جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 02:41 مـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أتعثـر حـين احـاول نسيانك ....

نور عباس
نور عباس

اليوم أنا أنسى كثيرا الأمرُ محرجٌ للغاية بالنسبة لي ويسبب تلك المضايقات البغيضة والتي قد تنتهي
بكوني متهماً بجرمٍ ما، أنا فاشلٌ في الشجارات، لا أدرِ كيف يستطيع أيُّ شخص يعرفني أن ينتظر مني صوتاً مرتفعاً ووجهاً مخيفا حقاً أهتم، وأودُّ تذكُرَ مواعيد الجميع ،لكنني ودون دراية أنسى.

بدأت بكتابة تفاصيلِ يومي على مذكرةٍ صغيرة. أدفُنها في جيبي ، ثم أنساها أسفل وسادتي

أكد لي الطبيب أن الأمرَ جيدٌ ما دمت أنسى نصف الأشياء وليس جميعها.. لكنني غير متزنٍ البتة لدي دوماً نسخةُ مفاتيحَ احتياطية لمنزلي، لغرفتي في السكن الجامعي، ولدرج مكتبي.

أشاطرُ إخوتي كلمة السر لحساب "الفيس بوك" خاصتي، ولم أعد أضعُ قفلاً لهاتفي ،وهذا يؤلمني...يؤلمني جداً لقد بدأت أفقـدني في منتصف أيّ حديث، فلطالما نسيت البداية، وكثيراً ما أنطقُ " لا أعلم " في ختام الحوارات ،على شيء يؤسفني أنني كنتُ حذقاً به، عاهدتُ شخصاً ما على البقاء ثم رحلت، فاتتني حفلة عيد ميلاد صديقٍ غالٍ، وقفت أحدق بواجهة محل أحذية لربع ساعة.

ولا أدري لمَ أخبرني الطبيب أنني أعاني من النسيان المبكر بسبب صدمة عاطفية عنيفة لم أستطع التخلص منها، فقامت أمي بتكذيبه بشراسة وألقت اللوم بأكمله عليكِ ،. تقولُ "جملة ما" في كلّ مرة تغضب فيها ،كنتُ أرددها تلوها دوماً لأضحك ، لكنني لا أتذكرها الآن أنصتي لي هذه المرة لن أنسى فرسالتي إليكِ مبللة بما يكفي من الدموع، لأتحول إلى مجرد دمعة بدون ذاكرة.
إنني أستيقظُ يومياً على أمل نسيانكِ. أحفظُ كرهكِ لثمرة الكيوي وحبك للتفاح الاخضر الهش

أحفظ تسريحة شعرك المفضلة في شهر الامتحانات واللون الذي تختارينهُ لكنزاتك الصوفية

أحفظ اسم جارتك الحاسدة، ونوع المذياع في الرف الداخلي لمكتبة والدك.
ذات مرة نسيتُ هويتي الشخصية، فتذكرت في مخفر الشرطة أنّ وجهك في الهوية غضٌ ولا يُلمس البارحة ماتت جارتنا، تناسيت الذهاب إلى عزائها وغفرت لي السماء ثم جلست نصف النهار أتأمل وجهك في صورتنا القديمة لكنني خذلت قلبي ونسيت خيانتك لي، ثم مشيت في شرياني حاملاً إياكِ ، ظاناً أن صوت المذياع الذي يُرتّل القرآن في الخارج صادرٌ من قلبكِ أنتِ لا غير .