جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

رئيس معهد الاستدامة: الأمم المتحدة تناقش آليات خفض البصمة الكربونية في اجتماعات جمعية البيئة

الديار- أحمد عبد الحليم -

صرح السفير مصطفى الشربيني الرئيس التنفيذي لمعهد الاستدامة والبصمة الكربونية ورئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية INSTITUTE OF SUSTAINABILITY AND CARBON FOOTPRINT والاستدامة بالالكسو بجامعة الدول النامية ان جمعية البيئة للامم المتحدة في دورتها السابعة عكست بوضوح حجم التحديات البيئية والسياسية التي تواجه العالم، لكنها في الوقت ذاته قدّمت منصة دولية مهمة للحوار، وأظهرت إرادة متنامية لإيجاد حلول مشتركة، رغم الخلافات الحادة.

قدّم السفير الدكتور مصطفى الشربيني – الخبير الدولي في الاستدامة، تحليلياً موسعاً حول وقائع الدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة UNEA-7 التي استضافتها العاصمة الكينية نيروبي بين 8 و12 ديسمبر 2025.

وقد جاءت الدورة تحت شعار "تعزيز الحلول المستدامة من أجل كوكب يتمتع بالقدرة على الصمود"، وسط ضغوط بيئية واقتصادية وسياسية تعكس عمق التحديات التي تواجه العالم.

الافتتاح: تحذيرات أممية وصوت عالمي يطالب بالتحرك

افتتحت الجلسة بعرض قدمته "جوقة أطفال كينيا"، قبل أن تتوالى كلمات كبار المسئولين الأمميين، مؤكدة أن العالم يقترب من نقطة اللاعودة بيئياً.

وفي خطاب شديد اللهجة، أوضحت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد أن السنوات المقبلة قد تشهد تجاوز حد 1.5 درجة مئوية من الاحترار العالمي، وهو ما سيضاعف المخاطر على البشر والأنظمة البيئية. كما شددت على أن تدهور الأراضي يهدد حياة 3 مليارات إنسان، فيما تواجه مليون فصيلة خطر الانقراض، ويتسبب التلوث في 9 ملايين وفاة مبكرة سنوياً.

أما المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن، فقد شددت على ضرورة تخلي الدول عن الحسابات الضيقة والانخراط في مسار مشترك يقوده العلم والبيانات، مؤكدة أن اللحظة الحالية تتطلب تنسيقاً أوسع بين الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف.

هيكل التفاوض: لجان متوازية ومجموعات اتصال تعالج أكثر القضايا تعقيداً

اعتمدت الجمعية جدول أعمال واسعاً، وشكّلت أربع مجموعات اتصال رئيسية للتعامل مع الملفات التالية:

1. الطبيعة والمناخ

2. الحوكمة البيئية والقانون

3. الاقتصاد الدائري والمواد الكيميائية والتلوث والنفايات

4. الاستراتيجية والميزانية

وقد عملت هذه المجموعات بضغط زمني كبير لإعداد مسودات القرارات، وسط خلافات حادة حول التمويل، والولاية القانونية، ولغة الالتزامات.

الطبيعة والمناخ: خلافات على المصطلحات ومسارات للحلول

شهد محور الطبيعة والمناخ نقاشات مستفيضة حول قضايا حساسة، أبرزها:

1. إدارة حرائق الغابات عالمياً

تباينت مواقف الدول بين من يطالب بنصوص ملزمة لخطط وطنية وإقليمية، وآخرين رفضوا أي التزامات جديدة دون توفير التمويل.

2. أزمة طحالب السرجس

برز خلاف حاد حول توصيف الظاهرة؛

– دول الكاريبي وإفريقيا طالبت باعتبارها أزمة بيئية عاجلة.

– بينما رأت دول أخرى أنها مجرد تحدٍّ بيئي لا يستدعي إعلان طوارئ.

3. الشعاب المرجانية

المناقشات ركزت على تعزيز قدرة النظم البحرية على التكيف مع الاحترار، مع مطالبات بتخصيص موارد مالية للدول النامية.

4. النظم الإيكولوجية في أعماق البحار

انقسمت الدول حول إجراء تقييم عالمي لآثار التعدين في الأعماق، لما يحمله الملف من حساسية اقتصادية وجيوسياسية.

الحوكمة والقانون: الذكاء الاصطناعي في قلب الحلبة

أحد أكثر الملفات سخونة تمثّل في مشروع قرار يتعلق بـالاستدامة البيئية للذكاء الاصطناعي، والذي شمل تقييمات للمخاطر البيئية للأنظمة الرقمية، وضوابط حوكمة البيانات، وتقليص الفجوة الجندرية في المجالات التقنية.

وواجه الملف انقساماً حاداً بين من طالب بتبسيط النصوص، ومن رغِب في توسيعها لتشمل أبعاداً تقنية وتشريعية أعمق.

كما شهدت النقاشات جدلاً بشأن دور الشباب في العمليات البيئية، حيث أثار تعبير "صنع القرار" اعتراضات دفعت إلى استبداله بـ"المشاركة في المسائل البيئية".

الإقتصاد الدائري والمواد الكيميائية: صراع حول المعادن والملوثات

من أبرز الملفات الخلافية:

1. الإدارة السليمة للمعادن

طرحت دول عديدة ضرورة إنشاء آلية حوار جديدة، بينما تمسكت أخرى بالاكتفاء بالقنوات الحالية.

كما دار نقاش محتدم حول إشراك جهات الاتصال الوطنية والدعم المطلوب للدول النامية.

2. المواد الكيميائية السامة

ركزت المداولات على الرصاص والزرنيخ والكادميوم وبعض المركبات العضوية الخطرة، وعلى دور الفريق الحكومي الدولي المستحدث بشأن التلوث الكيميائي.

3. التلوث البلاستيكي

جاءت المناقشات في ظل تقدم المفاوضات حول معاهدة البلاستيك العالمية، وسعت UNEA-7 لإيجاد زخم سياسي يدفع المفاوضات نحو تسوية توازن بين الإنتاج والاستهلاك والإدارة السليمة للنفايات.

الاستراتيجية والميزانية: أكثر الملفات توتراً

هذا المحور شهد صدامات واسعة بسبب: اعتراض دول على توسع ولاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة، و التخوف من تحميل الدول التزامات إضافية دون تمويل كافٍ، و أزمة توافق حول الاستراتيجية المتوسطة الأجل وبرنامج العمل للعامين 2026–2027.

كما تم الاتفاق على عقد الدورة الثامنة UNEA-8 في ديسمبر 2027، مع بقاء الجدل مفتوحاً حول عدد القرارات ومواعيد الدورات القادمة.

أصحاب المصلحة: صوت العلم والمجتمعات والقطاع الخاص

شهدت الدورة حضوراً لافتاً لمختلف الجهات غير الحكومية: القطاع الخاص دعا لفعالية الإنفاق وتبني الابتكار، و الشباب شددوا على العدالة البيئية واتباع العلم، و الشعوب الأصلية تحدثت عن التهميش واستمرار تجريم المدافعين عن البيئة، و المدن طالبت بتمويل عادل، و الأوساط العلمية حذرت من فجوة بين العلم والسياسة، خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي.

يوم الاتفاقيات البيئية: منصة عالمية لتوحيد السياسات

ظهر هذا اليوم كأحد أهم فعاليات UNEA-7، حيث اجتمعت: اتفاقيات ريو، و بازل وروتردام وستوكهولم، و بروتوكول مونتريال، و اتفاقيات التنوع البيولوجي والأنواع المهاجرة ورامسار، و هيئات العلم والسياسات IPCC – IPBES …

و هدف هذا اللقاء إلى تعزيز التناغم بين السياسات والالتزامات، وتوفير دعم أكبر للدول النامية، وتوحيد البيانات العلمية كأساس لصنع القرار البيئي.

ديناميات التفاوض: صراع الطموح والواقع

كواليس الاجتماعات كانت مليئة بالتوتر، حيث واجه المفاوضون: ضغطاً زمنياً شديداً، وخلافات حول صياغات حساسة، وعودة بعض الوفود لطرح نصوص سبق حذفها،انقسامات جيوسياسية واضحة بين إفريقيا، والاتحاد الأوروبي، ودول البريكس.

وقد أدى ذلك إلى بطء في التقدم وإلى تعليق بعض البنود حتى اللحظات الأخيرة.

التقارير العلمية: إطلاق تقرير GEO-7

شهدت الدورة إطلاق النسخة السابعة من تقرير التوقعات البيئية العالمية GEO-7، الذي أظهر: إمكان تحقيق فوائد اقتصادية هائلة تصل إلى 100 تريليون دولار سنوياً بحلول 2070 عبر الاقتصاد الأخضر، و تفاقم تدهور البيئة في ظل غياب الإصلاحات الجوهرية، والحاجة إلى تحول شامل في الطاقة والغذاء والمدن والموارد. إلا أن الخلافات السياسية حالت دون إعتماد ملخص صانعي السياسات.

آفاق التعاون والتحالفات الجديدة

شهدت الاجتماعات الوزارية نقاشات واسعة حول، دمج البيئة في خطط التنمية والأمن الغذائي والطاقة والنقل، و تعزيز التمويل المستدام، و تطوير آليات تنسيق وطنية بين الوزارات والجهات المعنية.

كما عرضت عدة دول نماذج وطنية ملهمة، مثل تجارب إثيوبيا واليابان والبرازيل والمكسيك.

صوت الممرات: ما لم يُعلن على المنصة

تناقلت الوفود في الممرات مخاوف من: انهيار بعض الملفات مثل المعادن والذكاء الاصطناعي والاستراتيجية، و الإرهاق الشديد وتأثيره على جودة التفاوض، و المخاطر التي قد تواجه برنامج الأمم المتحدة للبيئة إذا فشلت الجمعية في اعتماد الاستراتيجية والميزانية.