جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: مؤتمر الأطراف”Cop30” محطة للعدالة المناخية وتمويل بلا ديون

أحمد عبد الحليم -

بينما تجتمع دول العالم بمناسبة إنعقاد قمة المناخ (كوب30) أي مؤتمر الأطراف الثلاثين في مدينة بيليم البرازيلية، تدعو منظّمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قادة المنطقة وصنّاع السياسات على الصعيد الدولي إلى اتّخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق الهدف المتمثّل بإبقاء إرتفاع حرارة الكوكب ضمن حدود 1.5 درجة مئوية، وتعزيز تعهّداتهم المناخية، وتحميل المتسببين في أزمة المناخ نصيبَهم العادل من المسؤولية.

تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفاعًا في درجات الحرارة بمعدّل يُقارِب 0.46 درجة مئوية كلّ عشر سنوات، أي بوتيرة أسرع بمرّتَيْن تقريبًا من المتوسّط العالمي البالغ 0.18 درجة مئوية، ممّا يُعرِّض الملايين للخطر بسبب موجات الحرارة القياسية، وموجات الجفاف، وشحّ المياه، وغيرها وبالتالي، أصبحَ العمل المناخي قضيةً مصيرية. ويُمثِّل مؤتمر الأطراف الثلاثون محطّةً مفصلية لترجمة الوعود إلى خطوات تنفيذية ملموسة، انطلاقًا من مبدأ العدالة والمساءلة.

في مؤتمر الأطراف الثلاثين، تدعو منظّمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ما يلي:

● عمل الحكومات على تعزيز مساهماتها المحدّدة وطنيًا لعام 2035، أي خطط العمل المناخية الوطنية لخفض الانبعاثات والتكيف مع آثار تغيّر المناخ، ومواءمتها مع الهدف المتمثّل بإبقاء ارتفاع الحرارة ضمن حدود 1.5 درجة مئوية من خلال الالتزام بالابتعاد عن الإعتماد على الوقود الأحفوري بطريقة عادلة ومنصفة.

● تمويل مناخي عادل وشفّاف وخالٍ من الديون، مع تحميل المسؤولية بطريقة عادلة إلى دول الشمال العالمي - الدول التي تسبّبت بأعلى مستويات الانبعاثات تاريخيًا - وشركات الوقود الأحفوري الدولية المُلوِّثة، عبر آليات منصفة وقائمة على مبدأ المساءلة.

ومع انطلاق المفاوضات، صرّحت غوى النكت، المديرة التنفيذية لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قائلةً: "في ظل تقاعس العديد من دول الشمال العالمي الكبرى عن تحمل مسؤوليتها في قيادة التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري، ينبغي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيما دول الخليج التي تمتلك الموارد والقدرة على التحرك، أن تغتنم هذه الفرصة لتتقدم الصفوف. فمن خلال قيادة هذا التحول، يمكن لدولنا أن تُثبت أن الريادة الحقيقية في العمل المناخي تتجاوز المسؤوليات التاريخية، وتستند إلى القيم الراسخة والتقاليد العريقة التي تميز منطقتنا."

وتعقيبا على موضوع التمويل المناخي، قالت النكت: "لقد فَشِلَ مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب29) بشكلٍ كارثي في توفير التمويل المناخي. ومرّة أخرى، تخلّى المجتمع الدولي عن البلدان الأكثر تضرُّرًا من أزمة المناخ، بما في ذلك دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحرمها من الوسائل اللازمة للتخفيف من آثار هذه الأزمة والتكيُّف معها. وليست هذه القضية مسألةَ عملٍ خيري، بل هي مسألة عدالة مناخية. فلم يعُد بإمكاننا تحمُّل المزيد من الإخفاقات المتكرّرة لقادة العالم".

في مؤتمر الأطراف الثلاثين (كوب30)، تُؤكِّد غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على ضرورة حدوث تغيير جذري في هذا الشأن. فيجب على الدول المتقدّمة تقديم تمويل إضافي وعام وغير قائم على الديون، بدلًا من القروض التي تزيد الأعباء الاقتصادية، وتكثيف الدعم للوصول إلى الهدف المتمثّل بتحصيل المبلغ اللازم للعمل المناخي بقيمة 1.3 تريليون دولار، ممّا يضمن أن يظلّ كوكبُنا صالحًا للعيش.

وشدّدت النكت على أهمّية الإصلاحات الهيكلية وأضافت: "تقع على عاتق دول الشمال العالمي مسئوليةٌ واضحة لتوفير التمويل المناخي الذي يضمن أن تتمكّن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من التكيُّف، بل أيضًا التخفيف من آثار تغيُّر المناخ ومعالجة الخسائر والأضرار الناجمة عنه. إنَّ الهدف الطَّموح المتمثّل بالحدّ من ارتفاع درجة الحرارة ضمن 1.5 درجة مئوية يتطلّب تمويلًا عادلًا ونقلةً تقنية حقيقية تسمح لمنطقتنا بدفع عجلة الابتكار، والانتقال نحو الطاقة النظيفة وبناء القدرة على الصمود في مواجهة أزمة المناخ. يجب على البلدان المتقدّمة إتاحة الأموال العامّة للتكيُّف والتخفيف من الآثار من دون إغراق دولنا في مزيدٍ من الديون. ويمكنها تحقيق ذلك من خلال ضمان أن يدفع المُلوِّثون الكبار، بمَنْ فيهم شركات النفط الدولية التي تجني مليارات الدولارات من الأرباح، حصّتَهم العادلة من خلال آليات شفّافة وعادلة".

في الوقت نفسه، يجب على الحكومات تعزيز مساهماتها المحدّدة وطنيًا لعام 2035 ومواءمتها مع الهدف المتمثّل بإبقاء ارتفاع الحرارة ضمن حدود 1.5 درجة مئوية. وحذّرت الأمم المتّحدة من أنَّ التعهدات الوطنية الحالية قد تؤدّي إلى إرتفاع درجات الحرارة عالميًا بين 2.3 و 2.5 درجة مئوية في هذا القرن. ومن أجل التصدّي لهذا الواقع وتعزيز التعهّدات، لا بدّ من وضع خطط واضحة للابتعاد عن الوقود الأحفوري، مع الإستثمار في الطاقة المتجدّدة، وتشجيع الإبتكار، ودعم سُبُل العيش المستدامة.

وعن موضوع المساهمات المحدّدة وطنيًا، صرحت النكت: "إستنادًا إلى مخرجات مؤتمر COP28 في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي أفضى إلى إتفاق تاريخي يدعو إلى التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، يتعين على حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تلتزم بخطط مناخية أقوى لعام 2035 تعكس مدى إلحاح الأزمة. إن تحقيق إنتقال عادل ومنصف بعيدًا عن الوقود الأحفوري أمرٌ ضروري، ليس فقط لأن العلم يفرضه، بل لأنه أصبح مسألة بقاء لشعوبنا ومنطقتنا وكوكبنا."

من جانبه، قالَ محمّد كمال، مدافع عن العدالة البيئية وعضو وفد الشباب لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

"في مؤتمر الأطراف الثلاثين، تُتاح فرصة أخرى لتحقيق العدالة في المنطقة، شرط إلتزام البلدان بآلية عمل للانتقال العادل، بما يضمن العدالة للعمّال والشباب والمجتمعات الأكثر تضرُّرًا. وإلّا، قد نخرج من المؤتمر مرّة أخرى من دون تحقيق أيّ نتيجة".

وبالنظر إلى المستقبل، أوضحت النكت أنَّ "مؤتمر الأطراف الثلاثين (كوب30) يجب أن يُشكِّلَ محطّةً تتحوّل فيها الأقوال إلى أفعال. نُؤكِّد مُجدّدًا أنَّ الحلول موجودة؛ والوقت قد حان لتضافُر الجهود وتوسيع نطاقها. من الخليج وحتّى المغرب العربي، نُواجِهُ تحدّيًا مشتركًا ونقفُ أمامَ فرصة مصيرية للعمل معًا من أجل كوكبنا والأجيال القادمة. علينا حماية سُبُل العيش، وبناء إقتصادات قادرة على الصمود، وضمان الأمن الغذائي والمائي في واحدةٍ من أكثر المناطق تأثُّرًا بالتغيُّر المناخي".

و ختامًا؛ وفد منظّمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المُشارِك في مؤتمر الأطراف الثلاثين متواجدًا في بيليم بالبرازيل من 10 إلى 21 تشرين الثاني/نوفمبر، وسيكون متاحًا لإجراء مقابلات إعلامية شخصية أو عبر الإنترنت عند الطلب.