جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 10:55 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

دينا عسل تكتب: ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم ”كورونا”

دينا عسل
دينا عسل

تواجه دول العالم تهديداً وجودياً بسبب فيروس كورونا وفي الوقت الذي يبحث فيه العلماء عن لقاح أو علاج ينتشر الفيروس ويحصد الأرواح لذلك اتخذت معظم الدول ومنها مصر بعض الإجراءات للحد والوقاية من هذا الفيروس المستجد.

في مصر تم تعليق الدراسة في الجامعات والمدارس على مستوى الجمهورية، ومنع التجمعات بشكل عام سواء في المولات والنوادي وحتى دور العبادة والمطارات لأن هناك دولًا تأخرت في اتخاذ مثل هذه القرارات، ونتج عن ذلك اتساع دائرة انتشار الفيروس وأصبح الأمر خارج نطاق السيطرة.

أربك هذا الفيروس العالم أجمع توقفت حركة العمل، الشوارع شبه خالية، الحرم والكعبة المشرفة خالية تماما من البشر أصبح المؤذن ينادي للصلاة ثم يطلب من الناس الصلاة في بيوتهم شئ مؤسف ومرعب كما لو كان العالم في حالة حرب.

العالم في مواجهة الكرونا والحكومات أمرت مواطنيها بالمكوث في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة لتفادي الإصابة بالفيروس الذي لا يميز بين حاكم ومحكوم، غني أو فقير، ذكر أو أنثى، كبير أو صغير، مسلم أو غير مسلم، عربي أو أجنبي هو لا يعرف التمييز ولا ينظر في جوازات السفر ولا بطاقات الهوية لكنه يعتبرك أنت الإنسان جواز سفره يتحرك من خلالك وينتقل من بلد إلى آخر من خلالك فبداية الظهور كانت في الصين واليوم هو يجتاح العالم.

ما يثير الاستغراب أنه في الوقت الذي تفرض فيه الحكومات حظر التجول على مواطنيها تجد أن هناك أناس يخرقون الحظر غير مبالين لخطورة الاختلاط حتى وسط التحذيرات وفرض الغرامات المالية؛ والأنكى أنه في مصر خرجت دعوات للحشد والتظاهر بهدف التكبير والدعاء والطلب من الله النجاه من كورونا وبالفعل نزل البعض في مدينة الأسكندرية مرددين الله أكبر فيما لجأ آخرون في منطقة سيدي بشر إلى الدعاء من شرفات منازلهم، مثل هذه الدعوات في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب.

المولى سبحانه وتعالى أقرب للإنسان من حبل الوريد والدعوة إلى الله لا تحتاج الخروج في الشرفات أو الشوارع خاصة في ظل الظروف الراهنة وبدلا من دعوات الخروج الوضع يحتم علينا عدم الخروج إلا للضرورة وتكمن كلمة السر في القضاء على كورونا "ادخلوا مساكنكم".

نعم، "ادخلوا مساكنكم" جملة قالتها نملة في موقف استشعرت فيه بالخطر عندما مر سيدنا سليمان وجنوده على وادٍ يسكنه النمل، وكان النمل منشغل في مهامه إلا نملة وقفت تراقب المشهد وعندما اقتربوا منهم صاحت النملة "ادخلوا إلى مساكنكم" حتى لا يدوس عليكم نبي الله سليمان وجنوده دون أن يشعروا بكم.

"حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" (18) .. سورة النمل.

ولأن القصص القرآني هو أنفع القصص، لذلك لاحرج في أن نتعلم الدرس والعبرة من نملة حشرة ضعيفة لكنها إيجابية خافت على أمة النمل بذلك الوادي فأمرتهم ادخلوا مساكنكم حتى لا يصبكم أذى، فكما رأت هذا هو الحل الأمثل والأسهل والأنسب لإمكانتها.

أنت إنسان كرمه الله بالعقل لذا وجب عليك الالتزام بالقانون لحماية نفسك وغيرك، فقد حكمت الظروف علينا الآن بالبعد؛ البعد عن بعضنا البعض أصبح إجباريا وليس أمرا اختياريا.

فبعد أن اعتدنا سماع مصطلح التواصل الاجتماعي الذي بات يتكرر يوميا بفعل التكنولوجيا والإنترنت اليوم أصبح الأمر مختلف حيث لا تخلو نشرات الأخبار من هذه المصطلحات الجديدة على مسامعنا ناصحين إيانا بالتباعد والانعزال الاجتماعي قدر المستطاع للعبور بالأزمة.

إذا يمكننا القول أن المصطلح الكبير "ادخلوا مساكنكم" اشتقت منه مصطلحات جديدة تخدم نفس المعنى مثل التباعد أو الانعزال الاجتماعي والحجر المنزلي جميعها دخلت قاموس اللغة بعد أن وقف العالم مكتوف الأيدي أمام "كورونا".

فقد دق ناقوس الخطر وتم إعلان الحرب على هذا العدو الضعيف، فيروس كورونا ضعيف جدا وأنت وسيلته الوحيدة كي يحيا لأنه ببساطة كما قال العلم أنه ليس بكائن حي بل هو حمض نووي داخل قشرة من البروتين مجرد وصوله لخلية كائن حي يتحول لكائن حي ويصبح لديه ما يسمى بدورة الحياة، مشكلته تكمن على الأقل حتى الآن أنه ليس له لقاح والمراهنة على النجاة منه تكمن في "المناعة" لأن عندما يبدأ الجسم فى استشعار جسم غريب يبدأ جهاز المناعة فى محاربته فإذا كانت المناعة قوية انتصرت عليه.

الخلاصة

أنت أقوى من كورونا ولكن؛ بالتزامك

ومسؤوليتك ومناعتك،

للمناعة .. تناول الأكل الصحي

الالتزام .. بسبل النظافة والتطهير المسؤولية .. ادخلوا مساكنكم.

أخيرا الإنسان الواعي هو الذي يأخذ بأسباب الوقاية ويلزم بيته للنجاه بنفسه وأهل بيته ومجتمعه أيضا، فالعدوى بهذا الفيروس كعقد اللؤلؤ إذا انفرطت حبه واحدة تصعب السيطرة وينفرط باقي العقد لذلك المراهنة عليك أيها المواطن ومدى شعورك بالمسؤولية تجاه نفسك ومجتمعك وعدم التهوين أو التهويل، كورونا لا يعني الموت؛ فالموت والحياة بيد الله وحده ولو أمر الله إنتهاء أجل إنسان فأمر الله نافذ بكورونا أو غير كورونا وفقا لقوله تعالى (إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ .. سورة نوح) وقوله تعالى أيضا (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ .. سورة النساء).

إذا علينا الأخذ بالأسباب وغدا سيتم تطبيق حظر تجوال جزئي على الجميع الالتزام لأنه إذا التزم كل منا بالمكوث في المنزل وعدم الخروج والاختلاط إلا للضرورة والالتزام بالإجراءات الوقائية الجاري التنبيه بها يوميا سيحدث على الأقل تباطؤ في وتيرة العدوى إلى أن تختفي تماما وتصبح كورونا في زمن كان ونعبر الأزمة وتزول الغمة بإذن الله.