جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:02 صـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

د. فيصل رضوان يكتب: لقاح السل BCG وفاعليته ضد عدوى كورونا المستجدة

نتناول فى هذا المقال تقرير علمى مهم نشرته مجلة العلم Science الشهيرة تحت عنوان: هل يمكن للقاح السل الذي يبلغ عمره قرن من الزمان أن ينشط جهاز المناعة ضد الفيروس التاجي الجديد؟.

بدأ الباحثون في أربعة بلدان اختبارات سريرية لنهج غير تقليدي لمكافحة هذا الوباء، حيث يضعوا الان تحت الاختبار الافتراض القائل أن اللقاح BCG المصنوع من قرن من الزمان ضد السل (TB) tuberculosis وهو مرض بكتيري ، يمكن أن يعزز جهاز المناعة البشري بطريقة واسعة ، مما يسمح له بمحاربة الفيروس الذي يسبب COVID 19 ، وربما منع العدوى تماما. سيتم إجراء الدراسات على الأطباء والممرضات ، الذين هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى لطبيعة عملهم ، وكذلك كبار السن ، الذين هم أكثر عرضة للإصابة بأعراض خطيرة إذا أصيبوا.

وقد بدأ الأسبوع الماضى فريق في هولندا أولى التجارب. حيث يقومون بتجنيد 1000 من العاملين في مجال الرعاية الصحية في ثمانية مستشفيات هولندية يتلقى كل منهم إما اللقاح المسمى BCG، أو دواء وهمي (اى محلول لا يحتوى على اللقاح).

يحتوي BCG على سلالة حية ضعيفة من بكتيريا Mycobacterium bovis وهو سلالة قريبة جدا من M. tuberculosis الميكروب الذي يسبب السل فى البشر وتم تسمية اللقاح على اسم علماء الميكروبيولوجى الفرنسيين Albert Calmette و Camille Guérin ، اللذان اخترعوه في أوائل القرن العشرين. يُعطى اللقاح للأطفال في السنة الأولى من حياتهم في معظم بلدان العالم ، وهو آمن ورخيص - ولكن فقط يمكنه ان يمنع حوالي 60٪ من حالات السل لدى الأطفال ذلك في المتوسط ​​— مع وجود اختلافات كبيرة لنتائجه بين الدول.

من المعروف علميا أن اللقاحات ترفع بشكل عام الاستجابات المناعية الخاصة بمسببات الأمراض المستهدفة، وذلك بتنشيط الجهاز المناعي لتصنيع الأجسام المضادة التي تربط نوعًا واحدًا من الفيروسات تقتله دون سواه.

المشجع هنا هو أن هناك تقارير منشورة تؤكد أن لقاح BCG يزيد أيضًا من قدرة الجهاز المناعي على مكافحة مسببات الأمراض غير بكتيريا السل ، وفقًا لدراسات إكلينيكية وملاحظة نشرها على مدى عدة عقود الباحثان Peter Aaby و Christine Stabell Benn اللذان يعملان في غينيا بيساو. وخلصوا إلى أن هذ اللقاح يمنع حوالي 30٪ من العدوى بأي ممرض معروف ، بما في ذلك الفيروسات في السنة الأولى بعد إعطائه.

وقد انتقد هذه الدراسات المنشورة لمنهجها methodology، ورغم ذلك خلصت مراجعة أخرى أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2014 إلى أن BCG يبدو أنها بالفعل تقلل من الوفيات الإجمالية لدى الأطفال ، لكنها صنفت الثقة في النتائج على أنها "منخفضة للغاية".

وتمت مراجعة أخرى العام 2016 كانت أكثر إيجابية حول الفوائد المحتملة لـ BCG لكنها قالت إن هناك الحاجة لتجارب عشوائية randomized trials (هو نوع من التجارب يتم فيها اختيار عشوائى للمرضى لتقليل اى تحيز محتمل).

لتعزيز الأدلة وضعت عدة مجموعات بحثية دولية خطوات مهمة للتحقق من تأثير مصل BCG بشكل عام على جهاز المناعة. ووصفه Mihai Netea أخصائي الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة رادبود - بقوله أن اللقاح ربما يتحدى ما نعرفه من الكتب عن كيفية عمل جهاز المناعة.

عندما يدخل العامل الممرض pathogen الجسم ، تهاجمه أولاً خلايا الدم البيضاء هى تمثل الزراع الفطري للجهاز المناعي Innate immune system؛ ويتم التعامل مع ما يصل إلى 99٪ من العدوى. إذا فشلت هذه الخلايا فى القضاء على العدو ، فإنها تستدعي جهاز المناعة "التكيفي" adaptive immune system وفيها تبدأ الخلايا التائية T cells والخلايا البائية B cells المنتجة للأجسام المضادة بالانقسام للانضمام إلى القتال.

المفتاح لهذا هو أن بعض الخلايا التائية أو الأجسام المضادة هى يتم إنتاجها "خاصة" بالمُمرض pathogen ولذا يتم تزايد كبير لوجودها. وبمجرد التخلص من هذا العامل الممرض ، يتحول جزء صغير من هذه الخلايا الخاصة إلى خلايا ذاكرة تعمل على تسريع إنتاج الخلايا التائية T والخلايا B في المرة التالية التي يهاجم فيها نفس العامل الممرض الجسم فى المستقبل. وتعتمد اللقاحات جميعها على آلية الحصانة هذه.

لا تتكون مثل هذه الذاكرة المناعية فى خلايا الدم البيضاء بالجهاز المناعي الفطريه غالبًا-لكن المدهش أن فريق Netea اكتشف أن مصل BCG - والذى يمكن أن يبقى في جلد الإنسان لمدة تصل إلى عدة أشهر ، لا تحفز خلايا الذاكرة B و T الخاصة بالميكوباكتيريوم Mycobacterium-specific فحسب ، بل تحفز أيضًا خلايا الدم الفطرية لفترة طويلة. يسميها Netea وزملائه "الحصانة المدربة" Trained immunity.

وفي دراسة عشوائية مضبوطة نشرت في 2018 ، أظهر الفريق أن BCG يحمي من العدوى من شكل ضعيف من فيروس الحمى الصفراء.

وربما لن يزيل BCG العدوى بالكورونا المستجدة تمامًا ، ولكن من المرجح أن يخفف تأثيره على الأفراد.

ويبقى السؤال عما إذا كان أمرا اخلاقيا حجب الفوائد المحتملة لغرض تجريبه سريريًا اولا!

لكن الأخصائية Netea تؤكد إن التصميم العشوائي أمر بالغ الأهمية: "وإلا فلن نعرف أبدًا ما إذا كان هذا اختيار جيدًا للناس". وربما قد يكون لدى هذا الفريق العلمى إجابات في غضون بضعة أشهر.

استاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية بالولايات المتحدة الأمريكية

مراجع:

‏Higgins JPT et al.: Systematic review of the non-specific effects of BCG, DTP and measles containing vaccines https://bit.ly/39t818c

Association of BCG, DTP, and measles containing vaccines with childhood mortality: systematic review. BMJ. https://bit.ly/2UsRJrL

Rob J.W. et al.: BCG Vaccination Protects against Experimental Viral Infection in Humans through the Induction of Cytokines Associated with Trained Immunity. Cell 23. https://bit.ly/2JqyGs0

De Verize J: Can a centur