جريدة الديار
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار

حصار فنزويلا يوقظ أسعار النفط: ارتداد مؤقت أم بداية موجة جديدة؟

-

عادت أسعار النفط إلى الارتفاع من جديد، بعدما لامست أدنى مستوياتها منذ عام 2021، في مشهد يؤكد أن سوق الطاقة العالمية لم تعد تتحرك فقط بمنطق العرض والطلب، بل باتت رهينة قرارات سياسية حادة وتصعيدات جيوسياسية مفاجئة.
فقد جاء الارتفاع الأخير مدفوعًا بتصعيد أميركي مباشر ضد فنزويلا، عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض حصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات قبالة السواحل الفنزويلية.

وصعد خام برنت ليتجاوز حاجز 59 دولارًا للبرميل، بعد أن فقد أكثر من 5% من قيمته خلال أربع جلسات متتالية، بينما جرى تداول خام غرب تكساس الوسيط قرب 56 دولارًا، في ارتداد يعكس قلق الأسواق من أي تعطيل جديد للإمدادات، ولو كان محدودًا نسبيًا.

تصعيد أميركي… ورسائل تتجاوز فنزويلا

الخطوة الأميركية لا يمكن فصلها عن سياق سياسي أوسع. فإعلان ترمب فرض حصار بحري فعلي على صادرات النفط الفنزويلية، وتصنيف نظام الرئيس نيكولاس مادورو كـ«منظمة إرهابية أجنبية»، يمثل تصعيدًا غير مسبوق، يضيف طبقة جديدة من التوتر إلى خريطة الطاقة العالمية.
هذا التحرك، الذي سبقه احتجاز ناقلة نفط فنزويلية الأسبوع الماضي، يبعث برسالة واضحة مفادها أن واشنطن مستعدة لاستخدام أدوات أكثر حدة للضغط السياسي، حتى لو كان الثمن اهتزاز الأسواق العالمية.

فائض المعروض… شبح يطارد السوق

ورغم هذا الارتداد السعري، فإن الصورة الكلية لسوق النفط لا تزال قاتمة. فالتوقعات تشير إلى أن النفط في طريقه لتسجيل خسارة سنوية، تحت ضغط اتساع فجوة فائض المعروض العالمي.
زيادة إنتاج تحالف «أوبك+» بوتيرة أسرع من المتوقع، إلى جانب نمو إنتاج دول أخرى، يقابله طلب عالمي ضعيف، في ظل تباطؤ اقتصادي ملحوظ من الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط.

وتحذر وكالة الطاقة الدولية من أن السوق مقبلة على أكبر فائض في المعروض منذ جائحة كورونا، وهو ما يفسر حالة الترقب والحذر التي تسيطر على المستثمرين، رغم أي ارتفاعات مؤقتة.

أوكرانيا… عامل مفاجآت محتمل

في الخلفية، يراقب المتعاملون تطورات ملف الحرب في أوكرانيا. فالتوصل إلى اتفاق سلام – إن حدث – قد يفتح الباب أمام تخفيف القيود على صادرات النفط الروسي، ما يعني إضافة كميات جديدة إلى سوق تعاني أصلًا من التخمة، وهو ما قد يعيد الضغوط النزولية على الأسعار بقوة.

خلاصة المشهد وتأثيره على الاقتصاد المصري

باختصار، سوق النفط العالمية تعيش حالة توازن هش بين السياسة والاقتصاد: تصعيد أميركي يرفع الأسعار مؤقتًا، مقابل فائض معروض يضغط عليها على المدى المتوسط والطويل.

أما بالنسبة للاقتصاد المصري، فإن هذه التطورات تحمل وجهين متناقضين:

ارتفاع الأسعار يضغط على فاتورة استيراد الطاقة، ويزيد الأعباء على الموازنة العامة، خاصة في ظل التزامات دعم بعض المنتجات البترولية.

في المقابل، فإن استمرار الأسعار عند مستويات معتدلة دون قفزات حادة يظل سيناريو مريحًا نسبيًا، يساعد الدولة على ضبط الإنفاق وتقليل الضغوط التضخمية.

وفي المحصلة، يظل استقرار أسعار النفط – لا ارتفاعها ولا انهيارها – هو السيناريو الأفضل للاقتصاد المصري، في مرحلة تحتاج فيها الدولة إلى بيئة دولية أقل توترًا، تسمح بالتركيز على النمو، وجذب الاستثمار، وتخفيف الأعباء عن المواطن.