحالة عليه أن يقضي مع كل فرض حاضر فرضًا من جنسه مما ترك، حتى يغلب على ظنه أنه قضى ما فاته، وإذا عاجلته المنية قبل أن يتم ما عليه، فإن الله يعفو عنه بمنه وكرمه.
وأكدت دار الإفتاء أن الصلاة من الفرائض التي لا تسقط عن المسلم البالغ العاقل، ويلزمه قضاء الفائتة، موضحة أن القول بعدم وجوب القضاء والاكتفاء بالتوبة فقط قول باطل مخالف لإجماع الأمة، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه الطبراني، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» رواه أبو داود.
وأوضحت الدار أن التوبة من ترك الصلاة ترفع الإثم فقط، ولا تُسقط القضاء، لأن الصلاة دين في ذمة العبد لا يُرفع عنه إلا بأدائها، مشيرة إلى أن من تاب من ترك الصلاة فعليه أن يبدأ بالقضاء شيئًا فشيئًا مع الصلوات الحالية، حتى يغلب على ظنه أنه أدى ما فاته.
من جانبه، قال الشيخ أحمد صبري، الداعية الإسلامي، إن الصلاة عماد الدين، وهي واجبة على كل مسلم، مشيرًا إلى أن هناك قولين في مسألة تعويض الصلوات الفائتة، الأول هو قضاء ما فات من صلوات، والثاني وهو ما يرجحه، أن التوبة تجب ما قبلها إذا كانت الصلوات الفائتة كثيرة جدًا بما يصعب قضاؤها، موضحًا أن في هذه الحالة يُستحب الإكثار من النوافل لأنها تُعوض النقص في الفريضة.
وأضاف «صبري» أن من كان يعلم عدد الصلوات التي فاتته ويسهل عليه قضاؤها فعليه أن يقضيها وقتما شاء، مبينًا أن ترتيب الصلوات لا يكون شرطًا في هذه الحالة، لأن الوقت والترتيب يسقطان إذا فات وقت الصلاة.
كيف قضي الصلاة الفائتة عدة سنوات
وفي سياق متصل، قال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الصلوات التي قصّر العبد في أدائها تعد دينًا في ذمته لا يسقط عنه إلا بأدائها، مضيفًا أن مجرد التوبة أو الاستغفار لا يكفي لإسقاط هذا الحق، لأن دين الله أحق أن يُقضى، واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أتته امرأة، فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر رمضان، أفأقضيه عنها؟ قال: (أرأيتك لو كان عليها دَيْن، كنت تقضينه؟)، قالت: نعم، قال: (فدين الله أحق أن يُقضى)».
وأوضح ممدوح أن العبد الذي لم يصل طيلة ثلاث سنوات على سبيل المثال، يمكنه أن يقضي ما فاته بأن يصلي مع كل فرض حالي فرضًا فائتًا، وبذلك يتم قضاء ما عليه تدريجيًا دون مشقة كبيرة، مشيرًا إلى أن توبة من فاتته صلوات كثيرة لا تُسقط وجوب القضاء، وإنما ترفع الإثم فقط.
كما أشار إلى أنه يجوز لمن عليه صلوات كثيرة أن يصليها بإيجاز دون إخلال بصحتها، كأن يقتصر على قراءة الفاتحة والتسبيح في الركوع والسجود، حتى لا يدخل الشيطان على قلبه بالملل والتكاسل، ويستطيع إبراء ذمته سريعًا.

