مدحت الشيخ يكتب: برلمان الأحلام

برلمان الأحلام هو البرلمان الذي يعرف أن دوره الحقيقي ليس مجرد تزيين القاعات بالكراسي، أو الانشغال بالبروتوكولات والاجتماعات الشكلية. هو البرلمان الذي يمثل الشعب بكل ألوانه، وبكل طموحاته وآماله، البرلمان الذي ينقل صرخات المواطنين وهمومهم اليومية إلى صانع القرار، ويقف حائط صد أمام كل محاولة لإهمال صوت الشعب أو تجاوز حقوقه.
برلمان الأحلام برلمان الرقابة والمسؤولية، برلمان الفعل لا الأقوال، برلمان الذي يعرف أن التشريع وحده لا يكفي، بل يجب أن يقترن بالمتابعة والتنفيذ والمحاسبة. النواب فيه يسمعون كل الأصوات: صوت العامل الذي يكافح من أجل لقمة العيش، وصوت الفلاح الذي يحاول زراعة الأرض رغم الصعوبات، وصوت الموظف الذي يبحث عن كرامته، وصوت التاجر الذي يسعى للاستمرار في بيئة اقتصادية معقدة. هؤلاء جميعًا يجدون في برلمان الأحلام من يمثلهم بحق، ويعمل على تحويل همومهم إلى حلول واقعية.
في برلمان الأحلام، الشفافية ليست مجرد شعار على ورق، بل ممارسة يومية وواجب مستمر. الحساب والمساءلة هما القاعدة، والواسطة والمحسوبية لا مكان لهما. كل نائب فيه يعلم أن مهمته خدمة الناس، لا خدمة مصالح حزبه أو نفوذ ضيق. كل قرار يتخذه هذا البرلمان ينبع من مصلحة الوطن والمواطن، وليس من رغبات شخصية أو حسابات سياسية ضيقة.
برلمان الأحلام هو البرلمان الذي يضع الشعب قبل أي اعتبار، ويعيد الثقة المفقودة بين المواطن ومؤسسات الدولة. هو البرلمان الذي يراقب ويحاسب، ويصنع القرار بجرأة ومسؤولية، ويثبت أن السياسة يمكن أن تكون أداة خدمة، لا أداة استغلال أو مصالح خاصة. البرلمان الذي يحمي الحقوق ويصون العدالة ويقف دائمًا في مواجهة كل من يحاول إضعاف صوت الناس أو تقويض إرادتهم.
هذا البرلمان هو نموذج يحتذى به، ليس على الورق أو في الشعارات، بل على أرض الواقع. هو البرلمان الذي يجعل المواطن يشعر أنه شريك في القرار، وأن صوته ليس مجرد رقم في ورقة انتخابية، بل قوة حقيقية تشكل مستقبل الدولة. برلمان الأحلام يعرف أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات، بل مسؤولية مستمرة، وحرية تامة، ومحاسبة دائمة لكل من يُساء استخدام السلطة.
وفي ختام القول، يجب أن نؤكد: هذا هو البرلمان الذي يتمناه الشعب. البرلمان الذي لا يخشى مواجهة التحديات، ويضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار آخر. البرلمان الذي يحقق العدالة، ويصون الحقوق، ويعيد ثقة الناس بمؤسساتهم، ويؤكد أن الشعب هو مصدر السلطة، وأن الإرادة الشعبية هي القوة الحقيقية التي لا يمكن تجاوزها. برلمان الأحلام هو برلمان العمل والشفافية والمسؤولية، برلمان يجعل المواطن هو البطل الحقيقي، وصوت الشعب هو الحاكم، وهو النموذج الذي يجب أن نسعى جميعًا لتحقيقه.

